في مصرشهر الصوم الكريم بأيامه الجميلة له طابعه الخاص في مدن وقرى مصر، فإقبال
الصائمين على المساجد وكثرة حلقات الدروس والوعظ وتلاوة القرآن الكريم هو ما يلفت النظر في المدن والقرى. ويستقبل الناس الشهر الفضيل بالألحان
والأغاني الدينية، ويلاحظ زيادة المصلين في المساجد منذ رؤية الهلال وحتى
وداع رمضان خاصة في حي الحسين، والسيدة زينب وغيرهما في القاهرة أو في
المدن والمحافظات الأخرى، إضافة إلى زيادة بيع المواد التموينية واللحوم
والياميش وأشياء أخـــرى مميز
في السودان يحتفي السودانيون بشهر القرآن احتفاءً خاصاً وتبدأ استعداداتهم لصيام أيامه
المباركة قبل حوالي شهرين، وتشمل استعداداتهم للشهر في أعداد الأطعمة
الرمضانية وتهيئة أماكن الصلاة والإفطار والراحة وأهم ما يُعدُّ ويُصلح الرواكيب
وهي مبانٍ من القشِ والطين تُنصب أمام الفرن، وتوضع فيها العناقريب، وتُفرش
ويقضي الصائمون فيها أغلب وقت النهار وينامون فيها بعد صلاة الظهر.
إنّ من التقاليد الموروثة عند السودانيين أنّ أحدهم لا يستطيع الفطور بمفردهِ،
إذ لا بُدَّ من مشاركة أحد الصائمين له في إفطاره. ولهذا يجتمعون نراهم يجتمعون
في الحي الواحد وتفرش لذلك الموائد قبيل وقت الفطور، ويأتي كل واحد طعامه
على المائدة، ويحضرون الجرادل والكوز لغرف المشروبات منه، وصحن البليلة،
ويفطرون على التمر ثم يؤدون الصلاة، بعدها يبدأ فطورهم المكون من مائدة تضم
الأواني الخاصة وأهمها إناء" الكورية "، الذي يشربون منه الليمون والحلو مُر والإبري،
لحم أم دكوكة، والعصيدة، والبليلة " لوبيا عدس" وتؤكل مع التمر، ويتناولون العصيدة أو كما يسمونها باللقمة.
في ليبيا تحفل الليالي المباركة في شهر الصوم بليبيا، بطول سهر الناس حتى الهزيع
الأخير من الليل، وذلك لوجود النوبادجي – المسحراتي- الذي يحمل النوبة على
كتفه وهي عبارة عن طبلة كبيرة ينقرها بوساطة عصاتين تكون الأولى مقوّسة
الشكل وتستعمل في الدُّمْ، وبينما تكون العصا الثانية أرفع من الأولى
وتستعمل للتيك، في أوزان آلات النقر.
في تونس يقام في مدينة تونس العاصمة خلال شهر رمضان مهرجان المدينة الذي يقدم فيه
المنشدون المحليون والعرب ألواناً من الغناء والتواشيح والمعزوفات التي يقبل عليها
الجمهور من كل مكان. ويتزاور التونسيون فيما بينهم، ويدعو أحدهم الآخر لتناول
طعام الفطور في بيته، ويبدأ فطورهم بتناول التمر مع خلطة الزبدة أو اللوز، واحتساء
الشوربة، ثم يقدمون على مائدة فطورها الرمضاني أكلات خاصة مثل: الحلالم
الجارية، والحوت المحشي والمعقودة، والبريك، والكُسْكُسي، والنواصر، والمرقاز المشوي، وتناول الحلويات، والشاي الأخضر.
