تفسـير : ( هُـنّ لبـاسٌ لـكُمْ ) البقرة 187
مـيّز القرآن الكريم بين [ اللّبـاس ] و بين [ الثـياب ] ، فالثيـاب : هي المواد التي تسـتر الجسْـم قال تعالى ( و ثـيابك فطـهّرْ ) المدّثر 4 ، ( و حـين تضـعون ثيـابكـم مِنَ الظهيرة ) النور 58 ، و لهـا اسـم [ السـرابيل ] ،قال تعالى ( و جـعل لـكُم سـرابيل تقيـكُم الحـرّ ) النحل 81، و عنْ أهْل النـار قال تعالى ( سـرابيلُهُمْ مِنْ قَـطِران ) إبراهيم 50 .
أمّـا
[ اللّبـاس ] فهـو : المشـاعر و الأحـاسـيس ، مِثْل الإحساس بالجوع و الخوف قال تعالى ( فأذاقـهـا اللـه لبـاس الجـوع و الخـوف ) النحل 112 ، و اللباس [ و ليس الثياب ] لـه علاقة بالسـوآت قال تعالى ( يـا بني آدم قـدْ أنـزلْـنـا عـلـيكُـم لـباسـاً يُـواري سـوْآتكُمْ ) الأعراف 27 و هـذا [ اللـباس ] الذي أُنـزل هـو [ لـباس التقـوى ] قال تعالى ( و لـباس التقـوى ذلـك خـيْر ) الأعراف 26 .
لـذلك كانت العـلاقة بين الجنسـين [ الذكر و الأنثى ] هي عـلاقـة مشـاعر و أحـاسـيس أي [ لـباس ] فقال تعالى : ( هُـنّ لـباسٌ لـكُم و أنتُـمْ لـباسٌ لـهُـنّ ) البقرة 187 ، فقـد بُني أصْـل الإنسـانيّة على الـواحد قال تعالى ( خـلقـكُـمْ منْ نفْسٍ واحـدة ) الزمر 6 ، ثُــمّ جاءت التثـنية قال تعالى ( ثُـمّ جعـل منهـا زوجـهـا ) الزمر 6 ، فالزوجـان أصـلهُمـا نفْـسٌ واحـدة . و الزواج هـو [ ثنـائيّة تـلاصق ] مِنْ أجـل إعـادة توحـيد مـا تفـرّق ، و [ اللّباس ] هـو المشـاعر و الأحاسـيس بالمحـبّة التي تربـط الـزوجيْن ، فالمـرأة لـيْستْ مُسـتقبل الـرجُلِ فحسْـب ، بلْ هيَ مـاضيه أيضـاً ، فالـرجُلُ عـنده شُعورٌ مُـزْمِنٌ بالنقـص تجـاه المـرأة ، لأنّ المـرأة خُلقتْ مِـنْه ، بينمـا المـرأة لـديهـا الشـعُور بالكمـال ، لأنّـها [ خُلـقت كـاملةً مـنْ ذكـرٍ نـائم ] هو آدم عليه السلام ، فالشـعور بالنقْص هـو مـيزةُ الرجـال الذين هُـمْ [ إنـاثُ نسـائهم ] ، فالرجُل يحـتاج المـرأة دومـاً بـاحثـاً بين ذراعيهـا عَـن السـكون ، ولـيداً و طفـلاً و شـابّاً و حتّى أرذل العُمْـر ، و لـذلك ذُكـرت [ الحـوريّات ] في الجنّـة و لـمْ يُذْكـر [ الحـوريّين ] ، لأنّ الرجُل لـو عـاشَ بعـالمٍ [ مثـاليّ ] مثْل الجنّـة ، يبقى عنـده الشُـعُور بالنقص دون المـرأة ، بينمـا المـرأة عنـدما تعيش بالجنّـة ، فهي ليسـتْ بحـاجة للـرجُل بسـبب شـعورهـا [ بالكمال ]
[ هـذا و اللـه أعـلم ]