قصة لم أسمع بها على مر الأزمان...حتى في كتب الفرس والطليان...فسآلت دموع عينيآ وأصبحت نهران...وخلفت في أعقابها شقوق الوديان...
فأخذت أقرأ في كتب الأديان...وما قيل في نوحٍ وأيوب وذو القرنان...وفي قصص فرعون وهامان...حتى قرأت قصة آل عمران...وعندها توقف الدمع عن الجريان...وتجمد قلبي كحجر الصوان...
فقررت أن أعبر الخلجان...إلى دولةٍ على ضفافها بحران...وأرى كيف هو حال الأنسان...فلم أرى سوى سراباً يشبه الدخان...ومن خلفه رأيت قصر السلطان...يقف على بابه جندٌ صلبان...وأمام قصره طيور العقبان...قد أمتلأت بطونها من لحوم الجثمان...عندها أيقنت بوجود الطغيان...والظلم أصبح على مرئى الأعيان...فدخلت القصر لأطلب الأمان...فلم أرى أمامي سوى كلبان...ومن خلفهم المارد والجان...ويطوف عليهم النساء والغلمان...ولا فرق بينهم وبين الحيوان...فعرفت ان هذا قصر الشيطان...
فخرجت من القصر لأعلن العصيان...وحملت متاعي وركبت الحصان...وعبرت به السهول والكثبان...في رحلةٍ دامت قرابة أسبوعان...وأصابني بها ما يصيب العطشان...حتى أقبلت على جبلان...وإذا بي أسمع صوت الأذان...وخرج لي جندٌ شجعان...فيهم جموحٌ وغضبٌ يشبه الطوفان...وفي وجوههم نور الإيمان...فبادرتهم بسلام وطلبت الأمان...
فقالو أقبل أيها الضمأن...فأقامو الصلاة وأصطف الحشود والأعيان...وقرأ الأمام سورة الفرقان...وبعد السلام أجتمع الفرسان...
فقلت لهم حان الوقت حان...لنعلن الحرب وندحر الطغيان...ونبيد الظلم ونطرد الشيطان...فالله معكم يا جند الرحمان...فسترجل القوم وأعدو الجيشان...ليغيرو على القصر من الجانبان...فسار الجيش مسيرة الشريان...حتى أقبلنا على قصر الشيطان...فاندلعت الحرب فأصبحت حربان...ودام حصار القصر شهران...ولم يبقى من الزاد سوى الأسودان...فأخذت أقص عليهم بأمجاد طالبان...وما فعلنا في أرض الروس والشيشان...ثم رأينا السيوف والرماح ترمى من خلف الجدران...ورفعت راية الاستسلام وفتحت البيبان...وخرج أتباع الشيطان يطلبون الغفران...فكبر الجمع وأصبح النصر نصران...وسجد الرجال والشيوخ والصبيان...فالحمد الله الناصر الرحمان...وعندها قام الإمام ليعلن الأذان...ورجع بما كان يعرف بالأمان...
فقررت الرجوع إلى الأوطان...وعند الوصول أستقبلني بنتان...بنتٌ اسمها نور والأخرى حنان...فسألت عن حال الأوطان...وعن حال سورية ولبنان...فقالو قد أفترق الجمعان...وفلسطين أصبحت في طي النسيان...والرجال أصبحو كأنهم نسوان...والملوك في قصورهم يعزفون الكمان...وأصبحنا نعيش عيشة الصيصان...ونقتات على الحب والديدان...فعرفت أن هذا الزمان لعبة الفنان...ولعبةٌ لا يتقنها إلآ الغادر الخوان.
فيآ سلوى يا ابنت اللؤلؤ والمرجان...أفآ بعد هذا القول قولان...فكم وكم رأينا من خلآن...جرحو في دروب الحب والعنفوان...فالبعض به جرح والبعض الآخر جرحان...فالحب لا يجتمع إلآ بقلبان...فلا يختلط عليك الأمران...فليس رجال العصر بسيان...فروح واحده وليست روحان...
فهذه قصة لم أسمع بها على مر الأزمان.