في الجزائر يستعد الجزائريون لشهر رمضان بشراء المأكولات والمواد الغذائية الرئيسة قبل
بدء الصيام بعدّة أشهر لأن السعار تكون عادة أرخص، ولأنّها تشهد
ارتفاعاً كبيراً مع قرب حلول رمضان. وتبرز مظاهر الاحتفال لاستقبال شهر رمضان
في الجمهورية الجزائرية من خلال مظاهره الواضحة في استقباله، وتقيم الدولة
موائد خيرية لإفطار عابري السبيل والفقراء وموائد الرحمن، وتخصص المطاعم أماكن
للإفطار المجاني للناس، وتُعقد في أيام الشهر الدروس الدينية للأطفال والشباب،
وتقام صلاة التراويح كل يوم، ويعتكفون في العشر الأواخر من رمضان. وتتنوع المائدة
الرمضانية عند الجزائريين حيث يتناولون الشوربة، خاصة شوربة الحريرة التي تجدها
على كل مائدة جزائرية، والأرز أو المعكرونة واللحم الحلو، والبوريك، وسلطة الكبدة
وتسمى الهريسة، وهناك طبق العجيجات، أو المعقودة، وطبق السفيرية.
أما في السحور فتكون الوجبة الرئيسة هي الكُسك والغول ومنتجات الألبان بأنواعها.
ويتناول الصائمون الحلويات ومنها القطائف وتُسمى الكنافة، وحلوى قالب اللوز،
والجريويش، والقصمة. وتصنع النسوة ثلاثة أنواع من الخبز طوال أيام رمضان ومنها خبز الدار والمطلوع والفطير
في المغرب تختلف احتفالات المغاربة في أيام رمضان من المدينة إلى الريف والبادية،
فالقرية بحكم بساطتها فإنّ لشهر الصوم فيها طابعاً خاصاً، حيث تكثر الزيارات
بين الأهل والأصدقاء، وتكون فترة الظهيرة للنوم، وبعد العصر يجتمع الرجال لتبادل
رواية سير العظماء والأحداث الماضية، أما عند موعد الفطور فلا بد من اجتماع أسرتين
أو أكثر على مائدة واحدة لتناول الفطور، وينقسم الرجال على سفرة وكذلك النساء
والأطفال، إذ لكل واحد منهم سفرته الخاصة، وبعد فترة الفطور نلاحظ أن جميع
سكان البوادي في المغرب منتشرين على شكل جماعات واحدة للرجال والأخرى
للنساء والأخرى للأطفال، كل حسب سِنهِ، يتحدثون من خلال جلساتهم الرمضانية
عن الشؤون الخاصة والعامة، ويشربون الشاي الأخضر وعدد من الحلويات المحلية،
أما الشباب فمنهم من يتوجه إلى المدينة ومنهم من يلزم القرية، لممارسة بعض
الألعاب الشعبية، أو تجاذب أطراف الحديث فيما بينهم. أما أشهر الأكلات المغربية
المقدمة للصائمين في رمضان فهي: الحريرة وهي شوربة بالكزبرة والبقدونس
والكرفس والحمص والعدس والطماطة والبصل.
وعقب عودة الصائمين من أداء صلاة التراويح في المساجد العامرة، والاستماع بعدها
إلى قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية فإنّهم يتناولون الحلوى الرمضانية المعروفة
ومنها السلو وهو معجون الدقيق والزبدة والمُكسرات. وتُصنع من الدقيق والعسل
والسمسم وماء الورد، وكعب الغزال ويُشبه القطايف، والغريبة،
والملوي، وبغرير، ولقريشلة.
ومن الأكلات الشعبية التي تقدم للصائمين في ليلة القدر الكُسكُسي،
والطاجين بالدجاج أو باللحم مع الخبز، وهذه العادات والتقالي
نجد أهل الريف والبوادي أحرص على الاهتمام والتقيد بها من سكان المدن والحواضر.
في الصومال تبرز ملامح مقْدَم رمضان في الصومال قبيل حلوله فهم يستعدون لاستقباله بصورة
تتضح في الأسواق التي تعج بالمتبضعين، كذلك يحرص الصوماليون على أداء
الفروض والعبادات في المساجد وحتى في المدارس التي تبرز أيام شهر الصوم
المسابقات القرآنية للحفظ والتلاوة، مع تنظيم حلقات الإرشاد والتوعية والموعظة،
وختم قراءة القرآن في أيام الصوم المبارك. ويفطر الصوماليون على أكلة العركيك
اللحوح ـ مع السمن والحليب، ويفطرون على السمبوسة مع تناول لحم الجِمَال
والأرز وبعض الخضراوات. كذلك يؤدي الصوماليون صلاة التهجد،
حيث يطوف أحد الرجال في الشوارع ليضرب بعصاه على الطبل ليوقظ النائمين
للسحور وفي سحورهم يتناولون الهريس، وهو من لحم الجمل والبطاطا، والطماطم
بشكل مرق مع شرب عصير التفاح والبرتقال. ويتسوّق الصوماليون حاجياتهم من المواد التموينية والغذائية من الأسواق مثل الدقيق والسكر لعمل الكعك والمعجنات.
