رابعة .. سُمِّيت بهذا الإسم لأنها كانت الرابعة بعد ثلاث بنات..!
وقد كانت رابعة جارية لآل عتيك .. وموطنها كان البصرة في موضع
يقال له " الأبلّة " . عاشت في فقر .. وعمرت طويلاّ فقد أربت على
الثمانين .. واشتهرت بروعة جمالها وفتنتها .. وامتهنت في بداية
حياتها الغناء واللهو والطرب ! وحين تهيأ قلبها لاستقبال النور ..
تابت توبة نصوحة .. وأفنت عمرها في التعبد والقربى إلى الله ..!
وقد سمعها سيدها يوماً وهي تدعو الله أن يعتقها من الرق , ورأى
حولها نوراً وهي متبتلة في محرابها ,, فأعتقها لتتفرغ بعدها للعبادة والدعوة إلى الله .
ولرابعة حكايات وقصص .. أسرد لكنّ وعلى لسانها ماحدث لها ذات ليلة ..!
ـ عانيت في إحدى الليالي من علة منعتني من التهجد وقيام الليل
فمكثت أياماً أقرأ جزئين من القرآن بدل القيام ..حتى تعافيت !
وكنت قد سكنت إلى قراءة القرآن بالنهار وانقطع عليّ قيام الليل.
فبينما أنا راقدة ذات ليلة إذ رأيت في منامي كأني قد رفعت إلى
روضة خضراء ذات قصورٍ وبيتٍ حسنٍ ، فأُخذتُ بذلك الجمال ..!
ثم لم ألبث أن لمحت طائرا اخضر اللون يفرّ وجارية تطارده ..
فشغلني حسنها عن حسنه ، وقلت لها : دعيه ! فوالله مارأيت طائراً قط أحسن منه ..! فقالت : مهلاً لأريك ماهو أحسن منه
ثم أخذت بيدي بين تلك الرياض الساحرة حتى انتهينا إلى باب قصر
فاستفتحت ، ففتح الباب مخرقاً إلى بستان.. فدخلنا ثم فتح لنا باب
القصرفإذا بالنور يشع منه ضوءٌ أنار مابين يدي وما خلفي . ثم
قالت : اتبعيني ! فتبعتها .. فتلقانا وصفاء بأيديهم المجامر يفوح منها البخور .. فقالت لهم : أين تريدون ؟ قالوا نريد فلاناً قتل في
البحر شهيداً نجمره ، فقالت : أفلا تجمرون هذه المرأة ؟ فقالوا :
قد كان لها في ذاك حظٌ تركته .. فأرسلت يدها من يدي ، ثم أقبلت
عليّ بوجهها وقالت :
صلاتكَ نورٌ والعبادِ رقودُ * ونومك ضدٌّ للصلاةِ عميــدُ
وعمركَ غِنْمٌ إنْ عقلت ومهلةٌ ، يسير ويفنى دائماً ويبيدُ
ثمّ غابت عنــــى واستيقظت بنــــداء الفجـــــر ..!
فوالله ماتذكرتهــــا فتوهمتها إلا طاش عقلي .. وطار نــومي !