امرأة بعد الخمسين
قصة امرأة حكاها طبيبها المعالج يبين فيها احاسيس المرأة حين تصل الخمسين حبيت انقلها لكم بس لا تزعلو حبايبي الحلوات في المنتدى هي للمعلومه بس ربي يعطيكم العافيه
جاءتني ومسحة حزن تكسو ملامح وجهها الملائكي الهادئ، وبدأت أتعرف عليها فقالت: آمال، وبادرتني هي بالسؤال:
- كم تعطينني من العمر؟
- أواخر الأربعين.
- بل بدايات الخمسين.
- هل للحزن الذي يسكن في قاع عينيك من سبب؟
- أنا امرأة تعديت الخمسين، وما زال قلبي في العشرين، فأنا أرى الجمال في كل من حولي، أعشق كل ما هو جميل، وأحنو على كل ضعيف، ولكن جسدي الآن لا يطاوعني، وآلام عظامي حوَّلت هواياتي المحببة إلى هوايات معذبة.
قلبي لم يعرف يومًا شعور الغيرة، والآن تحول هذا المسكين إلى نار تكوي ضلوعي، حين أرى زوجي يشاهد التمثيليات ويظهر إعجابه سرًّا أو جهرًا بشباب تلك أو حيوية الأخرى.
كنت أضع رأسي على الوسادة فأنام نومًا عميقًا، ولا أستيقظ إلا على صوت المؤذن "الصلاة خير من النوم" لأبدأ يومي مع ربي في همة ونشاط أشيع البهجة والسرور في أسرتي الحبيبة، ونتوجه إلى أعمالنا في حيوية ونشاط؛ لنتقابل عصرًا حول طعام شهي لا يهمنا الصنف فكل الطعام كان متعة.
- والآن؟
أنهض متكاسلة للصلاة، تعلو الكآبة وجهي، الالتفاف حول الطعام أصبح عذابًا، إني أتساءل: هل هي الشعيرات البيضاء الزاحفة على مقدمة رأسي؟ أم هي آلام مفاصلي؟ أم التجاعيد التي أراها على رقبتي حين أنظر صباحًا في المرأة؟ أم هو التناقض بين قلبي الشاب المتعطش للحياة، وجسدي العجوز غير القادر على الوفاء.
نعم فقد بدأت مؤخرًا في العلاقة الحميمة التي أكون في شدة الاحتياج النفسي لها، تحدث لي متاعب موضعية في جسدي وخفقان في القلب يجعلاني أكتم هذه الرغبة وأشعر بحزن عميق، وتنتابني آلام الغيرة كما قلت لك مسبقًا حين أرى عيون زوجي تطالع شباب وحيوية الممثلات.
- هل من حل لمشكلتي؟
- لكل مشكلة حل يا سيدتي أتشكين في ذلك؟
- لو كنت أشك ما حضرت إليك لأستشيرك.
- إن ما تصفينه يا سيدتي، هو ما نُدَرِّسه لطلبة الطب عن مشاكل المرأة بعد الخمسين، هذه الأعراض لها أسباب فسيولوجية، ففي هذه السن يبدأ انخفاض هرمون الأستروجين الذي نطلق عليه خط الدفاع الأعظم عند المرأة ضد تقلبات المزاج، وهشاشة العظام وحماية القلب من الأزمات.
إن زيارة واحدة لطبيبة أمراض النساء والتوليد يتم فيها التأكد من إمكانية أخذ الهرمون التعويضي، يليها الزيارة التي أنت الآن بصددها لطبيبة الأمراض النفسية؛ حيث سأصف لك بإذن الله مجموعة من التدريبات النفسية التي ستعيد لك التوافق النفسي لتشعري بجمال هذه المرحلة: هل تسمحين لي أن ألخص متاعبك؟
- تفضلي.
- ولكن عليك أنت أن تقومي بترتيبها من حيث الأهمية بالنسبة لك فأعراضك تنقسم إلى مجموعة أعراض جسدية ومجموعة أعراض نفسية.
الأعراض الجسمية مثل: آلام المفاصل، وخفقان القلب أثناء العلاقة الحميمة، والمتاعب الموضعية نتيجة لقلة الإفرازات اللازمة لإتمام العلاقة الحميمة بدون الآلام.
أما الأعراض النفسية كما ذكرتها فهي الشعور بالغيرة، والكسل، والكآبة، وعدم القدرة على مشاركة الآخرين في النشاطات اليومية.
