الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية ، و أزاح عن بصائرنا
ظلمة الغواية ، و الصلاة و السّلام على النّبي المصطفى و الرسول
المجتبى ، المبعوث رحمة للعالمين ، وقدوة للسالكين ، وعلى آله و صحبه
و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،،
أمـــا بـــعـــــد://
كثيرا ما عايشت قصصا لأناس فقدوا أهلهم وذويهم،،
و كثيرا ما تألمت لحزنهم و ضاق صدري لضنكهم،
فأن تفقد عزيزا ،أمر يحرق القلب و يأجج الوحدة,,
لكن لم أتخيل يوما أن أكون في موقف مغاير لشتى الأمور التي توقعتها،
أو حتى المآسي التي حضرت نفسي لإستقبالها،
فقصتي ليست كباقي القصص ...
فلم أفقد عزيزا عني و لا رفيقا لدربي ,,,
بل الأصح أنه صار لي عزيزين بدل الواحد،
أو الأصح أمان بدل الواحدة !!!
نعم و من أعز على قلب المرء من أمه ؟؟
حكايتي كما سمعتها و ألصقت أطرافها الممزقة بين الماضي و الحاضر،
تبدأ يوم انهارت جدران بيتنا العائلي و تطلق والدايا ،،ذلك بعد ولادتي بنحو أسبوعين
كفلني أبتي ،بحكم أن أمي لم يكن لها من معيل و لا ساتر {{غير نفسها }}
فهي مقطوعة الرحم ،وحيدة الأهل ..... .
بعد أن تزوج والدي تكفلت بي إمرأته ،فربتني كأني ولدها {{ و فعلا كنت كذلك }}
و كانت مشيئة الله ان لا ترزق بذرية {{ غيري }}
فإعتبرتني ابنها الوحيد و الأوحد ،، و كان منها اتجاهي، ما يكون للأم بولدها
لكن ** يجري قدري بما لا يشتهي هوايا **
فبعد أن اشتد عودي و بلغت ما بلغت من عمري ,,
أتت إلى مسامعي قصة والدتي التي تركتني مجبرة بحديث العام و الخاص ..
بحثت هنا و هناك عن الحقيقة ..
حتى واجهت أمي –زوجة أبي- و أبي ،،فصارحوني العبارة المدفونة في طيّ الماضي ...
و بعد شوط من العمر المفنى للبحث،
التقيت بمن ولدتني ،أمي التي حملتني ..
و شاءت الصدف أن يكون إجتماعي بالأمين في وقت واحد
و أطبقت على صدري ،،جدران من الحيرة
أساسها أمان ،تجذبني كل واحدة اليها
و كلّي توجّس و قلق،
و عقلي به آلاف التساؤلات ... ولكن يغلبها تساؤل واحد
ماذا أفعل ؟؟ !!!!
حـيـاتـنـا مـلـيـئـة بـالأسـرار والـحـكـايـا
وهذه حكايتي مع إبني الذي ليس من رحمي .
شاءت الأقدار أن أتزوّج برجل طلق زوجته وهو أب لطفل لم يتجاوز السنة،
كان قطعة لحم فتيّة يحمل في ملامحه كل علامات البراءة،
جذبتني إبتسامته الحلوة ونظرته الجميلة التي لم أستطع مقاومتها،
وأشفقت على حاله فإحتضنته واعتنيت به واعتبرته إبني،
ومع مرور السنين تأكد لي أني لن أنجب فزادت محبتي له،
وإزددت تمسكا به وربّيته كما لو كان إبني الحقيقي،
حيث عوّضت به حرماني من الإنجاب،
كنت أسهر ليال حتى يتعافى إن مرض،
وساعدته في دراسته وشجعته على التفوق،
واعتنيت به كل العناية.
والآن أخاف أن يفارقني ويذهب الى أمه الحقيقية،
لا أستطيع أن أتصوّر الأمر فكأنه سيأخذ قلبي معه،
أصبح الأرق لا يفارقني منذ عرف أن له أما يريد أن يراها .
