فــن الــحـــوار .

Admin عدد المساهمات : 1272 تاريخ التسجيل : 20/01/2011

بسم الله الرحمن الرحيم
فــــــــن الحـــــــــوار...
إلا تذكر يوماً من الدهر أنك جلست في مكان فاحتد الحوار بينك وبين شخص ما ..فبقي في نفسك عليه بغض أو غضب أياماً ..إذن نحن نتعب في جذب بعض الناس إلينا بممارسة مهارات متنوعة ..ثم نفرقهم عنا بموقف لا نحسن التصرف فيه ..المحاور كالذي يصعد جبلاً وعراً ..ينبغي أن يعتني بموضع يده وموضع رجله ..
الدخول في الحوار أو الجدل أمر غير محمود ..ولعلك توافقني أن أكثر من 90% من الحوارات والمجادلات غير مفيدة ..فحاول تجنب الجدال قدر المستطاع ..ولا تغضب إذا اعترض عليك أحد أو جادلك ..خذ الأمر بأريحية قدر المستطاع .. ولا تعذب نفسك بالتفكير في نية المعترض .. ماذا يقصد ولماذا أحرجني أمامهم ..لا تقتل نفسك بالهم ..تعامل مع الموقف بهدوء ..
فالرياح لا تهز إلا الصخورة الصغيرة .. وأنت جبل ..
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فاتحاً ..بعدما نقضت قريش العهد ..كان صلى الله عليه وسلم قد دعا الله أن يعمي عنه قريش ..ليبغتهم ..قبل أن يستعدوا للقتال ..فلما أقبل النبي علية الصلاة والسلام ..إلى مكة نزل قريباً منها ..ولم تعلم قريش بشيء ..ولكنهم كانوا يتوجسون ويترقبون ..فخرج في تلك الليلة أبو سفيان في نفر يتجسسون الأنباء ..وينظرون هل يجدون خبراً ..وأخذوا يقربون من المسلمين ..حتى وقع أبو سفيان في قبضة حراس المسلمين .فأقتادوه إلى جهة الرسول عليه الصلاة والسلام .وقد مروا بخيام الصحابة ولم ينتبه له أحد إلا عمر بن الخطاب .
ثم انظر الحوار الهادي :
بعد دخول العباس بأبي سفيان على الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل عمر فقال يارسول الله هذا أبو سفيان فدعني فلأضرب عنقه ؟ فقال العباس : يارسول الله إني قد أجرته ..ثم جلس العباس بجوار الرسول وأخذ برأسه وجعل يناجيه في أذنه ..
وعمر يردد : يارسول الله اضرب عنقه ..وقد يكررها .. ثم التفت إليه العباس وقال : مهلاً يا عمر ! فوالله أن كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا (أي لو كان من قرابتك ) فشعر عمر أنه في جدال لا يتناسب مع الحال الذي هم فيه ..ولا فائدة من النقاش ..فقال عمر بكل هدوء : مهلاً يا عباس ..مهلاً..فوالله لإسلامك يوم اسلمت ..كان أحب إلىّ من إسلام أبي الخطاب ..فلما سمع العباس ذلك سكت ..انتهى .
مع أنه في إمكان عمر يطيله ويزيده . فيقول :ماذا يقصد ؟هل تتهم نيتي ؟ هل تعلم ما في قلبي ؟ لماذا تثير النعرة القبلية ؟
بعدما بات أبي سفيان مع العباس في مخيمه : ذهب به بعد الفجر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
الحوار بين النبي عليه الصلاة والسلام وأبو سفيان :
قال الرسول : ( ويحك يا أبا سفيان .. ألم يأن لك أن تعلم أنه لاإله إلا الله ؟ فقال : بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! والله لقد ظننت أن لو كان لي مع الله إلهٌ غيره لأغنى عني شيئاً !
فقال صلى الله عليه وسلم ( ويحك يا أبا سفيان .. ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ وكان ابو سفيان صريح ..بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك !فقال له العباس : ويحك يا أبا سفيان أسلم ..فسكت قليلاً ثم قال : أشهد أن لاإله إلا الله .وأن محمد رسول الله . فسُر النبي عليه الصلاة والسلام .سروراً عظيماً .
فقال العباس :يا رسول الله ..إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ..فقال رسول الله ..(نعم ..من دخل دار أبي سفيان فهو أمن ..) فأنشدأبو سفيان رضي الله عنه بين يدي رسول الله ..أبياتاً يعتذر إليه مما كان مضى منه ..:
لعمرك إني يوم أحمل راية.....لتغلب خيلُ اللات خيلَ محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله ...فهذا أواني حين أهدي وأهتدي
هداني هاد غيرُ نفسي ونالني ...مع الله من طرَّدتُ كلَّ مطرد
أصدُّ وأنأى جاهداً عن محمد ...وأدعَى وإن لم أنتسب من محمد
فقيل إنه حين قال : ونالني ...مع الله من طرَّدتُ كلَّ مطرد
ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على صدره وقال : أنت طردتني كل مطرد ) .
فكرة
ليس الذكاء ان تنتصر عند الجدال ..وإنما الذكاء أن لا تدخل في الجدال أصلاً ......انتهى .
مختصر من كتاب : (استمتع بحياتك )للدكتور / محمد بن عبدالرحمن العريفي