للمرأة في الإسلام مكانة عظيمة ودور هام , لم تمنح تلك المكانة أو الصدارة في دين أو شريعة غير الإسلام
وحديثنا اليوم عن امرأة فاضلة صابرة شامخة ومجاهدة لم تقل منزلتها عن سائر المجاهدين الرجال.
أنعم الله عليها بأحمد الصفات، وأفضل الخصال، فأصبحت رمزا للتضحية والفداء، ومثلا في الإخلاص والوفاء.
في وقت المحن والملمات صابرة محتسبة، وفي زمن الجهاد والغزوات فارسة منتصرة.
هي أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية,
وأمها فاطمة بنت الوليد.
كانت أم حكيم تتمتع بعقل ثاقب وحكمة نادرة, زوجها أبوها الحارث في الجاهلية من ابن عمها عكرمة بن ابي جهل وهو من النفر الذين اعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اهدار دمهم فلما انتصر المسلمون وتم فتح مكه هرب عكرمه إلى اليمن وهو يعلم ما توعده من رسول الله.
وذاقت هي حلاوة الإسلام وحسن إسلامها ,وبقلب الزوجة المحبة لزوجها أرادت له الخير وتمنت له الدخول في دين الله لينعم في ظله ويتمتع بحلاوة الإيمان
ولكنه فر هاربا إلى اليمن مخافة العقاب من رسول الله
فهل تستسلم أم حكيم لهذا الأمر ؟أم تتصرف بوفاء الزوجة الصالحة التي لا تقبل لزوجها النار وعذابها ؟
قادتها حكمتها وعقلها الى الذهاب الى رسول الله صلي الله عليه وسلم تطلب الامان لزوجها اذا عاد مسلما.
وغمرت السعاده قلبها وهي تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفح عنه و يأمنه على نفسه.
وانطلقت خلف زوجها مسرعة قبل أن يركب البحر ولكنها لم تدركه
وعانت من وحشه الطريق وقله الزاد ولكنها لم تيأس ولم تضعف فالغاية عظيمة يهون من اجلها الكثير فالأمر يستحق المعاناة والصبر والجلد إنها جنة أو نار
وشاءت قدره الله لها ان تدرك زوجها في ساحل من سواحل تهامة وقد كاد يركب البحر.
فقالت له: "يا ابن عمّ، قد جئتك من عند أَوْصَلِ الناس، وأبرِّ الناس، وخيرِ الناس.. لا تُهلك نفسك، إني استأمنت لك محمدًا صلى الله عليه وسلم ".
فقال لها: أنت فعلتِ هذا؟!
قالت: نعم
وهكذا نجحت أم حكيم بزرع البذور الطيبة في نفس زوجها وعادت به إلى رسول الله ليعلن إسلامه بين يديه وليجدد بهذا الإسلام شبابا كاد أن يضيع في ظلمات الجهل والوثنية.
وفتح رسول الله قلبه ليحتوي الشاب العائد بكلية ليعلن ولاءه لله ولرسوله.
هذا عكرمة الذي تصدى خلال فتح مكة لسرية من جيش المسلمين على رأسها صديق شبابه خالد بن الوليد , وعندما اشتد القتال بينهما ولما شعر باقتراب الهزيمة فر هاربا وأهدر الرسول دمه.
ولكن سماحة الإسلام تقول أن الإسلام يجب ما قبله كما تجب التوبة ما قبلها
هذا عكرمة وقد أحسن إسلامه بفضل الله ثم بوفاء الزوجة الصالحة التي لم ترد لزوجها العذاب.
وقد كان في قتال الأعداء جاداً بنفسه حتى قيل له ارفق بنفسك، فقال: كنت جاهد بنفسي عن اللات والعزى فأبذلها لها افأستبقيها الآن عن الله ورسوله؟ لاوالله أبداً. قالوا: فلم يزد إلا إقداماً حتى قتل، وكان استشهاده في يوم اليرموك وقيل بأجنادين وقيل الصفر وكان ذلك في خلافة أبي بكر ولقد وجدوا فيه بضعاً وسبعين من بين ضربة وطعنة ورمية.
رضي الله عن عكرمة وأرضاه
وصبرت الزوجة على فراق زوجها ورضيت بقضاء الله وحمدت الله أن مات على الإسلام وفي سبيل إعلاء كلمته
وبعد فترة من الزمن تزوجها خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عن الجميع، فلما أصبحا أولم لرهطه وليمة وما كاد ضيوفه يفرغون من طعامهم حتى نزلت بهم الروم من كل جانب، واحتدم قتال مرير.
و استشهد في سبيل الله خالد بن سعيد
وكانت أم حكيم تسقي الجنود، وتداوي الجراح فلما رأت ما وقع لزوجها نزعت عمود خيمتها، وانطلقت تقاتل به، قتال الأبطال وقتلت من جنود الروم سبعة رجال، وأدخلت بشجاعتها الرعب في قلوب الأعداء.
وبعدها تزوجها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعاشت معه مدة قصيرة انتقل بعدها إلى جوار ربه، بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي بخنجر مسموم، وهو قائم يصلي في المحراب إماما للمسلمين في صلاة الفجر.
هذه هي المجاهدة الصابرة الوفية المخلصة أم حيكم بنت الحارث
زوجة الشهداء وصانعة الأمجاد ومربية الأبطال
رحم الله صحابة رسول الله ورضي عنهم وجمعنا بهم في جنته