الدفاع عن الله سبحانه وتعالى
000أول الدفاع عن الله سبحانه يكون في داخل الإنسان ، حيث يُسمى بجهاد النفس ، ويعتبر
هذا الجهاد الأكبر ، لأنه المعركة الأصعب للإنسان والمعركة الأكثر دواماً لأنها تبقى معه طوال حياته .. فكل المعارك الأخرى مؤقتة مهما كانت ضخامتها ، والإنسان يستطيع أن يستحضر شجاعة أمام أعتى قوة مادية عسكرية عالمية ، لكنه لا يستطيع إستحصال الشجاعة التي يجابه بها تسويلات نفسه الأمارة بالسوء ، ويجاهد بها ظنونه المتدنية عن الله سبحانه ..
لهذا علينا أن نعلم أن الإيمان الحقيقي لا يستقر في الإنسان إلا إذا إستقر في داخله التصور الصحيح عن الله والتصور الصحيح عن عظمته وعن رحمته سبحانه وعن كرمه سبحانه ، وعن تدخله سبحانه ، وهذا كله يكون مستقر في ذهن أي إنسان في العالم لكنه لا يستقر في وجدان الإنسان إلا إذا دخل معركة دائمة مع نفسه الأمارة بالسوء ، دافع فيها عن الله ، وأسقط فيها كل التصورات المتدنية التي تقدمها النفس الأمارة بالسوء ..
فالدفاع عن الله سبحانه هو تكليف كل إنسان على الأرض ، فإذا قالت له نفسه لا تثق بكرم الله ، فعليه أن يدافع عن الله ، ويجدد يقينه بكرم الله ، وإذا قالت له نفسه لا تجعل أملك بالله وأجعل أملك بالأسباب المادية فعليه أن يجاهد نفسه ويدافع عن الله ويقول لا والله لن تنفعني الأسباب المادية مهما كانت ولن ينفعني إلا الله ولن أجعل أملي إلا به سبحانه ..
وإذا قالت له نفسه لا تثق بحفظ الله وأحفظ نفسك فعليه أن يدافع عن الله سبحانه ويجاهد نفسه الأمارة بالسوء ويقول كلا أن الحفظ من الله وحده مهما فعلت فالحفظ من الله وحده سبحانه ، وإذا قالت له نفسه أن يد الله مغلولة وأن هذه الدولة الكبرى تفعل ما تشاء وتنجح فيما تخطط وتصل الى ما تريد ، فعليه أن يدافع عن الله في نفسه ويقول كلا, الله يفعل ما يشاء ، الله يصل الى ما يريد ، الله بالغ أمره ، ولن تصل هذه الدولة سوى الى الهاوية ، لأن الله لا ينجح كيد الظالمين أبداً ..
وإذا قالت له نفسه إكنز الذهب والفضة والأموال للمستقبل وأمِّن نفسك في البنوك وفي شركات التأمين ، لأن المستقبل مجهول ولأن الله سبحانه قد يتخلى عنك في أي لحظة ، فعليه أن يجاهد نفسه الأمارة بالسوء وينصر نفسه المؤمنة ويدافع عن الله وعن صفات الله ويقول كلا إن ربي الذي أوجدني من عدم ، والذي رعاني وأنا صغير ، والذي حفظني ورزقني وأنا لم أكن عبداً شاكراً له ، كيف يتخلى عني وأنا عبده المستجير به ..
هذه هي مسيرة الدفاع عن الله سبحانه داخل الإنسان ، إنها مسيرة جهاد كبير ، لا يعرف التوقف ولا يعرف حدود النهاية أبداً لأننا مهما فعلنا فما قدرنا الله حق قدره .. والحمد لله رب العالمين