لغوياً الدستور كلمة معربة من الفارسية و هي لفظ مركب من كلمة "دست" و تعني القاعدة و "ور" و تعني صاحب و يكون بذلك المعنى الكامل صاحب القاعدة و القاعدة هنا بمعنى المبدأ أو الأساس و عليه يكون المعنى اللغوي لكلمة دستور: المنظم للقواعد الأساسية فيتفق بذلك المعنى اللغوي مع المعنى الإصطلاحي و هو مجموعة القواعد و الأسس المنظمة للدولة و مؤسساتها.
الدستور و نظرية العقد الإجتماعي:
عند الحديث عن الدستور لابد من التعرض إلى نظرية العقد الإجتماعي و التي تعتبر أساس الدستور.
هذه النظرية ليست حديثة بل تعود جذورها إلى فلسفة أفلاطون في حديثه عن المدينة الفاضلة، و رغم أن العديد من الفلاسفة تعرض لها مثل جون لوك و توماس هوبز إلا أنها تنسب أساساً إلى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو و ذلك ل وضوح أفكاره في تقديم تعريف لهذه النظرية في كتابه "العقد الإجتماعي"
حسب نظر روسو العقد الاجتماعي هو صك تأسيس الدولة و المنظم لحياتها، و بما أن الشعب هو الوحيد صاحب السلطة الحقيقية يكون العقد الإجتماعي إتفاقاً مبرماً بين أفراد الشعب لتنظيم الحياة السياسية للجماعة بأن تفوض الجماعة السلطة لا أفراد معينين يتم اختيارهم بالإتفاق الجماعي و توكل اليهم مهام محددة.
و عليه يكون الدستور هو التطبيق العملي لهذه النظرية إذ أنه لا يعدو عن أن يكون مجموعة بنود العقد الذي يبرم بين أفراد الشعب لتنظيم حياتهم الاجتماعية و السياسية.
بما أن الدستور هو العقد الذي يبرمه الفرد لتنظيم حياة المجموعة فهو يكون بذلك القانون الأعلى للدولة و الذي يقنن سلطات الدولة و واجباتها تجاه المواطنين، فمن خلال الدستور يتم الفصل بين السلطات الثلاث للدولة و إسناد كل سلطة إلى مؤسسة محددة و ضبط علاقة المؤسسات ببعضها من ناحية و علاقتها بالأفراد من ناحية أخرى.
ليس من الضروري أن يكون الدستور طويلاً و مفصلاً بل إنه يضع القواعد الأساسية للدولة و الحدود التي يلتزم بها كل الأفراد و الأسس التي تسن عليها القوانين المفصلة بعد ذلك. كما أنه ليس من الضروري أن يكون الدستور مكتوباً مثل دستور الولايات المتحدة الأمريكية أو الدستور الفرنسي بل يمكن أن يكون مجموعة من القواعد العرفية التي تلتزم بها مؤسسات الدولة مثلما يحصل في بريطانيا التي تعد من أكثر الدول إلتزاماً بالقواعد الدستورية دون أن يكون لها دستور مكتوب.