الثلوج تقطع الطرق وتُحيل بلداتٍ ريفيةََ إلى مناطق معزولة
الخميس 22 يناير 2015 - 18:24
ما إنْ تكسُو الثلوجُ جبالَ الرِّيف، حتَّى تسريَ الخشية بنفوسٍ عدد من أبناء المنطقة، منْ فرضِ الطبيعة طوق عزلة على جماعاتٍ قرويَّة وقطع محاور طرقيَّة، دأب السائقون على سلكها في ساعةٍ من الزمن، فصارتْ قطعها يستدعِي الساعات الطوَال، وإعانة جراراتٍ يستقدمُونها بأنفسهم.
جماعة بني عمارتْ القرويَّة التي تبعدُ عنْ الحسيمة بما يربُو على ثمانِين كيلومترًا، شهدتْ تساقطاتٍ مهمَّة منْ الثلُوج، إبَّان الأسبوع الأخير، انقطعتْ على إثرها الطرِيق الرابطة بتارجيستْ، على طولِ 27 كيلومترًا، كما انقطعتْ طرقٌ أخرى في إقليم الحسيمة كتلك الرابطة بين تارجيستْ وإيساكنْ، وإيساكن وباب برد، وتبرانت وتارجيستْ.
مسافرُون منْ بنِي عمارتْ حكَوْا لهسبريس كيفَ أنَّ قطعَ الطريق الرابطة بين جماعتهم وتارجيستْ، مثلًا، الثلاثاء الماضي أفضى إلى علوق كثيرين منهم، واستلزمَ قضاء أزيدْ من ست ساعات لقطع الكيلومترات السبعة والعشرين، كما اضطرَّتْ عائلاتٌ تضمُّ أطفالًا إلى أنْ تتحمل البرد بالسيارات، دون مقدمِ أيِّ جرافة لإزاحة الثلوج.
وإزاء غياب جرافاتٍ عن الطريق التي اهترأتْ رغم مضيِّ فترة قصيرة على تسليمها، لمْ يكنْ المنقذُ سوى سائقِ جرَّار بالبلدَة تحول إلى ردِيف بطلٍ قومِي، وقدْ أعان كلَّ سيارة على حدَة على العبُور من باب التطوع، ما جعلَ كثيرين ينادُونه بحسن القادُوس، على غرار علَّال الذِي أنقذَ حيًّا من الغرق بالعاصمة في يومٍ ماطر.
وفاقم انقطاع التيار الكهربائي لعدَّة ساعاتٍ خلَال الليل معاناة الساكنة، واضطرَّهم إلى إيقَاد الشمُوع والاستعانة بـ"البوتاغازْ"، في الوقت الذِي تتدنَى درجة الحرارة إلى ما دُون الصفر مائويَّة "، ليعيد بذلك فصُولًا من الظلمة، تتجددُ متى ما ساءتْ أحوَال الطقس.
"ما منْ أحدٍ اكترث لأناس ظلُّوا عالقِين لساعاتٍ على الطريق، ولا جرافة تمَّ إرسالها من قبل السلطات، كما أنَّ دواوير بأكملها تجدُ صعوبة في التحرك، والاتصال بالعالم الخارجِي، انطلقنَا منْ تارجيستْ منْ الخامسة مساءً ولمْ نصلْ حتَّى زهاء الحادية عشرة مساءً" يقُول واحد من أبناء المنطقة لهسبريس.
وإزاء تداعِي الطريق التي صار قطعها محفوفًا بالمخاطر، انبرى عددٌ منْ سائقي سيارات الأجرة بالمنطقة إلى إصلاحها بأنفسهم، في الآونة الأخيرة دُون انتظار جهةٍ تتكفلُ بالأمر، سيما أنَّ البعض صار يفضلُ طريقًا قديمة شُقَّتْ زمن الإسبان في المنطقة، عوض الطريق الجديدة المتداعية.
فِي غضون ذلك، تكابدُ الأسر بالمنطقة مصاريف ثقيلة لتأمِين حطب التدفئة، الذِي يصعبُ تحمل العيش بدونه، بحكم وقوع المنطقَة على مرمَى حجرٍ منْ غابة تيزِي فرِي. الغابة التي يتشحُ شجرُ الأرزِ فيها بالبياض، دُون أنْ يسْتَثْمَر سياحيًّا، أوْ يجري تسويقه بسبب البنية التحتيَّة التي تفضِي إليه، والتي تعسُر على سكان المنطقة أنفسهم أنْ يقودُوا سياراتهم عليها.