الحمد لله الذي هدانا لهذا
كان يوما ممطراً في نيويورك وكنت مرتبكة بحمل الأغراض الكثيرة في يد وتهدئة ابنتي الصغيرة في اليد الأخرى إذ تقدم أحدهم إتجاهي وعرض علي المساعدة.
كانت امرأة في الأربعين من عمرها ذات وجه حسن وسألت بصدق: ( هل تريدين المساعدة)??....
وأمام حيرتي وحاجتي الأكيدة لها قلت: ( نعم), وصلنا إلى باب المنزل مبللتين تماماً فرجوتها أن تصعد معي لشرب القهوة رداً للجميل فوافقت على مضض.
وبعد أن تسعرنا بدفء القهوة سألتني: ( أنت مسلمة؟) فأبتسمت وأجبت: ( نعم, فأنت تعرفين هذا من خلال حجابي, ولكن ماذا عنك؟) فقالت بحذر: ( أنا مسيحية) قلت أهلاً بك وأشكرك كثيراً على مساعدتك.
قالت: ( ظننت انك ستطردينني) فأجبت بدهشة: ( لماذا؟ بسبب دينك؟) فابتسمت وتابعتُ: ( هذا ليس من آداب الإسلام فالإسلام والحمد لله يحترم الأديان الأخرى فلدينا دين واسع رحب الصدر منفتح على العالم نسأل ونُسأل عن كل الأمور وللتصديق على كلامي أرحب بك دائماً في منزلي وسأعمل على إجابة أي تساؤل يخطر بالك حول الدين الإسلامي).
غادرت وهي مسرورة بصداقتي, ومنذ ذلك اليوم بدأت تلك المرأة تأتي لزيارتي بعد أن فتحت لها باب الأسئلة على مصراعيه.
كانت لديها فكرة خاطئة عن الإسلام والمسلمين ورويداً رويداً بدأت تنجلي أفكارها وأخذت تحب ديني الذي أعتز به وأفتخر دون أن أخدش مشاعرها من ناحية دينها.
لكن ماحصل هو أن بعض صديقاتي المسلمات ابتعدن عني عندما عرفن بصداقتي لها وأصبحن يتجنبن اللقاء بي عندما تكون في ضيافتي وأخذ لومهن لي يزداد يوما بعد يوم: ( كيف تدخلينها إلى منزلك؟ كيف تسمحين لها بلمس أغراضك؟ كيف تصلين وهي جالسة بقربك؟....) وكنت دائماً أحاول جاهدة أقناعهن بإن الإسلام طهر أصحاب الكتاب, ولم أكترث إليهن وبقيت لى صداقتي لهذه المرأة التي كانت تقترب مني يوماً بعد يوم.
وذات مرة فوجئت عندما سألتني عن كتب مترجمة من العربية إلى الإنكليزية تتحدث عن الإسلام.
سررت في قرارة نفسي إلى هذه المبادرة وبدأت أبتاع لها الكتب المناسبة بعد أن أهديتها قرآناً مترجماً.
وكان إذ استعصى علي سؤالاً أتصل مباشرة إلى الشيخ وآخذ منه الجواب الصحيح.
يوماً بعد يوم, وشهراً بعد آخر وسنة ومثلها أصبحت صديقتي تعرف كل شيء عن الإسلام.
وذات يوم كنت جالسة في منزلي أعلّم ابنتي سورة الإخلاص طرق الباب وعندما فتحت ذهلت بما رأيت.
لقد كانت صديقتي المسيحية تبتسم لي من خلال حجاب لفت به رأسها, وبادرتني سعيدة: ( لقد أشهرت إسلامي اليوم وفكرت أن تكوني أول من أبشره بهذا), ولقد كانت سعادتي لاتوصف إذ حضنتها باكية وأنا أقول لها: ( الحمد لله الذي هدانا لهذا..) فتابعت هي: ( و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..).
وبعد أيام قمت بدعوة جميع صديقاتي لأعرفهن على أختهن الجديدة في الأسلام وأنا أتمنى في قرارة نفسي أن يكن قد تعلمن درساً مفيداً من هذه التجربة المميزة التي لاتنسى