فماذا سأفعل ان اختار امه التي ولدته ؟
كيف سأعيش دونه ؟
أسئلة تحيرني وتخيفني نتائجها .
حـكـم الأقـدار و مـشـيـئـة الـخـالـق!!،،
كلّ بني آدم منذ أن يولد مكتوب ومسطّر على جبينه
ما سيراه وسيعيشه،مخطوط بقلم القدرة الإلهية ولا مفرّ
لنا منه ومالنا إلاّ الرضى بالقدر،،
شاءت الأقدار أن أتزوّج بشخص لا أعرفه ولم يكن لديّ
أيّ معلومات عنه، بحكم الأعراف و العادات والتقاليد،
فكان الأمر بيد الأهل لا بيد البنت ،،
تمّ عقد القران لأنتقل لبيت الزوجية و معاشرة شخص،
أجهل طبعه و طريقة تعامله و كيفية تفكيره ونظرته
للأمور ،،
في حقيقة الأمر تفاجأت وبشدّة حين رأيته ولأوّل وهلة،
كاد أن يغمى عليّ ولكن تداركت نفسي والوضع،
و حاولت رسم صورة لمستقبل قد يؤول للأجمل و
الأفضل!!،،
مرّت الأيام والشهور و شاءت الأقدار أن أحبل،
و في كل مرة كانت المسافة بيني وبين زوجي تطول
وتطول و كنت أجهل السبب في ذلك ،،
كلما حاولت التقرّب منه خاصة لما أصبحت حاملا
وسيكون هناك طفل يجمع ما بيننا ،،
ولكن للأسف الشديد إزدادت معاناتي، و في كل مرة
حاولت فيها ذلك وتبوء بالفشل !!،،
إلى أن جاء موعد الولادة بعد تسع أشهر مضت
ما بين تعب الحمل و ضعف جسمي الذي لم يتحمّل
أعراض الحمل، بالإضافة للحالة النفسية التي كانت
في كل مرة تزداد سوءا عن اليوم الذي قبله!! ،،
و جاء يوم إنجاب إبني !!،،
اليوم الذي كنت آمل أن يكون فأل خير و أمل
يضيء ظلمة حياتي ،، علّ والده يراجع نفسه
و يحاول التقرب مني و يقبل تقرّبي منه حتى نحيا
حياة سعيدة في جو عائلي الكل يحلم به !!،،
ولكن للأسف الشديد بات ذلك حلما صعب المنال،
و إزدادت قسوة زوجي حتى فاقت طاقتي بالتحمّل
و الصّبر ، و في كل مرّة يزداد الشرخ الذي
هو كان أساسا متواجدا من أوّل يوم زواجنا
و لست أدري السبب ؟؟ فهل هو
لكبر سنه والذي يفوقني بما يقارب 20 سنة ؟؟
أم ما السبب الحقيقي لذلك؟؟
وفي يوم ضاقت بيا الدّنيا ولم أعد قادرة على
التحمّل أكثر فلكلّ إنسان منا طاقة و يصعب
تجاوزها ،،
فإنفجرت و كان موقف زوجي بكل برودة
و عدم إهتمام ولا مبالاة وبكل بساطة رمى علي
يمين الطّلاق !!،،
و كأنها كانت بفمه وعلى لسانه منذ زمن بعيد
ولكنه ينتظر الوقت المناسب لقولها ،،
وكأنني قطعة أثاث إن إحتاجها إقترب منها
و إن لم يحتجها في شيء فلا يعيرها أي إهتمام!!،،
و مضيت في حال سبيلي ،،
بين يوم وليلة أصبحت مطلّقة طلاقا بائنا لا يمكن
الرجوع فيه !!،،
و لكوني وحيدة أهلي ،، ولا معيل لي غير الله سبحانه
وتعالى ،حرمت من حضانة إبني الصغير الذي كان حين
الطلاق لا يتجاوز 15 يوما من عمره !!،،
فإكتويت على الجّـنـبـيـن !!،،
عمري الذي مضى دون فائدة و مشروع زواج محكوم
عليه بالفشل من أوّله !!،،
