بقلم ابنه سلمان سعيد الزياني :
الحمد لله رب العالمـين
والعـاقبة للمتـقين ولا عدوان إلا على الظالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم
وبارك وعلى آله وصحبه أجمعين
ما أحوج الناس في هذا الزمان إلى البركة في كل أمور الحياة , والبركة قد جعلها الله تعالى في الإيمان وفي الدعوة إلى الإيمان , فإذا أراد الرجل أن يكون مباركًا فعليه بالدعـوة إلى الله لأن الرجـل المـبارك هو المـعلم للخير, الداعي إلى الله .
كان الوالد رحـمه الله قافـلًا (راجعًا) من رحلة دعـوية
ونزلت الطائرة في روما ( إيطاليا )
على أن تـقل مسافـرين آخريـن إلى باريـس ( فرنسا )
وكان الوالد رحمه الله فـي هذا الوقـت مقـيماً في بـلـجـيـكـا .
فقـال في نـفـسـه: (بإذن الله أي شخص يجلس بجانبي سأدعوه إلى الله)
لأن الدعوة إلى الله لجميع شرائح المجتمع
وكلُّ إنسانٍ يُدعى إلى الدرجةِ الأعلى من التي هو فيها .
فبدأ الركاب بالصعود إلى الطائرة فإذا بقسيسٍ ركب الطائرة فلما رآهُ الوالد رحمه الله قال في نفسه : (إن شاء الله يجلس بجانبي )
وسبحان الله إذا بمقعد هذا القسيس عند مقعد الوالد رحمه الله.
فجلس القسيس بجانبه وأكرمه الوالد ورحَّب به بالبشاشة والابسامة
( وهذه تُسمى في ديننا المُداراة وهي التلطفُ بالكافر
والفاسق والفاجر تُريد هدايته )
فبدأ التحدُث معه بالفرنسية
وكان الوالد رحمه الله يُجيد التحدثَ باللغة الفرنسية
فلم يبدأ مباشرةً بالكلام معه عن الدين بل بدأ بالكلام عن أمور الدنيا ولكنه ينوي الدين وقال في نفسه ( ياربِّ إني أحتسب عليك كل كلمة
أقولها بالفرنسية عن الدنيا)
وهنا قد فهم معنى مقولةٍ لأحد الدعاة قال فيها
( هناك من الناس من دنياهم عند الله دين
وهناك من الناس من دينهم عند الله دنيا )
الذي يتكلم في الدنيا ونيته الدين يأجره الله على كلامه لأن نيته الدعوة إلى الله
والذي يتكلم بالدين ويتكلم بالآيات والأحاديث ولكنَّ همَّه الدنيا فدينهُ عند الله دنيا لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو القائل
( من تعلَّم علماً مما يُبتغى به وجه الله تعالى لايتعلمه إلا ليصيب عرضاً من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة )
رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح
واستمروا في تبادل أطراف الحديث إلى أن سأل هذا القسيس سؤالًا
فقال : ( أنتم العرب عندكم كلمة عجيبة وأريد أن أفهمها )
فقال له الوالد : ماهي هذه الكلمة ؟
قال له : ( كلمة " بركة " )
قال الوالد في نفسه : ( بسبب هذه الكلمة سيبارك الله تعالى
وتدخل في دين الله بإذن الله )
فبدأ بتفسير كلمة بركة وبدأ يُهيِّئُهُ حتى يسمعه وقال له الوالد مستئذنًا
( حتى أفسر لك هذه الكلمة أحتاج إلى بعض الوقت )
فقال القسيس ( لامانع لدي ..إلى باريس )
فتكلم معه قليلًا عن البركة
ثم قال له :
وما رأيك أن أدُلَّك على أسباب البركة؟
تريد البركة في الرزق, تريد البركة في الصحة,
تريد البركة في الذرية أدلك على أسبابها ..
فقال له القسيس : وماهي أسبابها ؟
فبدأ بالتحدث معه عن الإيمان بالله تعالى
وبدأ في الكلام من الأشياء المشتركة بيننا وبينهم
ثم بدأ في الكلام عن التوحيد ..
والقسيس يقول له : نعم , نعم , كلامك صحيح .
فتكلم عن الإيمان بجميع أركانه .
يقول الوالد رحمه الله :أدخلته القبر ثم انتقلتُ به إلى الحشر
ثم انتقلتُ به إلى الصراط ثم الميزان ثم خيَّرتهُ بين الجنة وبين النار .
فبعد التفصيل في كلام الإيمان بدأ وجه الرجل يتغير لأنه في دينهم ممنوع السؤال وفي دين الإسلام السؤال هو نصف العلم .
ثم تعرَّج بعد الكلام عن الإيمان إلى الكلام عن التقوى ( تقوى الله )
وبيَّن له ما معنى التقوى كما قال ابن مسعود رضي الله عنه :
( تقوى الله أن يُطاع فلا يُعصى وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفر)
وبيّن له أثر اجتماع الإيمان والتقوى في حياة الإنسان
مثل العملية الحسابية 1+1=2
إيمان + تقوى = بركات
ثم ذكر له قول الله عزوجل
{ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليه بركاتِ من السماء والأرض }
قال الوالد رحمه الله :
( ما وصلنا إلى باريس إلا والقسيس الذي تخرَّج حديثا من الفاتيكان
حتى يُطفئ نور الله
يقول { أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله } )
ثم تذَّكر الوالد رحمه الله قول الله عزوجل
(وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)
فهذا القسيس بدل أن يسعى لإطفاء نور الله
دخل إلى باريس يوحِّد الله تعالى
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات