شعر مصر الحزينة

بدمعي سطرت قصيد الشجونِ
لمصرَ بحسٍّ شجي الحنينِ

وضَمَّنت شعري سلامي لأمي
حبيبة قلبي حصن الحصونِ

وحبي وشوقي وحزني ووجدي
وروحي تطير لماء وطينِ

وغرسٍ جميلٍ بديعٍ رقيقٍ
بهيٍّ سنيٍّ شذي الغصونِ

نقيٍّ .. صَفِيٍّ .. وفِيٍّ .. عَلِيٍّ
شغوفٍ رءوفٍ شفيفٍ حنونِ

وضمدت جرحي بنفسي فنفسي
بجرح عميق أليم الطعونِ

بقلبي وروحي وجسمي توالت
بحزنِكِ مصرُ ضياءَ العيونِ

حبيبة مهجة نبضي وسعدي
ومهدي ولحدي وكل الشئونِ

وفرحي وحزني وشعري ونثري
وصمتي وقولي وشدوي الحزينِ

وعزمي تسامى لأعلى التلالي
وحالي ومالي وعزِّي المتينِ

وفقري وعسري ويسري ونصري
وقسري وغرسي وقمح الطحينِ

وخبزي وملحي وقطني وقزِّي
ولذة عيشٍ بهيجِ السنينِ

ولهوي وجدي وعَدْوي بدربي
وضحكة عمري وبعض الأنينِ

حياتي مماتي سماتي صفاتي
نباتي بناتي وشهد البنينِ

فمصر الحبيبة نور تجلَّى
برَوْح تخلل نبض الجنينِ

ومصر الجميلة روضٌ تبدَّى
بحسن تَعَدَّي حدَّ الفتونِ !

أحبكِ حبا مديدا سديدا
فريدا ودودا عديد اللحونِ

أغنِّي غنائي لشعب أَبِيٍّ
نقي ثري قوي العرينِ

كأُسْدٍ غضاب شداد بغاب
تلاقي عِدَاها بصف رصينِ

كثيفٍ مخيفٍ بحزمٍ وجزمٍ
وحسمٍ سريع ورفقٍ ولينِ

وكر وفر بقول وفعلٍ
جريءٍ مريرٍ مريءٍ مكينِ

فمصر الأبية في منتهاها
نضار البهاء بحسنٍ مصونِ

ومصر البهية في مرتقاها
مسار العلاء بنور مبينِ

ومصر الثرية تلقى ضيوفا
لديها بخير فسيح الصحونِ

بوجه بشوش سخي لطيف
ظريف بحبٍّ وقور السكونِ

تلاقي جموعا بشوق وود
وبسطٍ عظيم بكل الفنونِ

فنون الحياة لكل اللغات
تلاقت لديها بأحلى لحونِ

ففيها براعة شعب عريق
رقيق المشاعر حُرِّ الوتينِ

وفيها استقامت أصولٌ بوصفٍ
جليل جميل ظليل الكمونِ

فلا تخربوها بسلب ونهب
وجرم وظلم وفعل مشينِ

ولا تهتكوها بخزي حقير
عقور فظيع البلايا مُهينِ

ولا تزعجوها بويلٍ وليلٍ
بهيم عقيم سقيم المجونِ

ولا تفضحوها بيومٍ كئيبٍ
مريبٍ غريب شنيع الجنونِ

ولا تخذلوها بكرب وقهرٍ
لوغد ولص مكير خؤونِ

ولا تجرحوها ببغي خطير
بنزف الرزايا بجرحٍ ثخينِ

ولا تقتلوها بطعن خبيث
ببقر شنيع لكل البطونِ

ولا تذبحوها بنحر وقطع
بنصل العدوِّ الحسود اللعينِ

ولا تخسروها بفتك وهتك
ولا تعقروها بريب المنونِ

ولا تفسدوها بفسق وحرق
وَطَرْقٍ بِغِلٍّ وحقد دفينِ

ولا تحرقوها بنار وعار
شنار وقار بذلٍ وهونِ

وكونوا جميعا بقلب شفيقٍ
عليها إليها جميل الظنونِ

كنحل بشهد شهي ندِيٍّ
شذي الخلايا بعذب الطنينِ

كنسر بجو فسيح مليح
بصدح البلابل حلو الرنينِ

سأحيا حياتي محبا أمينا
لأمي بلادي برغم الشجونِ

وأدعو إلهي بدمعي وخوفي
بذلي لربي القوي المعينِ

ليحمي الحبيبة مصر المعالي
لتبقى بعز العزيز المتينِ

إلهي مليكي وربي نصيري
مغيث البرايا بشرع ودينِ

ولطف وستر وعفو ببسط
لعبد شحيح ضعيف ضنينِ

بدمعي سطرت شجوني لأمي
بهمٍّ رهيب مخيف الكمينِ

فمصر الحزينة بوحي ونوحي
ورُوحي وروْحي وشدوي الحزين

وهذا يقيني بربي ليحمي
حبيبة قلبي .. ونعم اليقينِ !

* * *
إلينا تعالي فأنت الحنان
إذا مات فينا زمان الوفاء
إلينا تعالي فأنت الأمان
إذا صارت الأرض للأشقياء
فيا دمعة أحرقت مقلتيا
ومنها سلكت دروب البكاء
ويا حزن عمري ويا كأس فرحي
إذا عز في العمر يوم الصفاء
سيبقى جمالك رغم الخريف
ورغم الرياح ورغم الشتاء
* * *

» دنيايا الحزينة