للهدية تأثير قوي في العلاقة الزوجية، لأنّها تؤكّد الحب وتعمّقه، لذا فمن هدي النبي (صلي الله عليه وسلم): "تهادوا تحابوا".
ولله در من قال:
وإن
الهدية مبهرة **** كالسحر تجتذب القلوبَ
تدني البغيض من الهوى **** حتى تصيره قريبا
وتعيد معتضد العداوة **** بعد نفرته قريبا
ولا يرتبط تأثير الهدية بثمنها المادي، بل يرتبط تأثيرها بحسن اختيارها، وإتقان تقديمها، بالرسالة التي تنقلها هذه الهدية من أحد الشريكين إلى شريكه الثاني، فللهدية رسائل متعدّدة، من أهمها:
- أولاً: رسالة تجديد الحب:
فهي رسالة تؤكد للشريك الآخر أنّها رمز التجديد والحب في الحياة الزوجية، وأنّ الذي قدم الهدية لم يشعر بملل من الشريك الثاني، مهما طالت السنون التي مرّت على الزواج.
ثانياً: رسالة شكر:
فلا يشكر الله مَنْ لا يشكر الناس، وقد تتعجّب لرجل قامت زوجته بعمل في البيت، بذلت فيه جهداً كبيراً، كإعداد طعام لأقاربه أو أصدقائه، أو ترتيب البيت، وتزيينه، أو مساعدة الأولاد في أثناء الاختبارات، ثمّ لا تجد كلمة شكر من الزوج، وكذلك يحدث هذا التغافل من الزوجة تجاه زوجها. والأولى أن يحرص كل من الطرفين على شكر الآخر، والاستمرار في ذلك، لأنّ الإنسان مفطور على أن يُكافأ بعد الإنجاز والعطاء.
- ثالثاً: رسالة الشوق:
فإذا كان الزوج مسافراً، أو غاب عن البيت في مهمة واجبة، وطال فراقه لزوجته أو قصر، فإنّ الهدية هنا تحمل رسالة التعبير عن الشوق، وكأنّه يقول لها: لقد اشتقت إليكِ شوقاً حارّاً يا حبيبتي.
- رابعاً: رسالة السرور بالسلامة والنجاة:
فعندما ينجو أحد الشريكين من حادث أو موقف مكروه، ويقدم له شريكه الهدية، فإن لسان حاله هنا يقول عبر الهدية: حمداً لله على سلامتك.
- خامساً: رسالة الإعتذار
فكل ابن آدم خطاء، والخطأ من أحد الشريكين وارد، وهنالك قد تكون الهدية رسالة قوية من المخطئ تنقل اعتذاره إلى شريك حياته، ولسان حاله يقول: سامحني فقد أخطأت في حقّك.
* صورة من الهدايا المؤثرة
1- الهدايا الرومانسية:
إنّها نمط من الهدايا ينتظره الطرف الآخر بلهفة وشوق، وهي تلهب مشاعر الحب بين الزوجين، وتثري ينابيع الحنان بينهما، ومن ذلك: باقة الورود من أحد الزوجين للآخر، أو كلمات الغزل من الزوج لزوجته، أو التعبير عن ذلك من أحد الطرفين للآخر باللغة غير اللفظية، أي بلغة العيون أو الإيماءات أو بعض الحركات التي توحي بحب أحدهما للآخر وشوقه إليه، أو تزين الزوجة لزوجها، وإحسان استقباله عند عودته من خارج البيت، أو تعطير البيت قُبيل قدوم الزوج، أو إعداد عشاء على أضواء الشموع الخافتة.. وصور ذلك كثيرة وكثيرة.
ومن ذلك أيضاً النظرة النابضة بالحنان، فهي تحمل معاني ومشاعر قد تعجز الكلمات عن إيصالها.
ومن الهدايا الرومانسية أيضاً المكالمة الهاتفية، فجميل أن يشعر شريك الحياة بأنّه في بؤرة شعور شريكه، وأنّه يسكن قلبه وفكره، ووجدانه، فيشعر الطرف الثاني بأنّه في الخاطر، وأن شريكه مشغول به ومهتم، ولا ينساه.. وكذلك الحال بالنسبة للرسالة الهاتفية، وخاصة إذا كانت كلماتها صادقة معبرة، فإنّها تؤثر تأثيراً عظيماً في نفس المتلقي.
ومن أشكال الرسائل الرومانسية الإبتسامة العذبة الصادقة المعبرة، فكما قال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): "تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة"، وخاصة إذا دعمت هذه الابتسامة بكلمات رقيقة، ولمسات دافئة، ومداعبات لطيفة، وقبلة معبرة، تشعر الشريك الآخر بأنّه مرغوب فيه، فيتفانى في عطائه لشريكه.
2- الهدايا المادية:
فالإنسان مفطور على حبّ المكافأة والتقدير، وخاصة إذا كان ذلك في صورة هدية تأتي في سياقها الطبيعي من إنسان يحس بحبه الصادق. فقد تكون هذه الهدايا المادية مالاً أو مصروفاً دورياً يمنحه الزوج لزوجته، وقد يأتي من الزوجة في صورة مساعدة منها لزوجها، إن مرّ بأزمة مالية، فتعطيه على سبيل القرض الحسن مبادرة منها، أو من قبيل الإسهام من مالها الخاص تفضلاً منها في حل الأزمة التي يمر بها زوجها، برغم أنّه المسؤول عن الإنفاق عليها وعلى البيت، ويعد ذلك تكرّماً وتفضّلاً منها.
وقد تأتي الهدية المادية في صورة "قنينة عطر" قيمة ذات رائحة جذابة منعشة، وقد تكون في شكل ملابس يقدمها أحد الطرفين للآخر.
- فن تقديم الهدية:
قد تفقد الهدية معناها إذا لم تقدّم بالشكل المناسب، لذا فمن أسس تقديم الهدية ما يلي:
- عنصر المفاجأة:
فمن دواعي سعادة الإنسان أن يفاجئه حبيبه بتقديم هدية.
2- حسن اختيار الهدية:
فلكي تكون الهدية مؤثرة يجب أن يحسن اختيارها، فنراعي أن تكون مفيدة للشخص الذي سنقدّمها إليه، فالمرأة مثلاً غالباً ما تسعدها الورود والمجوهرات أكثر من أي شيء آخر، والرجل العملي تختلف هديته عن الرومانسي.
3- الاهتمام بتغليف الهدية، وأن ترفق بها كلمات معبرة مؤثرة صادقة.