الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا
التقبيل ولا ما هو أعظم منه مما ذكرت، بل هو كسائر الناس حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له لصفة من يرتبط بها، وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة.
وأما ما يفعله بعض الناس من تمكين الخاطب من رؤية مخطوبته والجلوس معها والخلوة بها، فهذا منكر عظيم وإثم مبين، ومن مكن الخاطب ممن هي في ولايته يجلس معها ويذهب بها ويجيء كيف شاء فهو ديوث.
فالواجب على ولي أمر الفتاة أن يصونها عن هذا العمل المحرم، وأن يمنعها من الخاطب، كما يمنعها من غيره من الرجال الأجانب، والواجب عليك أيتها السائلة أن تتوبي إلى الله تعالى مما سبق وأن تصري على عدم العودة لذلك، وأن تندمي عليه أشد الندم، واعلمي أن من أرادت التوفيق والسعادة في حياتها الزوجية فعليها أن تبدأها بطاعة الله تعالى لا بالمعصية والإثم، ويجب ألا تغتري ولا تنخدعي بما يظهره لك هذا الخاطب من العاطفة والحب، فإن الحرام لا عبرة به، ولا يقاس عليه، لأن الشيطان يزينه والنفس تميل إليه، وكم من خاطب أظهر هذا الود المحرم، ثم بدا منه خلافه بعد الزواج، وقد يكون عقوبة من الله تعالى للزوجين لاقترافهما ما حرم الله عليهما. وأما قول الخاطب: إنك أصبحت الآن زوجتي أمام الله فهذا كلام من أبطل الباطل وأبينه، فإن الخطبة ليست زواجاً، ورضى المرأة بالخاطب لا يجعلها زوجة له، ما لم يتم العقد الصحيح المشتمل على ولي المرأة والشهود.
ولهذا نؤكد على ما سبق بيانه من أن ما يحصل بين الرجل والمرأة أثناء مدة الخطبة من نظر زائد، أو خلوة أو تقبيل منكر عظيم، وحرام ظاهر، بل هذا نوع من الزنا، كما جاء في الحديث: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوي ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" رواه مسلم.