عثمان بن عفان
نسب عثمان بن عفان
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي.
أمه: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها: أم حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي البيضاء توأمة عبد الله بن عبد المطلب فهي عمة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأم أم حكيم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهي جدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقب عثمان بن عفان
لُقب عثمان بن عفان رضي الله عنه بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما؛ حيث زوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم رضي الله عنهما، وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي: قال لي خالي حسين الجعفي: يا بني، أتدري لما سمي عثمان ذا النورين؟ قلت: لا أدري. قال: لم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين.
كنية عثمان بن عفان
كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله. مولده ولد في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح.
صفة عثمان بن عفان الخلقية
كان رضي الله عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كث اللحية عظيمها، عظيم الكراديس[1]، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، أضلع[2]، أروح الرجلين[3]، أقني[4]، خدل الساقين[5]، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه، جعد الشعر أحسن الناس ثغرًا، جمته[6] أسفل من أذنيه، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل أسمر اللون.
زوجات عثمان بن عفان
تزوج عثمان رضي الله عنه ثماني زوجات كلهن بعد الإسلام وهنّ: رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنجبت له عبد الله بن عثمان، ثم تزوج أم كلثوم بنت رسول الله بعد وفاة رقية، وتزوج فاختة بنت غزوان، وهي أخت الأمير عتبة بن غزوان، وأنجبت له عبد الله الأصغر، وتزوج أم عمرو بنت جندب الأزدية، وقد أنجبت له عمرًا وخالدًا وأبان وعمر ومريم، وتزوج فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية وأنجبت له الوليد وسعيد وأم سعد، وتزوج أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارية، وأنجبت له عبد الملك، وتزوج رملة بنت شيبة بن ربيعة الأموية وأنجبت له عائشة وأم أبان وأم عمرو، وقد أسلمت رملة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج نائلة بنت الفَرافصة الكلبية وكانت على النصرانية وقد أسلمت قبل أن يدخل بها وحسن إسلامها.
أبناء عثمان بن عفان:
كانوا تسعة أبناء من الذكور من خمس زوجات، وهم:
- عبد الله: ولد قبل الهجرة بعامين، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أوائل أيام الحياة في المدينة نقره الديك في وجهه قرب عينه، وأخذ مكان نقر الديك يتسع حتى مات في السنة الرابعة للهجرة، وكان عمره ست سنوات.
- وعبد الله الأصغر: أمه فاختة بنت غزوان.
– وعمرو: وأمه أم عمرو بنت جندب، وقد روى عن أبيه وعن أسامة بن زيد، وروى عنه علي بن الحسين وسعيد بن المسيب وأبو الزناد، وهو قليل الحديث، وتزوج رملة بنت معاوية بن أبي سفيان، توفي سنة ثمانين للهجرة.
- وخالد: وأمه أم عمرو بنت جندب.
- وأبان: وأمه أم عمرو بنت جندب كان إمامًا في الفقه يكنى أبا سعيد، تولى إمرة المدينة سبع سنين في عهد الملك بن مروان، سمع أباه وزيد بن ثابت، له أحاديث قليلة.
- وعمر: وأمه أم عمرو بنت جندب.
- والوليد: وأمه فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية.
- وسعيد: وأمه فاطمة بنت الوليد المخزومية، تولى أمر خراسان عام ستة وخمسين أيام معاوية بن أبي سفيان.
- وعبد الملك: وأمه أم البنين بنت عينية بن حصن، ومات صغيرًا.
وأمَّا بناته فهن سبع من خمس نساء، منهن: مريم: وأمها أم عمرو بنت جندب، وأم سعيد: وأمها فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس المخزومية، وعائشة: وأمها رملة بنت شيبة بن ربيعة، ومريم: وأمها نائلة بنت الفرافصة، وأم البنين: وأمها أم ولد.
زواجه من رقية بنت رسول الله
وقصة ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد زوج رقية من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد: 1-5]. قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية: فارقا ابنتي محمد. ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما، كرامةً من الله تعالى لهما، وهوانًا لابنَيْ أبي لهب.
وما كاد عثمان بن عفان رضي الله عنه يسمع بخبر طلاق رقية حتى استطار فرحًا وبادر، فخطبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منه، وزفتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه:
أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان.
زواجه من أم كلثوم بنت رسول الله
عرفت أم كلثوم -رضي الله عنها- بكنيتها، ولا يعرف لها اسم إلا ما ذكره الحاكم عن مصعب الزبيري أن اسمها (أمية)، وهي أكبر سنًّا من فاطمة رضي الله عنها.
قال سعيد بن المسيب: "تأيم عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأيمت حفصة بنت عمر من زوجها، فمر عمر بعثمان، فقال: هل لك في حفصة؟ وكان عثمان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فلم يجبه، وذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ أَتَزَوَّجُ حَفْصَةَ وَأُزَوِّجُ عُثْمَانَ خَيْرًا مِنْهَا: أُمَّ كُلْثُومُ".
وعن أم المؤمنين بنت الصديق -رضي الله عنها- قالت: لما زوج النبي ابنته أم كلثوم قال لأم أيمن: "هَيِّئِي ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ، وَزِفِّيهَا إِلَى عُثْمَانَ، وَاخْفِقِي بَيْنَ يَدَيْهَا بِالدُّفِّ". ففعلت ذلك، فجاءها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثالثة، فدخل عليها فقال: "يَا بُنَيَّةُ، كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟" قَالَتْ: خَيْرَ بَعْلٍ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند باب المسجد فقال: يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا". وكان ذلك سنة ثلاث من الهجرة النبوية في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.
ولما توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شعبان سنة تسع هجرية تأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراقه لأم كلثوم، "ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، فدنا منه وقال: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ".
وهذا دليل حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان، ودليل وفاء عثمان لنبيه وتوقيره، وفيه دليل على نفي ما اعتاده الناس من التشاؤم في مثل هذا الموطن، فإن قدر الله ماضٍ وأمره نافذ، ولا راد لأمره.
كان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.
يقول عن نفسه رضي الله عنه: "مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ".
وكان رضي الله عنه على علم بمعارف العرب في الجاهلية ومنها: الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وساح في الأرض، فرحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقواما غير العرب، فعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره. واهتم بتجارته التي ورثها عن والده، ونمت ثروته وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش، فقد كان المجتمع المكي الجاهلي الذي عاش فيه عثمان يقدر الرجال حسب أموالهم، ويُهاب فيه الرجال حسب أولادهم وإخوتهم وعشيرتهم وقومهم، فنال عثمان مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة.