أعظم
الزهد في الدنيا ترك الحرام، فاتّقوا الحرام، فإنّه شرّ الرِّزق، وخبيث
الكسب، وسيِّئ العمل، وزادُ صاحبه النّار، وإن تُموِّله لم يُبارك له فيه،
وإن أنْفَقَه لم يُؤجَر عليه، وإن تصدَّق به لم يُقبَل منه، وإن دعَا وفي
جوفه حرام لم يُستَجَب له.
فالمال الحرام يمحق البركة ودخول الحرام على الحلال يفسده
من المخيف ..بل من المرعب أن يسعى البعض منا جاهدا لإهلاك نفسه بيديه تلك ...من المؤسف أن يفعل هذا وهو غير مبالي بهلاك ينتظره ..هلاك
لا ريب فيه يحول مجتمعنا إلى مجتمع فاسد لا بركه فيه تحل عليه لعنه الخالق
ونحن غافلين عن غضبه لما ؟.....مع أن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا
بملايين النعم التي لا تعد ولا تحصى ولكن طمع أبن آدم قد وصل ذروته جمع
الحرام على الحلال ليكثره * * دخل الحرام على الحلال فبعثره
.....ألم
نعلم أن أكل الحرام طريق الهلاك لا محالة في الدنيا الفانية قبل الآخرة
؟..(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ
وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(27) وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ
أَجْرٌ عَظِيمٌ)
: ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ
لِلسُّحْتِ)والسحت هو مالك الحرام ......حينما تأخذ ما ليس لك حق فيه كيف
تستطيع أن تضع راسك على وسادتك وتنام مرتاحا الضمير والبال وأنت تعرض نفسك
للعن آناء الليل وأطراف النهار ...لما ننسى دائما أن نهاية ركضنا في هذه
الحياة هو قبر سنحاسب فيه على ما أقترفت أيدينا
ومن الأدلة التي
تبين قبح هذه الجريمة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عما رآه من
أصناف تُعذَّب في النار فقال صلى الله عليه وسلم :" لقد جيء بالنار ، وذلكم
حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها ( أي لهيبها ) ، وحتى رأيت
فيها صاحب المحجن ( عصا ثني طرفها ) يجرُّ قُصْبَه ( أمعاءه ) في النار ؛ كان يسرق الحاج بمحجنه ، فإن فطن له قال : إنما تعلق بمحجني ، وإن غفل عنه ذهب به " رواه مسلم .
.حكم الدعاء على السارق?
لا حرج في الدعاء على الظالم بعينه , قد رخص سبحانه للمظلوم أن يدعو على ظالمه ، لينتصف منه في الدنيا قبل الآخرة ، فيُشفِي شيئا من غيظه ويستعجل بعضًا من حقه . وفي
القرآن الكريم عن موسى عليه الصلاة والسلام: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا
الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:88]
وقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده.
من صور المال الحرام
أخذ
أموال الناس بقصد السلف والدين ، مع إضمار النية بعدم رده وسداده ، أو
التهاون في ذلك ، فهذا هو الظلم والعدوان ، والتعدي على حرمات الواحد
الديان ، قال الله المنان : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " ، وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ
أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَها يُرِيدُ إِتْلَافَهَا
أَتْلَفَهُ اللَّهُ " [
ومن صور المال الحرام ، بيع المسلم على
بيع أخيه ، وشرائه على شرائه ، كمن يشتري سلعة من شخص ، ثم يأتي آخر ،
فيعرض مبلغاً أكثر من الأول بقصد الإضرار أو بلا قصد ، فهذا بيع وشراء
محرم لقوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ
عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ " [ متفق عليه واللفظ
للنسائي ]
ومن الأموال المحرمة بيع الدخان والشيشة والمخدرات ، مما لا يخفى على كل مسلم ضررها على الأفراد والمجتمعات والأمم ،
ومن
صور أكل المال الحرام ، غش الناس والتدليس عليهم في المعاملات ، من أجل
أكل أموالهم بالباطل ، كمن يجعل طيب الطعام في الأعلى ، والرديء في الأسفل ،
أو الجديد في الأعلى والقديم في الأسفل ، أو الكبير في الأعلى والصغير في
الأسفل ، وهذا أمر لا يجوز شرعاً ولا عرفاً
فاتّقوا سخط الجبّار، واحذروا المال الحرام، فإنّه من أعظم أسباب الشّقاء والدمار، ومن أخطر ما يوصل صاحبه إلى النّار
ورد
في صحيـح البخاري عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''إنّ رجالاً
يتخوّضون في مال الله بغير حقٍّ فلهم النّار يوم القيامة''. فاقنَعوا
بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام