ملاك الطيف المراقبة العامة
عدد المساهمات : 14130 تاريخ التسجيل : 20/01/2011
| موضوع: على أوتار الفراق الإثنين ديسمبر 10, 2012 7:42 pm | |
| على أوتار الفراق
نسمة فتاة فى الثالثة عشر من عمرها ، ترعرعت فى أسرة هادئة سعيدة فى ظل والدين شُهد لهما بالإحترام والود. كانت علاقتها بوالدتها علاقة حب من نوع خاص فهى مثلُها الأعلى فى شتى الأمور، تشاهد ما تفعله وتقوم بتقليد حركاتها وسكناتها وتثابر لإرضائها ، فهى متعلقة بها وتحبها حب يكاد يصل للجنون وفى إحدى الليالى أصيبت الام بآلام مبرحة نقلت على أثرها للطبيب وبعد إجراء بعض الفحوصات الطبية تبين أن الأم تعانى من مرض خطير ولم يتبقى لها سوى أيام فى تلك الحياة ، ذلك ما أخبرهم به الطبيب نزل الخبر على الأب كالصاعقة فلم يشعر بقدميه إلا وهى متسمرة فى الأرض دون حراك وعينيه مشوشه الرؤيا مما يكسوها من الدموع التى لا ملجأ لها فى ذاك البحر الغائر فى العين سوى السقوط لتتسارع وتنساب على الخد الواحدة تلو الاخرى أما الزوجة فرغم الفجيعة التى استقبلتها إلا أنها تغلبت عليها بكل ما أوتيت من قوة وصبر وإيمان وأستقبلتها بهدوء خارجى علّه يخفف وقع الصدمة على زوجها ويهدأ من روعه وبالطبع كان شغلها الشاغل ألا تعلم إبنتها بالأمر الزوجة : تمالك....أرجوك تمالك استحلفك بالله ان تتمالك ، فلا اريد لنسمه أن تعلم بالأمر إبنتى ستنهـــــــار ...!!! بالله لا تجعلها تشعر بالأمر ، لا تستسلم للصدمة وتيقظ مما سمعت فيكفى أن تفقد إبنتنا أمـــها ...فلا تجعلها تفقد أبــــاها ايضاً لتضيــع..!! هيـــا تقدم معى بخطوات ثابتة لنخرج لها ونخبرها بأن الأطباء أبلغونا بأنى مصابة ببعض الإرهاق ليس إلا نظر الزوج لزوجته بدموع تتساقط انهارا ثم احتضنها بقوة وحاول ان يحرك شفتاه ليخرج بعض العبارات ولكن هيهات أن يخرج حرف ، فكلمات الكون أصابها الشرود فلم يسعفه أوينساب بين شفتاه حرفا واحد فإحتضن زوجته بقوة واحتضنها أكثر واكثر ؛عل تلك الأحضان تعبر عن كلمات رفعت شعار العصيان على شفتاه وفقد السيطرة عليها نظرت الزوجة لعين زوجها ، واقتربت منه أكثر وقالت: نسمة ابنتنا...؟؟ حرك رأسه وكانه يود ان يقول لها لا تقلقى ساحاول الصمود أمامها وتعلقت الزوجة فى ذراعه وهى تنهار داخليا وجسدها يرتعش بل ينتفض من لحظة فراق آتية لا محاله فراق أناسى لم تعشق يوما أكثر منهم فهم كنزها الحقيقى كل ما تملك " يارب الهمنى الصبر والقوة ولا تجعلنى أظهر ما بداخلى حتى أحافظ على تلك الأسرة الصغيرة ما تبقى لى من الوقت فى تلك الحياة " ذلك ما قاله لسان حالها ، وناشدت عزيمتها واستلهمت صبرها وخرجت مع زوجها ليجدوا نسمة تهرول إليهم مسرعة ..ماذا ...؟؟؟ ماذا قال الاطباء يا أبى ...؟؟؟ أمى بخير أليس كذلك ...؟؟ لماذا لم تجعلونى ادخل معكم ؟؟ تبــــاً لتلك الممرضة التى رفضت دخولى واخذت تدللنى يمينا ويسارا وأحضرت لى الحلوى وكأنى طفلة فى السابعة سئمت منها ومن كلماتها ، ماذا تفكر حالها ..؟؟ أهى أمى مثلا ..لا احد مثلك يا اعظم ام فى الوجود فأنت الملكة المتوجة على عرش حياتى ، واسرعت نسمة إلى حضن والدتها وقبلتها وقالت :يــــــاااااه ...أتعلمى أماه فلقد افتقدك فى تلك السويعات ..لا أريد ان ابتعد عنك ابدااااا انت حبيبتى ...سأظل معك طوال العمر أتعلمى ...قررت ألا اتزوج حتى أظل بجوارك غاليتى ...أمى احبك لم يستطع الأب أن يصمد أكثر من ذلك فالدموع لم تنصاع له ولم تبقى فى محبسها كما وعد زوجته وهنا أدار ظهره لهما ..ثم قال : سأذهب لمحاسبة الطبيب نسمة : الطبيب ...!!؟؟؟ نعم لقد نسيت الامر ..بماذا اخبرك الطبيب أماه أخبرك بأنه أرهاق أليس كذلك ...؟؟ أنت ترهقين نفسك كثيرا ..عليك أن تستريحى سأقوم انا بكل اعمال المنزل فانا كبرت بما يكفى لأتولى شئون البيت لم تستطع ان تفكر نسمة ولو للحظات انه من الممكن ان تكون والدتها بحالة صحيه خطيرة فالفكرة مستبعدة عنها ..