و فراق إبني الذي كان رضيعا لا زال لا يفقه
في الدنيا شيئا ،،
ولا زال بحاجة لحليب والدته حتى يقتات منه !!،،
عشت يتيمة الأب و عشت حرمان الأم، و إحساس الأمومة
الذي عشّش بداخلي ،،
و تأنيب الضّمير الذي بات يؤرّقني!!،،
حتى النوم صار يجافيني كلما وددت الخلود إليه !!،،
تحوّلت حياتي لجحيم لا يطاق ،،
إحساس يقهرني ،،
الذات اليتيمة تؤلمني !!،،
و يتم إبني الوحيد وحرمانه من والدته وهي لا زالت
على قيد الحياة، ولم تدثّّـر بالتراب بعــد!!،،
حزن شديد يجتاحني !!،،
كلما شاهدت عيناي إبن يجري نحو والدته!!،،
و سمعت صوتا خافتا يهمس أمـاه!! ،، أمـاه!!،،
وحين ألتفت إليه أجده ليس إبني بل هو إبن جارة
لي ينادي لوالدته،،
ويزداد حزني وألمي وينزف جرحي من جديد و بشدّة!،،
و تتوالى عبراتي التي لم تكد تنشف بعـد ولا أظّنها
قد تجفّ إلاّ إذا عاد لي بنيّ في يوم من الأيّام،
عساه يمسح دموعي الجارية والمتوالية بعدد
سنين عـمــره!!،،
فكّرت كثيرا في محاولة مخاطبة والده و لكن كل ما
حاولت ذلك كان يتصداني كسابق عهده ،،
خصوصا بعد علمي أنه قد تزوّج بغيري و في مدة
وجيزة جدا بعد طلاقي مباشرة !!،،
و قامت زوجته بتربية إبني بدلا مني بحكم ظروفي
القاسية والصّعبة ،التي حالت بيني وبين ضمّه لحضني
و إحتوائه بحناني ،الذي فاق صبري و إنتظاري!!،،
فحاولت التواصل مع زوجة أبيه ،و كنت قد
أرسلت لها رسالة شفوية مع إحدى جاراتها، و هي إنسانة
تقيّة ومؤمنة و تعرفني جيّدا وكانت شاهدة على
كل شيء منذ زواجي إلى غاية هذه الآونة بالذات،،
فكان رد زوجة الأب على كلامي الدّهشة من وقع
كلامي المرسل إليها !!،،
و بدت عليها ملامح الغضب و الخوف من كون أن يعود إبني
إليّ بعد أن ربّته و تعبت عليه هي ،،
و كان وصف حالها هذا من جارتي التي أرسلتها لها
و حسب ما قالته لي وفهمته من سيّاق الحوار
الذي دار بينها و بين زوجة الأب ،،
أنها ترفض إرجاع إبني لي لتعلّقها الشديد به،
و بنفس الوقت خائفة من أن ردة فعل إبني
أن يهجرها و يعود لأحضاني!!،،
و لكن النتيجة بطبيعة الحال بيد الله وحده،
و كما أرادها الله أن تكون ستكون كذلك!!،،
وبتّ في حيرة من أمري!!،،
مابين ردّة فعل طليقي !!،،
و ما بين ردة فعل إبني حين يعرف حقيقة الأمر!!،،
و بين حزني و ألمي و حنيني وشوقي لضمّ إبني!!،،
و دمعي الذي ابى أن لا يجفّ، وجرحي الذي كلّما تذكّرت
إبني ينزف و بشدّة !!،،
وصبري الذي طال !!،،
و أملي الذي أعيش عليه أن يأتي إبني يوما ويدقّ
باب بيتي ، و أسعد بلقياه ولو بآخر يوم
في حياتي ،، حتى يطمئنّ قلـبــي و لو يوما واحدا من الأيّام،
حتى إذا ما وافتني المنيّة أجد من يقف بجنازتي ليدفنني و يأخذ عزائي!،،
منقول للفائدة
اليوم في 2:06 pm من طرف 
