الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها المسلمون، إن الله جل وعلا قد أوصى بدعامة من دعائم الإسلام وأسطوان من أساطين هذا الدين، ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والنصيحة المستمرة، والأخذ بيد المسيء ونصر المسلم ظالماً كان أو مظلوماً، وتغيير المنكر باليد واللسان والقلب، والغرض من ذلك والمقصد الشرعي هو إنجاح المهمة النبوية التي جاءت لترسي قواعد الدين في قلوب العباد، ومن هذه القواعد: توحيد الصف وجمع الكلمة ولم الشمل، والتآخي والتآلف والتعارف، وقوة المبدأ، وثبات الإيمان في القلوب ثبات الجبال وأعظم من هذا كله بعد تحقيق العبودية لله تعالى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
عباد الله، إن أول من تبدأ به في هذا المضمار نفسك، ثم أهلك وبنوك، وأقاربك، ابدأ بالأقرب فالأقرب، فقد قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
[التحريم: 6]،
وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}
[الشعراء: 214]،
وهذا مما يدل على أن الأولى بالدعوة والنصح هم الأقربون وهذا دليل شرعي، ويشهد أيضاً دليل عقلي لا ينكره أحد من الناس، وهو أنه لا يتصور أن يدعو إنسان قوماً إلى أداء الصلاة في وقتها مثلاً وأهله لا يصلون إطلاقاً، سيقول له أحدهم ابدأ بنفسك وانظر إلى ذويك أولاً.
قال مجاهد: {قُوا أَنْفُسَكُمْ} أوصوا أهليكم بتقوى الله وأدبوهم. وعن قتادة: "مروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصيته" وعن علي رضي الله عنه في قوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} قال: "علموا أهليكم خيراً"
يتبع