فهى لا تتخيل الحياة بدونها وبعد كلمات نسمة ابتسمت الام وقالت :حماك المولى ورعاك وبارك فيك يا ابنتى الغاليه وما لبث ان جاء الأب واخذ أسرته الصغيرة وعادوا للبيت ، وبداخل كل فرد صراعات تعصر الفكر وتدمى القلب وبدات حالة الام تسوء يوما بعد يوم..حتى جاءت الساعة الحاسمة فالأم ترقد على سريرها الحريرى وستائره المنسدلة على الجانبين ، وزوجها يجلس على مقربة ممسك بيدها يقبلها تارة ويتلمسها تارة أخرى ، وسخونة أدمعة تكاد تلسع اليدين ، ونبرات صوته المخنوقة تحاول الخروج لتقول : أحبك يا أغلى وأعز ما فى الوجود أحبك يازوجتى يا من كنت معى فى السراء والضراء ..أحبك غاليتى فى ذلك الوقت رجعت نسمة من المدرسة وصوتها يجلجل الأرجاء أمى ...أمى أين انت يا حبيبتى؟؟ فأنا اليوم معى خبر سيجعلك تطربين فرحاً وأسرعت لغرفة والدتها لتجدها على مشارف الصعود لحياة أكبر وأقوى من حياتنا تلك امى ...أمى ماذا بك ...؟؟؟ أتشعرين بالتعب مجددا ، واقتربت منها مهرولة وتلمست جبينها لتجد حرارتها تصهر الجليد فقالت بصوت متقطع : أمى بماذا تشعرين ؟؟ ونظرت لأبيها وقالت : هيا يا أبى فلنسرع بالطبيب مسكت الأم ذراع إبنتها وقالت : نسمة اسمعينى جيدا نسمة: سأتصل بالطبيب اولا ثم أستمع لكل ما تقولينه حبيبتى الام : كفى يا نسمة فلا جدوى من الأطباء الآن فلقد حان الموعد نسمة : موعد ..؟؟؟ موعد ماذا ؟؟؟ أنت متعبة وبحاجه لطبيب عن اى موعد تتحدثين الام : أمهلينى يا ابنتى حتى اخبرك ببضع كلمات ..إقتربى منى يا نسمة ..إقتربى أكثر مسحت الام بيدها شعر إبنتها ووضعت رأسها على صدرها وقبلتها قبله ناعمة الملمس عميقة المعانى وقالت : لطالما لعبنا وحلمنا أحلام كثيرة معاً ، لطالما أخبرتينى بأنك ستكونين دوماً من المثابرات الصالحات لتجعلينى فخورة بك نسمة والدموع تنهمر من عينها : نعم فلقد كنت آتية اليوم لأخبرك بأنى نجحت وحصلت على المركز الاول ، جئت لأخبرك بتفوقى يا أمى فما انا فيه ما كان إلا لوجودك فى حياتى الأم : لا يانسمة ما أنت عليه لم يكن إلا لإجتهادك ومثابرتك ..وأنا أريدك دوما كما انت حتى حينما يكتب لى المولى أن أفارق الحياة نسمة : كــــــفـــــى .....كـــــــفـــــى ...ماذا تقولين هيا لنسرع للطبيب ...تفارقى الحيــاة ....!!!! عن أى حياة تتحدثين ...ما الحياة حياة إلا لوجودك بها الطبيب ...الطبيب ..سأحضر الطبيب على الفور وأسرعت نحو الباب وقبل خروجها من الغرفة سمعت صوت أبيها يعلو من البكاء ؛ لتستدير فتجد ان شمعة حياتها قد فارقتها وانطفأت لتجد احلى سنين عمرها مضت بلا رجوع ، اسرعت لوالدتها لعل ما انتابها تلك اللحظة كان وهم ، ولعل اذنها اخطات فى سماع بكاء أبيها وآهاته التى زلزلت المكان اسرعت لتتحسس جسد والدتها ، فتهزه يمينا ويسارا وهى تصرخ : امى ..تحدثى ..لماذا سكت هكذا ...!!!؟؟؟؟؟ وتحتضن الجسد بقوة وتقبله ثم تقبله ثم تعتصره حضناً وهى تصرخ أمى ...هيا أفيقى هيا تحدثى معى أسرع والدها ليمسك بها ويقول : كفى يا نسمة فتلك إرادة المولى يا ابنتى نسمة : لا ...لا اتركنى يا ابى أنا نسمة يا أمااااااه ..أنظرى إلى ...هيا إفتحى عينيك ..هيا أنظرى إلى ذاك التقدير ..فأنا توفقت لأجلك ..تفوقت لكى أسعدك ...هيا أخبرينى بأنك سعيدة ...هيا قولى لى كما كنت تقولى دوماً ..نسمة إبنتى المتميزة أحبها بل أعشقها ...هيا بالله عليك قولى شيئا ..لماذا لا تقولين ...؟؟؟ لماذا لا تتحركين ...؟؟؟؟ أين ستذهبين وتتركينى ....؟؟؟ ولمن تتركينى يا أمى ....؟؟؟ آآآآآآآآآآآآآه ....يا اماه لا تتركينى أرجووووك ولم تفق نسمة إلا وهى فى المستشفى فاقدة النطق رافضة للحياة ، رافضة للبشر وشيئا فشيئا بدات تستجيب للعلاج لتقف على قدميها من جديد وتستأنف رحلة حياتها التى طالما حلمت بها مع والدتها ، علها تكن على مرأى ومسمع منها ؛فتفتخر دوما بإبنتها حتى لو فارقت الحياة | |
|
المحب Admin
عدد المساهمات : 1272 تاريخ التسجيل : 20/01/2011
| موضوع: رد: على أوتار الفراق السبت مايو 04, 2013 5:47 pm | |
| | |
|