الصبر
هو حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله قال تعالى ((والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم)).الرعد 22
والصبر ثلاثة انواع :
صبر على طاعة الله
وصبر عن معصية الله
وصبر على أقدار الله المؤلمة
أما السبب عليه: فهو ((ابتغاء وجه الله)) قال تعالى ((ولربك فاصبر))المدثر7
فالصبر الذي لا يكون باعثه وجه الله لا أجر فيه وليس بمحمود.
الصبرمن أبرز الأخلاق الوارد ذكرها في القرآن حتى لقد زادت مواضع ذكره فيه عن مائة موضع، وما ذلك إلا لدوران كل الأخلاق عليه، وصدورها منه،
فكلما قلبت خلقاً أو فضيلة وجدت أساسها وركيزتها الصبر،
فالعفة: صبر عن شهوة الفرج والعين المحرمة،
وشرف النفس: صبر عن شهوة البطن،
وكتمان السر: صبر عن إظهار مالا يحسن إظهاره من الكلام،
والزهد: صبر عن فضول العيش،
والقناعة: صبر على القدر الكافي من الدنيا،
والحلم: صبر عن إجابة داعي الغضب،
والوقار: صبر عن إجابة داعي العجلة
والطيش، والشجاعة: صبر عن داعي الفرار والهرب،
والعفو: صبر عن إجابة داعي الانتقام،
والجود: صبر عن إجابة داعي البخل،
والكيس: صبر عن إجابة داعي العجز والكسل
وهذا يدل على ارتباط مقامات الدين كلها بالصبر،
لكن اختلفت الأسماء واتحد المعنى
ومن هنا ندرك كيف علق القرآن الفلاح على الصبر وحده ((وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً)) الانسان 2
((أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقون فيها تحية وسلاماً))الفرقان 75
اذالا نجاح في الدنيا ولا نصر ولا تمكين إلا بالصبر،
ولا فلاح في الآخرة ولا فوز ولا نجاة إلا بالصبر،
فلولا صبر الزارع والدارس والمقاتل وغيرهم ماظفروا بمقاصدهم بالدنيا
فالصبر سبب دخول الجنة، وسبب النجاة من النار
قال رسول الله"حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات"،
فيحتاج المؤمن إلى صبر على المكاره ليدخل الجنة، وإلى صبر عن الشهوات لينجو من
النار
وأن كثرة معاصي العباد في قلة الصبر عما يحبون، وقلة الصبر على مايكرهون
وأهل الإيمان أشد الناس حاجة إلى الصبر لأنهم يتعرضون للبلاء والأذى والفتن
قال تعالى ((لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور)) ال عمران 186
وإمامنا بالدعوة إلى الصبر سيدنا محمد صل الله عليه وسلم
لقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم صنوف الأذى البدني والنفسي والمالي والاجتماعي والدعائي وغيره، وقاوم ذلك كله بالصبر الذي أمره به الله في عشرين موضعاً في القرآن كلها إبان العهد المكي لأنه عهد البلاء والفتنة والضعف وتسلط الكافر،
كما ذكر بالقران الكريم: ((تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك. ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين))، هود 49
((واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون... الآية)). النحل 127 ((واصبر لحكم ربك، فإنك بأعيننا، وسبح بحمد ربك حين تقوم))الطور 48.
فأمر بالصبر لحكمه وهو سبحانه لا يحكم إلا بالحق والعدل،
و الصبر المتعلق بالتكليف وهو صبر إما على الطاعة أو عن المعصية
أفضل من الصبر على مر القدر فإن هذا الأخير يأتي به البر والفاجر والمؤمن والكافر
فلابد لكل انسان من الصبر على القدر اختياراً أو اضطراراً،
أما الصبر على الأوامر وعن النواهي فهو صبر أتباع الرسل،
والصبر على الأوامر أفضل من الصبر عن النواهي
لأن فعل المأمور أحب إلى الله من ترك المحظور
والصبر على أحب الأمرين أفضل وأعلى
وفضائل الصبر كما ورد بالقران
علق الله الصبر بالفلاح بقوله: ((ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)) ال عمران 200.
الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره: ((أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا))القصص54 وقال: ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)) الزمر 10.
تعليق الإمامة في الدين به وباليقين: ((وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون)) السجده 24.
ظفرهم بمعية الله لهم : ((إن الله مع الصابرين))الانفال 46.
جمع الله للصابرين ثلاثة أمور لم تجمع لغيرهم: ((أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)) البقره 157.
جعل الصبر عوناً وعدة، وأمر بالاستعانة به : ((واستعينوا بالصبر والصلاة)).البقره 45
علق النصر بالصبر والتقوى فقال: ((بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)) ال عمران 125.
جعل تعالى الصبر والتقوى جنة عظيمة من كيد العدو ومكره فما استجن العبد بأعظم منهما: ((وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئاً))ال عمران.
أالملائكة تسلم في الجنة على المؤمنين بصبرهم ((والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)) الرعد.
رتب الله سبحانه المغفرة والأجر الكبير على الصبر والعمل الصالح فقال: ((إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير)) هود 11.
جعل سبحانه الصبر على المصائب من عزم الأمور: أي مما يعزم من الأمور التي إنما يعزم على أجلها وأشرفها: ((ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور)) الشورى 43.
سبحانه جعل محبته للصابرين: ((والله يحب الصابرين))ال عمران 146.
أنه تعالى قال عن خصال الخير: إنه لا يلقاها إلا الصابرون: ((وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)) فصلت 35.
سبحانه أخبر أنما ينتفع بآياته ويتعظ بها الصبار الشكور: ((إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور)) لقمان31.
أنه سبحانه أثنى على عبده أيوب أجل الثناء وأجمله لصبره فقال: ((إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب))ص، فمن لم يصبر فبئس العبد هو.
أنه حكم بالخسران التام على كل من لم يؤمن ويعمل الصالحات ولم يكن من أهل الحق والصبر: ((والعصر، إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا... السورة)) العصر.
قال الإمام الشافعي:"لو فكر الناس كلهم في هذه الآية لوسعتهم، وذلك أن العبد كماله في تكميل قوتيه: قوة العلم، وقوة العمل، وهما: الإيمان والعمل الصالح وكما هو محتاج لتكميل نفسه فهو محتاج لتكميل غيره، وهو التواصي بالحق، وقاعدة ذلك وساقه إنما يقوم بالصبر".
أنه سبحانه خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر والمرحمة الذين قامت بهم هاتان الخصلتان ووصوا بهما غيرهم فقال تعالى: ((ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، أولئك أصحاب الميمنة)) البلد 17.
أنه تبارك وتعالى قرن الصبر بمقامات الإيمان وأركان الإسلام وقيم الإسلام ومثله العليا، فقرنه بالصلاة ((واستعينوا بالصبر والصلاة)) البقره 45
وقرنه بالأعمال الصالحة عموماً ((إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات))هود11،
وجعله قرين التقوى ((إنه من يتق ويصبر))يوسف 90،
وقرين الشكر ((إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور)) ابراهيم 5،
وقرين الحق ((وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر))العصر،
وقرين المرحمة ((وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة)) البلد 17،
وقرين اليقين ((لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون))السجده24،
وقرين التوكل ((نعم أجر العاملين))، ((الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون))،
وقرين التسبيح والاستغفار ((فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار)) غافر 55،
وقرنه بالجهاد ((ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين)) محمد 31.
إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم ((ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون)) النحل 96.
نسأل الله ان يجعلنا من عباده الصابرين
وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد.