في عالم اليوم المتّسم بالسرعة الفائقة وتعدد المهام يعمل دماغك المسكين إلى أقصى حدود طاقاته، فتراه يتنقل دون توقف بين الأفكار المختلفة ويحاول اللحاق بالمتغيرات الهائلة من حولك. وقد يلحق هذا النشاط الفكري المتواصل ضرراً كبيراً بعقلك وجسدك، لكن القليل من الناس فقط يعرفون كيف يعتنون بعقلهم بطريقة صحيحة، فالعقل السليم يعني تفكيراً واضحاً إبداعياً متطوراً كما أنه يزودك بالمرونة اللازمة لمواجهة الضغوطات اليومية لتنهي يومك بسعادة وراحة.
ولحسن الحظ فقد توصّلت الدراسات الحديثة إلى سبع عادات يومية يحتاجها دماغك ليعمل بالشكل الأمثل، والتي من شأنها كذلك الوقاية من الإصابة بالخرف (dementia) وغيره من المشاكل الصحية المرتبطة بتقدم العمر.
وكما يساعد البرنامج الغذائي المتوازن الذي يحوي الفاكهة والخضار والحبوب والبروتين ومنتجات الألبان على منح جسمك الطاقة اللازمة، فإن مجموعة النصائح التالية ستساعدك على زيادة قوتك الذهنية:
1. وقت للتركيز
لا بد أنك مررت بلحظات من التركيز لم تسمع فيها نداءات زميلك المتكررة في العمل، ذلك أن دماغك ينساق مع لحظات التركيز لأنها تساعدك على التعلم، فالدماغ يعيد تنظيم نفسه عبر الخبرات والتركيز يبقي التواصل قوياً بين خلايا الدماغ ويزيد في نموها المستمر.
عزز قدرتك على التركيز: إن دفع الدماغ للتركيز هو أشبه بضبط طفل صغير في متجر للألعاب، حيث من السهل تشتيت الدماغ ونقله من موضوع لآخر. لذلك عليك بذل الجهد لمنع حدوث التشتت، فعندما تريد التركيز على مشروع عمل أو قراءة رواية أخفض كل الأصوات حولك بما فيها صوت بريدك الالكتروني وهاتفك المحمول لئلا تشتت إنذارات الرسائل الواردة تركيزك.
2. وقت للّعب
قد لا يسمح لك عمرك بممارسة ألعاب الطفولة لكن عقول الكبار تظل تواقة إلى المحفزات التي تثيرها اللحظات العفوية، والمقصود بوقت اللعب القيام بأشياء عفوية تزيد الترابط بين خلايا الدماغ، فالأمر كله يتعلق بكسر الرتابة، وثمة نشاطات تحفز الدماغ بطرق مختلفة وهو ما يساعد في الوقاية من التراجع المعرفي المرتبط بتقدم العمر.
نوّع نشاطاتك: ابدأ ببساطة بزيادة ردودك الإيجابية على مبادرات الآخرين كقبول دعوة صديق لتناول القهوة بدلاً من التعذر دون تفكير بالانشغال بأمور أخرى، أو تجربة ممارسة الزومبا (Zumba) التي تجمع بين الرقص والرياضة لكسر روتين آلة المشي اليومي المضجر، أو بإمكانك أن تغيّر مشاريعك ومهامّك المعتادة التي تقوم بها في يوم العطلة والذهاب مع عائلتك إلى معرض أو متنزه جديد مثلاً.
3. وقت للتواصل
إذا كنت تحدق في شاشة الكمبيوتر الآن فأنت تدرك أن معظم الناس يمضون وقتاً طويلاً بعيدين عن بعضهم وعن الطبيعة في استغراقهم على شبكة الانترنت، أو انهماكهم في قيادة السيارة، أو مشاهدة التلفاز أو القيام بأي شيء لا يتضمن الاستجابة للمشاعر التي يظهرها شخص آخر أو التناغم مع صوت الريح وهي تداعب الأشجار. فهذا النوع من التواصل الإنساني مع الآخرين يفرز محفزات كيميائية في الدماغ، كالاوكسيتوسين (oxytocin) والسيروتونين (serotonin)، تقلل التوتر وتحسن الحالة العقلية. كما أن قضاء بعض الوقت في أحضان الطبيعة من شأنه أن يخفض مستويات هرمون الكورتيزول (cortisol) الذي يزيد التوتر. ويؤكد الخبراء أن الناس بحاجة ماسة للتواصل مع بعضهم ومع الطبيعة، كما أن الدراسات الحديثة كشفت عن علاقة العزلة الاجتماعية بزيادة مخاطر الإصابة بالخرف وسرطان الثدي وفرص الإصابة بسكتات دماغية أكثر ضرراً وفتكاً.
عزّز تواصلك مع الآخرين: اتصل بزميلك في العمل أو قم بزيارته بدلاً من إرسال بريد الكتروني، وادع خطيبتك إلى العشاء عوضاً عن إبقاء عينيك على هاتفك المحمول، أو اجلس ببساطة لخمس دقائق قبل النوم وأنت تداعب كلبك وتشاهد علامات الرضى على وجهه، وادخل أجواء الطبيعة بتناول الطعام في الهواء الطلق أو المشي في أحد المنتزهات بدلاً من الذهاب إلى النادي الرياضي.
4. وقت للنشاط الجسدي
تزيد ممارسة الرياضة من صحة وسعادة دماغك، فتمارين الأيروبيكس مثلاً تمنح دماغك وقوده الحيوي الأهم، وهو الأكسجين، أي أنك تحصل على جرعة من الطاقة العقلية. كما أن ممارسة التمارين الرياضية تفرز المواد الكيمائية التي تساعد الدماغ على إنتاج خلايا جديدة تحسن ذاكرتك وقدرتك على التعلم كما أنها تقلل مخاطر الإصابة بالسكتات الدماغية.
عزّز نشاطك الجسدي: إن لم تكن من محبي الأندية الرياضية، فالمشي لأربعين دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً قد يساعد في منع فقدان الذاكرة المرتبط بتقدم العمر ويحسن وظائف الإدراك. وإذا قمت بهذا النشاط مع أصدقائك فستجمع ما بين التواصل الإنساني والرياضة في آن معاً. كذلك ننصحك باستخدام السلالم بدلاً من المصعد وأن لا تطيل الجلوس خلف مكتبك والحرص على الحركة المستمرة لتنشط جسدك وعقلك أيضاً.