بالأمس القريب ذرفت عيون الصالحين دموع
الحزن على فراق رمضان وهاهي اليوم تنتظر
إستقباله بدموع الفرح .
نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل رمضان وممن امتن الله عليهم بقيامه وصيامه
وأن يوفقنا للخير والصلاح والفلاح فيه .
كل هذا الشوق وكل هذا الحنين ومع ذلك فهناك
من يخسر رمضان !
ويخسر فضله وأجره والعياذ بالله .
وربما لم يشعر ذلك الخاسر بلذة الصيام والقيام
ولا يعرف من رمضان إلا الجوع والعطش
فأي حرمان بعد هذا الحرمان نعوذ بالله من الخسران .
سؤال يحتاج إلى إجابة أليس الله يقول
( فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
لكني أذكرك وأحذرك من أمور ربما كانت سبباً
لخسارة رمضان دون أن تشعر،
فـإياك إياك أن تخسر رمضان .
ويعلم الله ما أردت إلا الإصلاح فلعل هذه الوقفات
تكون لبنة أولى لكل من سمع هذا الموضوع
ليعيد بناء نفسه في هذا الشهر فحرام أن يمن الله
علينا بهذا الفضل وهو إدراك رمضان
فنكفر هذه النعمة بالإسراف والتبذير في لياليه.
وأسباب خسارته كبيرة فمنها ما يخص الرجال
ومنها ما يخص النساء وربما اشتركا في بعض الأسباب .
وهنا وقفة مع بعض الأرباح في رمضان يبشرك
بها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم:
( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )
( من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )
( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )
استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطر،
شهر العتق من النيران،
رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهم.
فلماذا يخسر البعض كل هذه الأرباح.
وما هي أسباب خسارتنا لرمضان؟
1 / الغفلة عن النية، وعدم احتساب الأجر
وأنك تركت الطعام والشراب،
وابتعدت عن المعاصي، والشهوات لله وحده؛
طلباً لرضاه، واستجابةً لأمره،
لا يهمكَ ولا يهمكِ أحد من الناس علم أو لم يعلم،
فصومكِ وصومكَ لله، وخوفكَ وخوفكِ لله،
ولهذه المعاني الجميلة قال الله عز وجل في الحديث القدسي:
( إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي )
كما في حديث أبي هريرة وهو متفق عليه.
إذاً: فالصيام عبادة خفية بينكِ وبين الله لا يعلم
بها إلا الله؛ فقد تشرب وتأكل كيفما شئت
لا يعلم بكِ أو بكَ أحد من الناس، ولكن:
( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
فمن صام بهذه المعاني وجد حلاوة الصيام،
وشعر بلذة رمضان، فأقدم على الأعمال أيما إقدام
( ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه )
2 / إهمال الصلوات الخمس، وتأخيرها عن وقتها،
وأداؤها بكسل وخمول،
وهذا من أعظم أسباب خسارة رمضان عند الرجال والنساء،
فمن لم يحرص على الفرائض ولم يقم بالواجبات
فكيف يرجى منه النوافل؟
ربما صلى في آخر وقت الصلاة فنقرها نقر الغراب،
فكيف يرجى لمن كان هذا حاله استغلال رمضان والفوز فيه!
بل هذه يخشى على صيامه ألا يقبل والعياذ بالله.
3 / السهر، فهو من أعظم أسباب خسارة رمضان!
وكيف يرجى لمن سهر طوال ليله أن يفوز برمضان؟
والسهر - أيها الأحبة - مكروه حتى وإن كان على
مباح، فكيف بمن سهر على حرام؟
أكثر النآس يجلسون طوال الليل للسمر مع الأخوة
والأصدقاء وتذهب الساعات بالقيل والقال،
وربما جلسن حتى وقت السحر خمس ساعات أو
أكثر، ليس فيها قراءة للقرآن،
أو موضوع لفقه أحكام الصيام، أو استماع
لشريط مفيد، أو قراءة من كتاب،
فأسألك بالله أليست خسارةً أن تضيع هذه الساعات الطوال
من رمضان في كل ليلة بمثل هذه الجلسات؟
أيهآ الأخ الحبيب .. أيتها الأخت المباركة!
اعلموآ أن العين تصوم، وصيامها غضها عن المحارم، ومشاهدة الفواحش والآثام
( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ )
( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )
وكم من نظرة كانت سبباً لجريمة وكانت سبباً لشقاء أسرة،
فاتقوا الله في ليالي رمضان واعلموا أن الله معكم يراكم في كل حال.
يارب اجعلنا من الفائزين المقبولين في رمضان ولاتجعلنا من الخاسرين .