عمرو بن الجموح
ذكر الإمام الذهبي في سيره عن ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَدِمَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ المَدِيْنَةَ يُعَلِّمُ النَّاسَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرُو بنُ الجَمُوحِ: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتُمُونَا؟
قَالُوا: إِنْ شِئْتَ جِئْنَاكَ، فَأَسْمَعْنَاكَ القُرْآنَ.
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَرَأَ صَدْرًا مِنْ سُورَةِ يُوسُفَ، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّ لَنَا مُؤَامَرَةً فِي قَوْمِنَا، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي سَلِمَةَ.
فَخَرَجُوا، وَدَخَلَ عَلَى مَنَافٍ، فَقَالَ: يَا مَنَافُ! تَعْلَمُ - وَاللهِ - مَا يُرِيدُ القَوْمُ غَيْرَكَ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ نَكِيرٍ؟
قَالَ: فَقَلَّدَهُ السَّيْفَ، وَخَرَجَ، فَقَامَ أَهْلُهُ، فَأَخَذُوا السَّيْفَ.
فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ: أَيْنَ السَّيْفُ يَا مَنَافُ؟ وَيْحَكَ! إِنَّ العَنْزَ لَتَمْنَعُ اسْتَهَا، وَاللهِ مَا أَرَى فِي أَبِي جِعَارٍ غَدًا مِنْ خَيْرٍ.
ثُمَّ قَالَ لَهُم: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى مَالِي، فَاسْتَوْصُوا بِمَنَافٍ خَيْرًا.
فَذَهَبَ، فَأَخَذُوهُ فَكَسَرُوهُ وَرَبَطُوهُ مَعَ كَلْبٍ مَيتٍ، وَأَلْقَوْهُ فِي بِئْرٍ.
فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُم؟
قَالُوا: بِخَيْرٍ يَا سَيِّدَنَا، طَهَّرَ اللهُ بُيُوتَنَا مِنَ الرِّجْسِ.
قَالَ: وَاللهِ إِنِّي أَرَاكُمْ قَدْ أَسَأْتُم خِلافَتِي فِي مَنَافٍ.
قَالُوا: هُوَ ذَاكَ، انْظُرْ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ البِئْرِ.
فَأَشْرَفَ، فَرَآهُ، فَبَعَثَ إِلَى قَوْمِهِ، فَجَاءُوا، فَقَالَ: أَلَسْتُم عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ؟
قَالُوا: بَلَى، أَنْتَ سَيِّدُنَا.
قَالَ: فَأُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ) قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (.
فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأَقْحَزَنَّ عَلَيْهَا فِي الجَنَّةِ.
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.