ثمرات الرضا في الحياة و أنواع الرضا وعلاماته
حياتنا بالرضا هى أحلى حياة ، وما يعود علينا من ثمرات ، هو الذي يحدد مقدار سعادتنا , في أى عمرنحن فيه ، ومن هذه الثمرات :
1ـ جزاء الرضا هو الرضا :
يقول صلى الله عليه وسلم :
[ إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضى فله الرضا ، ومن سخط فله السَّخط ]
2- أساس النجاح في الحياة
حياتنا هى تعايشنا مع الناس ، وتعاملاتنا مع المجتمع ، وحركتنا في هذه الدنيا ، وكل واحد منا يحب النجاح ويسعى إليه ، ومن أسهل الطرق للوصول إلى النجاح ، أن يكون الأساس متيناً وقوياً ، وأساس النجاح في حياتنا ، هو الرضا ، وتأمل معى ما ورد في هذه المجالات , من حياتنا اليومية ، في داخل بيوتنا :
أـ في مجال التجارة والرزق :
يقول تعالى :
{ ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم } النساء /29 .
ب- في مجال المقبلين على الزواج :
ــ يقول صلى الله عليه وسلم :
[ إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه , إلا تفعلوا , تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ] .
فكان الميزان في الرضا بالدين والخلق .
ــ وحينما سألت عائشة : يا رسول الله إن البكر تستحى ، قال : رضاها صمتها .
فكان الصمت ميزاناً لرضا الفتاة عن خطيبها
ج- في مجال غرفة النوم :
ــ وفي حياة الزوجين ، وفي غرفة النوم ، وفي الجماع ، لابد من توفر الرضا ، يقول صلى الله عليه وسلم :
[ والذي نفسى بيده ، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها ، فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء , ساخطاً عليها , حتى يرضى عنها ] .
وليس الرضا تحكم من الزواج أو سيطرة منه ، وإنما هو الحب الذي يحرك العاطفة ، ويجعل بينهما اللين واللطف والرقة ، ولن يتحقق ذلك إلا من الزوجين معاً ، فالرضا صناعة مشتركة بالتفاهم والحب والمودة .
د - في مجال العلاقات الزوجية :
يقول النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة :
[ إنى لأعرف غضبك ورضاك قالت : قلت : وكيف تعرف ذاك يا رسول الله ؟ قال : إذا كنت راضية قلت : بلى ورب محمد , وإذا كنت ساخطة , قلت : بلى ورب إبراهيم , قلت : ( أجل لست أهجر إلا اسمك ) ] البخارى .
وكأن عائشة توصى كل زوجين ، بأن أساس العلاقات بينكما هو الرضا ، والرضا في القلب ، بالحب والإحساس به ، وحركة اللسان فقط هى تعبير شكلى ، ولكن الحب محفور في القلب ، والهجر للاسم والشكل فقط .
3- الفوز بالرضوان الأكبر
كيف تفوز بالرضوان الأكبر ، الذى هو النظر إلى وجه الله الكريم ؟
ليس لذلك إلا طريق واحد ، بالرضا عن الإيمان ، يستوى في ذلك الرجل والمرأة , ولذلك يقول تعالى :
{ وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات عدن , تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، ورضوان من الله أكبر ، ذلك هو الفوز العظيم }التوبة / 72 .
4- البشارة بالجنة :
قي قوله تعالى :
{ يبشرهم ربهم , برحمة منه ورضوان , وجنات لهم , فيها نعيم مقيم } التوبة / 21 .
ويقول تعالى :
{ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ، لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار , خالدين فيها , رضى الله عنهم , ورضوا عنه , ذلك هو الفوز العظيم }
ويقول تعالى :
{ يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية }
5- الرضا نجاة من الصعاب
الحياة كبد كلها ، ليصنع الإنسان سعادته ، فالسعادة بيدنا وليست بيد غيرنا، والرضا هو النجاة من الكوارث والمصائب والأزمات
قال معروف الكرخي: قال لي بعض أصحاب داود الطائي: إياك أن تترك العمل، فإن ذلك الذي يقربك إلى رضا مولاك، فقلت: وما ذلك العمل قال: دوام الطاعة لمولاك , وحرمة المسلمين، والنصيحة لهم (وفيات الأعيان 5/232).
فقلة الرضا سبب لتعاسة الإنسان في هذه الحياة , وسبب لهجوم الهموم والغموم عليه .
سئل الحسن البصري: من أين أتِي هذا الخلق؟ قال: \"من قِلَّة الرضا عن الله\"، قيل له: ومن أين أتي قلّة الرضا عن الله؟ قال: \"من قلّة المعرفة بالله\".
عن عبد الرحمن بن إبراهيم الفهري : عن أبيه قال : أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه : إذا أوتيت رزقا مني فلا تنظر إلى قلته ، ولكن انظر إلى من أهداه إليك ، وإذا نزلت بك بلية ، فلا تشكني إلى خلقي ، كما لا أشكوك إلى ملائكتي حين صعود مساوئك وفضائحك إلي (المنتخب من كتاب الزهد والرقائق , للخطيب البغدادي 1/108.).
لما نزل بحذيفة بن اليمان الموت جزع جزعا شديدا فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : ما أبكي أسفا على الدنيا بل الموت أحب إلي ولكني لا أدري على ما أقدم على الرضا أم على سخط ؟. ابن أبي الدنيا : المحتضرين 1/122.
قال ابن سعدان:
تقنَّع بما يكفيك والتمس الرِّضا * * * فإنَّك لا تدري أتصبح أم تمسي
فليس الغنى عن كثرة المال إنَّما * * * يكون الغنى والفقر من قبل الَّنفس
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :\"إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. أخرجه البخاري 8/131(6502) .
والرضا نوعان:
أحدهما: الرضا بفعل ما أمر به وترك ما نهي عنه. ويتناول ما أباحه اللّه من غير تعدٍ إلى المحظور، كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} . التوبة: 62.
والنوع الثاني: الرضا بالمصائب، كالفقر والمرض ، فهذا الرضا مستحب في أحد قولي العلماء وليس بواجب، وقد قيل: إنه واجب، والصحيح أن الواجب هو الصبر. كما قال الحسن: الرضا غريزة، ولكن الصبر معول المؤمن.
وأما عن علامات الرضا فقد قال العلماء: علامات الرضا ثلاث:
1. ترك الاختيار قبل القضاء بالاستخارة.
2. فقد المرارة عند القضاء.
3. دوام حب الله في القلب بعد القضاء.
قال ابن القيم: \" الطريق طريقٌ تعِب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار الخليل ، وأُضْجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشر بالمنشار زكريا ، وذُبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب ... وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم \" . الفوائد ص (42).
صبد الفوائد و كنانة اون لاين