إن الناظر في تاريخ هذه الأمة يجد فيها كثيراً من الصور المضيئة، والتي نحن بأمس الحاجة إليها في عصرنا هذا؛ لكي تكون لنا قدوة نقتدي بها، وأعظم قدوة للمسلمين هو محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أصحابه الذين رباهم بيديه وعلمهم الكتاب والحكمة. وفي هذه المادة تعيش لحظات سعيدة مع أولئك الأكارم الأمجاد، فلعلك أن تجد بغيتك عندهم.
أمة الإسلام
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، تقدست أسماؤك، وتعالت صفاتك، ولا إله إلا أنت سبحانك، سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، نشهد أن لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وصفيك من خلقك وخليلك، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين. أيها الإخوة المؤمنون: نحن أمةٌ قد أشاد الله بذكرها في كتابه الكريم، وتفضل عليها حين جعل قائدها حبيبه من العالمين، وزاد في الفضل والنعمة حين أنزل لها وحيه نهجاً لها في هذه الحياة، ومنهاجاً وطريقاً وشرعاً، أمةٌ جعلها الله سبحانه وتعالى، شاهدةً على الأمم، وقائدةً ورائدةً للأمم. أمةٌ هذا شأنها لا شك أن تاريخها سيكون مليئاً بالصور المضيئة في هذه الحياة، ونحن في أشد الحاجة في هذا الزمن إلى أن ننقب في تاريخ أمتنا، ونخرج لأجيالنا ما فيه من صور مضيئة، ونقول لدعاة التغريب ودعاة التجهيل والجاهلية لأجيال الأمة وشبابها، نقول: إن في أمتنا لأجيالنا وشبابنا ورجالنا أسوة وقدوة، وضياءٌ وضوء، ونورٌ وهدىً وتقى، وإن في أمتنا عظمةٌ ومجدٌ ونبلٌ، ونحن في أشد الحاجة إلى أن نحييها مرةً أخرى. إننا في زمنٍ -أيها الإخوة- ضللت فيه أمة الإسلام، وأصبح أسوة وقدوة شبابها كل دعي ضائع، وكل جاهلي ٍلا يعرف إلى الحق طريقاً، ولا يعرف الحق إلى قلبه طريقاً. كلما ترك لي الخيارُ كان من أكثر اختياراتي الحديث عن سير الغر الميامين؛ أسلافنا الذين رباهم محمد صلى الله عليه وسلم، والذين تربوا على يديه، والذين شعوا من أنواره، والذين نهلوا من منهله العذب، والذين أضاءوا جنبات الحياة، وجنبات تاريخ البشرية، والذين سعدت في ظل حضارتهم ومدنيتهم البشرية، والذين ما عرفت الأرض الحق إلا تحت ظل راياتهم. أيها الإخوة المؤمنون: والصور المضيئة في تاريخنا، يتحدث الإنسان عنها مرات ومرات ولا ينقضي الحديث، ويتحدث عنها كراتٍ وكرات ولا يستوعبها حديثه، موقفٌ واحد من مواقف شخصيةٍ من شخصيات جيلٍ من أجيالنا تستدعي منا أن نتحدث فيها طويلاً، فكيف ونحن نريد أن نقول لرجال وشباب وأجيال الإسلام: هذه مواقف متعددة وصورٌ مضيئة. ولنبدأ -أيها الإخوة المؤمنون- نتنقل من صورةٍ إلى صورة، ومن حديثٍ إلى حديث، ومن شخصيةٍ إلى شخصية، ومن جيلٍ إلى جيل، حتى نرى من أي أمةٍ من الأمم نحن، وأي تاريخٍ تاريخنا الذي نتحدث عنه.