متى
تقول: غدا أتوب وبعد غد سأنيب ؟!
لمتى
تظل راقدًا في مهاد الغفلة، ومتدثرًا بدثار منسوجٍ من أحلامك وخيالك، وبما تسوِّل
لك نفسُك من حُسن الظنِّ بالله؟!
لمتى
تحثُّك نفسك على المُضي في الشر وأنت تمضي معها؟! ولمتى ستَبقى آخذةً بزمامك وأنت
تتَّجه معها حيث تريد، وحيثما مالَت بك الريحُ تَميل؟!
لمتى
ستظلُّ غارقًا في أوحال المعاصي؟ وإلى متى تغورُ وتغور في مستنقع الآثام؟ وحتامَ
تَغشاك سُحبُ الأسى، ويُحيط بك سورٌ من الهموم والأوهام؟!
ألم يأْنِ لقلبك
أن يخشع، ولجَفن عينك أن يَدمع، ولشمس توبتك أن تَسطَع، ولبدر إنابتك أن يَطلُع،
ولبوارق هدايتك أن تَلمَع؟!
لمتى
تظل جِيادُ هِمَّتك في العبادة تَكبو، وسيوفُ عزيمتك في ساحة محاربة الهوى تَنبو؟
ولمتى
تُهَرْول وراء دنياك، وتُسرع فيما فيه إفسادُك، ولكنَّك إلى آخرتك وإلى ما فيه
صلاحُك مقعدٌ وقد تَحبو؟!
أسَتبقى بعيدًا عن الله وهو أقرب إليك من حبل الوريد؟!
أستبقى غافلاً عن مراقبته وهو الرقيب على حركاتك وسكناتك، بل وعلى سرِّك وعلانيتك،
وهو العليم بخواطرك وما يدورُ بفكرك؟!
أيَليق بك أن
تُقابل نِعمه العظمى وعطاياه الجزيلة بالجحود والإنكار؟!
ألسْت الوضيعَ الذي رفَعه، والذليلَ الذي أعزَّه، والفقيرَ الذي أغناه، والمريضَ
الذي عافاه، والضالَّ الذي هداه، والشريدَ الذي آواه، وميِّتَ الجهل الذي بالعلم
أحياه؟!
ألست الخائف الذي أمَّنه، والجاهل الذي علَّمه؟!
ألست المسيءَ وهو يُحسن إليك، وقاسيَ القلب وهو الذي يَحنو عليك، والجاحدَ لفضْله
وهو الذي أسبَغ نِعَمه ظاهرةً وباطنةً عليك؟!
أليس حريًّا بك أن ترجع إلى رِحابه، وأن تكون كسيرًا مُطرقًا على أعتابه، وأن
تُداوم ذِكره، وتَشكرَ فضله؟!
أمَا ينبغي عليك
أن تُقابل الإحسانَ بالإحسان، وأن تكون متفكرًا: ماذا ستقول يوم القيامة بين يدي
الدَّيان؟!