قد يتبادر إلي ذهنك - أختي القارئة الكريمة - أن
صاحبة أعظم مهر في التاريخ هي - قطر الندي بنت خمارويه - فهي التي أخذت
مهرها ألف ألف درهم كما حكي ذلك ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان. وبني
لها أبوها "خمارويه" قصرا في كل بلد تنزل فيه من مصر حيث الدولة الطولونية
إلي بغداد حيث الخلافة العباسية لأنها زفت إلي الخليفة المعتضد من خلفاء
الدولة العباسية.. إلا أن صاحبة أعظم مهر في التاريخ وهي التي نتحدث عنها
لم تأخذ قليلاً ولا كثيراً من المال إلا أن مهرها الذي اشترطته إنما هو
الإسلام. وليس بعد الإسلام ما هو أفضل منه.
إنها أم سليم أو الرميصاء
أو الغميصاء أم أنس بن مالك رضي الله عنه - وعنها - كان لهذه الصحابية
الجليلة مواقف كثيرة نذكر لها بالفخر منها:
1- ما نحن بصدد الحديث عنه وهو أن مهرها كان الإسلام.
فحينما
أسلمت -- رضي الله عنها - وحسن إسلامها تقدم لها أبو طلحة - بعد موت زوجها
- فقالت: يا أبا طلحة: ما مثلك يرد. وأنا فيك راغبة إلا أنك تعبد خشبة فإن
أسلمت فذاك مهري فأسلم أبو طلحة وتزوجته.
ذكر ابن الجوزي رواية عن أنس
بن مالك - رضي الله عنه - ابن أم سليم - قال: خطب أبو طلحة أم سليم - وذلك
قبل أن يسلم - فقالت: أما إني فيك لراغبة وما مثلك يرد. ولكنك رجل كافر
وأنا امرأة مسلمة فإن تسلم فذاك مهري لا أسألك غيره فأسلم أبو طلحة وتزوجها
ج 2 ص46 صفة الصفوة.
2- حينما قدم النبي - صلي الله عليه وسلم -
المدينة المنورة جاء الأنصار إليه - صلي الله عليه وسلم - بالهدايا لما
عرفوا أنه يقبل الهدية إلا أن أم سليم - رضي الله عنها - لم تجد ما تقدمه
له هدية فأخذت بيد ابنها أنس - رضي الله عنه - وذهبت إلي النبي - صلي الله
عليه وسلم - وقالت له: هذا ابني أنس وقد وهبته لك يخدمك.