في موريطانيا ينحر الموريتانيون الذبائح إذا أهلّ عليهم هلال شهر رمضان، إذ يعدون اللحوم المجففة
على هيئة قديد قابل للخزن على مدى أشهر طويلة، ويحرصون على خزن تمور أدرار
التي لا يمكن الاستغناء عنها للصائمين، وتقوم النساء بإعداد كميات مناسبة من
هريسة الهبيد أو الفستق أو النبق ـ شجرة السدرـ كذلك تجهز النسوة أوعية
خاصة ملآى بالكُسْكُسي الذي يجري تجفيفها لتكون جاهزة للتحضير السريع.
وضمن عادات الموريتانيين ويكاد المُوسر والفقير أن يتساويا في نوع الوجبات
الرمضانية المقدمة في وجبات الإفطار حيث يتناول الصائمون إثر أذان المغرب
بعض التمر، ثم الحساء الساخن، ويقولون بأنّ معدة الصائم يلائمها الساخن
في بداية الإفطار أكثر مما يلائمها البارد، ثم يقيمون الصلاة في المساجد أو في
البيوت، وعند الانتهاء من صلاتهم، يشربون بعض اللبن الممزوج بالماء ويُسمُّونه-
الزريك- باللهجة العربية المحلية، وهو ما يسمِّيه العرب قديمًا بالمذق.
أما الوجبة الثانية من وجبات الإفطار عند الموريتانيين فهي تناول وجبة اللحم
والبطاطس والخبز، ويتفاوت الناس في تناول هذه الوجبة الناس هناك تختلف عاداتها
في توقيت هذه الوجبة: فمنهم من يتناولها مباشرة بعد الفراغ من صلاة المغرب،
ومنهم من يؤخرها إلى ما بعد صلاة العشاء والتراويح ثم يشربون الأناي - الشاي
الأخضر- المخلوط بالنعناع. وبمجرد الانتهاء من وجبات الإفطار الأولية والفراغ
من صلاة التراويح يبدأ الناس يتنقلون في أطراف القرية؛ لتبادل الزيارات
واحتساء الأناي عند الأصدقاء وتبادل أحاديث السمر التي لا تتقيد بموضوع معين.
في جيبوتي تفتتح المساجد أبوابها وتنار طيلة الأيام المباركة لرمضان في جيبوتي، بينما تغلق
لمدارس أبوابها لمدة خمسة عشر يوما، وعندما يعود الطلاب إلى مدارسهم، يبدأون
مدة الأيام الثلاثة الأولى من دوامهم بحفظ جزء من كتاب الله العزيز لتلاميذ المرحلة
الابتدائية من سن الخامسة إلى العاشرة، وغيرهم من يحفظ جزأين بينما يقرأ الكبار
خمسة أجزاء من القرآن الكريم. ويتبادل الجيبوتيون تناول طعام الفطور مع أقاربهم
وأصدقائهم في رمضان _ وتقدم فيها الأكلة الشعبية وهي – اللحوح- المصنوعة
من الطحين والزيت والعسل، ويقدم للصائمين في إفطارهم الهريس والثريد
مع لحم الغنم. ثم يتجمع رجال جيبوتي في ليالي الشهر العظيم خارج البيوت
أي في العراء، ويفصل مجلسهم عن مجلس النساء اللواتي يقدمن بعض الأكلات
الخفيفة فيها، وكذلك يجتمع الأولاد مع آبائهم في المجالس ليرووا لهم القصص ذات
العبرة والموعظة من سيرة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ والصحابة ـ رضي الله
عنهم ـ وعندما تحين ليلة القدر المباركة يُحيي الجيبوتيون ليلتهم في مُصلى العيد
ويعودون إلى بيوتهم بعد صلاة الفجر