حــكـــمـة غـالـيـة و كــلام نـفـيـس لمن يفهمه
و يعمل به قاله النبي صلى الله عليه و سلم
:
( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
)
فما أحسن تشبيه النبي صلى الله عليه و سلم الذي أوتي جوامع
الكلم ..
فقد وصف ما يجب أن يكون عليه حالنا في ال...دنيا في كلمات
قلائل
لكنهن عظيمات و يحملن في داخلهن كل معاني هذه الدنيا
الكبيرة ..
ففي شرح هذا الحديث قيل : لا تركن إلى الدنيا و لا تتخذها
وطنا ،
و لا تحدث
نفسك بطول البقاء فيها و لا بالإعتناء بها ، و لا تتعلق منها
إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه ، و لا تشتغل فيها بما
لا يشتغل به
الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله. و بالله التوفيق
.
فالواحد منا إذا إغترب و إضطرته ظروف العمل لأن يهاجر
بعيداً عن
وطنه فإن عقله و قلبه يبقيان مرتبطان بوطنه ، فلا يفكر
بالتعمير إلا فيه
بينما موطن غربته لا يكون إلا وسيلة تزوده بالمال لتحقيق
مراده ..
فأنت هنا غريب
و كذلك علينا أن نكون غرباء في الدنيا .. لا نشغل تفكيرنا
بالتعمير فيها
و لكن ينصرف
تفكيرنا و تخطيطنا إلى الآخرة دار البقاء و القرار
..
و ما أحسن
قول الشاعر :
إن لله عبــادا فـــطنا طلقوا الدنيا وخافـوا
الفتنا
نظــروا فيهـا فلما علموا أنها ليـست للـحي
وطنا
جــعلوها لجــة واتخذوا صالح الأعمـال فيها
سفنا
فحالنا كحال عابر السبيل الذي لا يتوقف مسيره
..
فكل لحظة من
أعمارنا هي خطوات في طريق الآخرة و ما أحسن قول إبن عمر
:
" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر
المساء ،
وخذ من صحتك
لمرضك ، ومن حياتك لموتك "
فإبن ابن عمر يقدم لنا هذه الوصية العظيمة لأن النبي صل
الله عليه و سلم
كان يوجه إليه الحديث في الحديث الذي إبتدأنا به موضوعنا
..
و هو من بدايته كالتالي :
عن ابن عمر - رضي الله عنهما –
قال: أخذ رسول الله - صل الله عليه وعلى آله وسلم-
بمنكبي
فقال:
( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
)