- ترتيب شكواي الجسمية هو الألم الموضعي أثناء العلاقة الحميمة، يليه خفقان القلب، ثم آلام مفاصلي التي أتغلب عليها بالمسكنات. أما ترتيب شكواي النفسية فهو كما ذكرته سالفًا.
- سأصف لك وصفة طبية ستخلصك بأمر الله تعالى من جميع أعراضك.
1 - أخذ الهرمون التعويضي أو العلاج الموضعي بعد استشارة طبيبة أمراض النساء، فهذه الخطوة ستخلصك من آلام المفاصل والمتاعب الموضعية نتيجة لقلة الإفرازات أثناء العلاقة الحميمة.
2 - المشي يوميًّا لمدة ساعة مع النظر إلى اللون الأخضر؛ علمًا بأن المشي يجب أن يبدأ بالتدريج من ربع ساعة مع زيادة خمس دقائق كل أسبوع حتى نصل لهدفنا وهو ساعة يوميًّا. إذا نجحت أن تقنعي زوجك الحبيب في أن يتريض معك هذه الساعة فستكون الفائدة أعم؛ حيث إن المشي يؤدي إلى خفض الكولسترول، ويقوي عضلة القلب فيمنع حدوث خفقان القلب عند عمل أي مجهود، والنظر إلى اللون الأخضر يدخل البهجة في القلب ويقضي على الشعور بالكآبة، أما الصحبة الطيبة مع رفيق رحلة الحياة كفيلة بأن تؤلف القلوب وتطمئن النفوس، وفي حالة عدم تمكنه من عمل هذه الرياضة معك فأنت في معية الله ولتتريضي ولسانك شاكر له، وقلبك عامر بحبه.
3 - المحافظة على الصلوات في موعدها وإن أمكن في جماعة؛ حيث إن الصلاة المنتظمة تؤدي إلى إعادة تنظيم الإيقاع الداخلي؛ فيؤدي ذلك إلى تحسن المزاج والشعور بالهمة، كما أن الصلاة في جماعة تساعدك على التخلص من عرض عدم القدرة على مشاركة الآخرين في النشاطات اليومية.
4 - بعد الانتهاء من كل صلاة عليك أن تركزي في نقطة أمامك مع ترديد ذكر معين في سرك؛ حتى تتمكني من منع أي أفكار أن تتداخل في ذهنك لمدة خمس دقائق، وهذا ما نطلق عليه التأمل الارتقائي، وهو مفيد جدًّا لإعادة التوازن النفسي ومحاربة الكآبة.
5 - شعور الغيرة هو شعور يدمر صاحبه وقد يفقده عقله، وسأطرح عليك عدة أساليب لمواجهة هذا الشعور البغيض، تخيري منها ما يتلاءم مع شخصيتك:
الأول: أن تخبريه صراحة بما تحملينه في صدرك، وأنك فعلت هذا لأنك تعلمين مقدار الحب الذي يكنُّه لك، وتعلمين أيضًا مدى حرصه على مشاعر من حوله.
الثاني: أن تطلبي منه بأسلوب رقيق وبدون عصبية أن يغيِّر قناة التلفاز.
الثالث: أن تذكِّريه بأن غض البصر مطلوب لنفسه ولأولاده؛ حيث إنه قدوتهم.
غير أني لا أحبذ الأسلوب الثالث؛ حيث إن النصح المباشر للرجل من المرأة في مجتمع تسوده نظرة دونية للمرأة قد يأتي بنتيجة عكسية، والأمر يحتاج للطف وحكمة، ولاهتمام بمظهرك وهو ما قد تهمله المرأة مع تقدم السن للأسف.
6 - ومن أفضل النصائح لتجنب الأرق عند النوم هو أن تشربي كوبًا من اللبن الدافئ المحلى بالعسل الأبيض.
وفي النهاية أريد أن أهمس في أذنك بأن زوجك يدركك في عقله كما رآك أول مرة العروس التي اختارها ليكمل معها مشوار الحياة، وهذه ظاهرة أقرتها الأبحاث النفسية.
تأكدي إن اتَّبعت هذه التدريبات فستتخلصين من جميع آلامك، وستستعيدين توافقك النفسي، وتشعرين بجمال هذه المرحلة، وينقشع هذا الحزن الذي يغطي هذا الوجه الملائكي، وتعودين اسمًا على مسمى، تشعي آمالك على كل من حولك.