للشاعر الفلسطيني
جمال إسماعيل حمدان زيادة
بعنوان
في حب مصر
اوَلْتُ أُدْرِكُ سِرَّ مِصْرَ , وَنِيْلَهَا
فَاحْتَرْتُ فِيْ أَمْرِيْ , وَتَاهَ دَلِيْلِي
إِنْ غِبْتُ عَنْهَا . لاَ تُفَارِق مُهْجَتِيْ
حَتَّىَ أَعُوْدَ إِلَىَ ضِفَافِ النِّيلِ
فَإِذَا أَتَيْتُ , فَمَا أُقَاوِمُ سِحْرَهَا
وَتَخِرُّ أَرْبَعَتِيْ مِنَ التَّبْجِيْلِ
قَارَنْتُ مِصْرَ بِغَيْرِهَا , فَتَدَلَّلَتْ
وَعَجِزْتُ أَنْ أَحْظَىَ لَهَا بِمَثِيْلِ
مَا السِّرُّ مِصْرُ ؟ فَمَنْ سِوَاكِ لِعَثْرَتِيْ
هَلْ مِنْ سَبِيْلٍ فِيْ شِفَاءِ غَلِيْلِيْ ؟
لَكِ مِنْ إِبَاءِ الشَّامِخَاتِ إِلِىَ العُلاَ
فِيْ كُلِّ حَقْلٍ مُثْبَتٍ بِدَلِيْلِ
هَذِيْ الْحَضَارَةُ مُعْجِزَاتٌ فيِ الوَرَىَ
عَقِمَ الزَّمَانُ بِمِثْلِهَا كَبَدِيْلِ
رَفَعَ الإِلَهُ مَقَامَهَا , وَأَجَلَّهُ
فِيْ الذِّكْرِ , وَالتَّوْرَاةِ , وَالإِنْجِيْلِ
جَاؤا بِيُوْسُفَ مِنْ غَيَاهِبِ ظُلْمَةٍ
أَرْضَ العَزِيْزِ , فَكَانَ خَيْرَ نَزِيْلِ
مَنْ فِيْ الشِّدَادِ سِوَاكِ مِصْرُ تَكَفَّلَتْ
بَيْتَ النُّبُوَّةِ مِنْ عَطَاءِ نَبِيْلِ ؟
والنِّيْلُ يَتْبَعُ وَحْيَ مُنْشِئِ قَطْرِهِ
كَالطَّيْرِ حِيْنَ الوَحْيِ , عَامَ الفِيْلِ
يَحْنُوْ عَلَىَ طِفْلٍ فَنَامَ بِمَهْدِهِ
فَلَكَمْ لِنِيْلِكِ مِنْ يَدٍ بِجَمِيْلِ ؟
فيِ طُوْرِ سَيْنَاءٍ تَجَلَّىَ رَبُّنَا
فوْقَ الكَلِيْمِ , بِأَوَّلِ التَّنْزِيْلِ
وَكَذَا البَتُوْلُ , أَتَتْ لِمِصْرَ بِإِبْنِهَا
تَبْغِيْ الأَمَانَ , وَتَحْتَمِيْ بِمَقِيْلِ
يَكْفِيْكِ يَا أَرْضَ الكِنَانةِ هَاجَرٌ
مِيْلِىْ بِتِيْهٍ , يَا كِنَانَةُ مِيْلِي !
يَا ( أُمَّ إِسْمَاعِيْلَ) : وَصْلُكِ وَاجِبٌ
مَنْ عَقَّ مِصْرَ فَقَدْ أَتَىَ بِجَلِيْلِ
ِبثرَاكِ يَرْقُدُ خَيْرُ عِتْرَةِ مُرْسَلٍ
طِيْبٌ يَفُوْحُ , وَبَلْسَمٌ لِعَلِيْلِ
هَذِيْ عِنَايَةُ قَادِرٍ خُصَّتْ بِهَا
مِصْرٌ , لِتَبْقَىَ مَوْضِعَ التَّفْضِيْلِ
بُوْرِكْتِ مِصْرُ , فَلاَ أَرَانِيَ بَالِغاً
حَقَّ الْمَدِيْحِ , وَإِنْ جَهَدْتُ سَبِيْلِي !
قَدْ شِئْتُ إِطْنَاباً , وَعُذْرِيَ أَنَّنِيْ
أَطْفَأْتُ حِيْنَ بَدَا سَنَاكِ فَتِيْلِي !
فَالنُّوْرُ أَنْتِ , وَلاَ ضِيَاءَ إذَا انْضَوَىَ
عَنَّا ضِيَاؤُكِ , يَا عَرُوْسَ النِّيْلِ
يَا مِصْرُ : يَرْعَاكِ الإِلَهُ كَمَا رَعَىَ
تَنْزِيْلَهُ مِنْ عَابِثٍ وَدَخِيْلِ !!