بسم الله الرحمن الرحيم
إن موضوع الروح وعلاقته بالجسد هي من أكثرالمواضيع أهمية وتعقيداً وغموضا وحيرةً، قال تعالى ( ويسئلونك عن الروح قل الروحمن أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )، ولقد بحث جمع ٌ من أهل السنة والجماعة في هذا البحث فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والروح المدبرة البدن التي تفارقه بالموت هي الروح المنفوخة فيه، وهي النفس التي تفارقه بالموت وهنا أذكر قوله تعالى في حق سيدنا آدم عليهالسلام ( و نفخت فيه من روحي )، وكذلك قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يُنفخ فيه الروح ). فيقول ابن تيمية (رحمه الله تعالى ): ( لا إختصاص للروح بشيء من الجسد، بل هي سارية في الجسد كما تسري الحياة التي هي عرض في جميع الجسد، فإن الحياة مشروطة بالروح، فإذا كانت الروح في الجسد كان فيه حياة، وإذا فارقته الروح فارقته الحياة) وأيضا يقول شارح الطحاوية (غالب ما يُسمى نفساً إذا كانت الروح متصلة بالبدن، وأما إذا أخذت مجردة فتسمية الروح أغلب عليها). أما ابن القيم (رحمه الله تعالى) فقد إهتدى لهداية الله عزوجل وعرف الروح على أنه: (جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك، ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم، فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الاثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي هذا الجسم اللطيف متشابكا بهذه الأعضاء، وأفادها هذه الآثار من الحس و الحركة و الإرادة، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسب إستيلاء الأخلاط الغليظة عليها، وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح ). ففي الواقع هذا التعريف يُعتبر أقرب تعريف للصواب بما يخص الروح حيث أن الروح هو جسم غير محسوس أو ملموس ماديا وهو جسم غيبي،أي يغيب عن إدراك الإنسان. وأنا هنا من أجل أن أُثبت صحة هذاالتعريف لإبن القيم سوف أحاول أن أطرح تعريف علمي محسوس وملموس ماديا ويُمكن إدراكه والشعور به حيث أن هذا التعريف يُعتبر نظير تعريف ابن القيم للروح ومشابه له، وهو تعريف التيار الكهربائي حيث (هو عبارة عن سيل من الشحنات السالبة الخفيفة المتحركة الغير المرئية والتي تنفذ في جوهر الأقسام المختلفة للجهاز الكهربائي من خلال نفاذها في الأسلاك الكهربائية الموصلة وفي الدوائر الكهربائية التابعة للجهازالكهربائي، فما دامت أقسام الجهاز الكهربائي المختلفة صالحة لتمرير التيارالكهربائي الخفيف المتحرك في داخلها، بقي هذا التيار متلازم ومتواجد داخل هذه الأقسام، مكسباً إياها التشغيل والحركة والعمل، وإذا عطلت هذه الأقسام ولم تعد صالحة لتمرير التيار الكهربائي في داخلها، إنقطع التيار الكهربائي عن هذه الأقسام وبالتالي فارق التيار الجهاز الكهربائي كله وتسبب ذلك في عطل وخراب الجهازالكهربائي. فيبدو واضحا كيف أن تعريف التيار الكهربائي في داخل الجهاز الكهربائي هو مناظر لتعريف الروح داخل جسد الإنسان وبالتالي هذا يُساعد في تقريب الصورة والإدراك لتعريف ابن القيم للروح في جسد الإنسان.
أما الآن سوف أجيب على ثلاثة أسئلة مهمة وهي: ماهو مستقر ومستودع و مصدر الروح في جسد الإنسان؟ وما هي ماهية وكيفية إنتشار الروح في جسد الإنسان؟ وكيف تستطيع الروح أن تتحكم في الجسد؟ والإجابة عن هذه الأسئلة سوف تكون إن شاء الله تعالى من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسوف تُساعد في فهم حقيقة علاقة الروح بالجسد وفق المنظور الإسلامي: قال الرسول صلى الله عليهوسلم ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألاوهي القلب). فهذا الحديث النبوي الشريف يمكن تفسيره من جانبين، جانب علمي مادي وجانب إيماني روحاني. فأما بالنسبة للجانب العلمي فأولا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يشير إلى حقيقة علمية وهي أن عضو القلب هو عبارة عن عضلة وذلك ظاهر في لفظ (مضغة). ثانياً، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يشير إلى حقيقة علمية وهي أن القلب هو من يغذي نفسه وباقي أعضاء الجسد كله بالغذاء والأكسجين وذلك ممكن توضيحه بواسطة شرح علمي مختصر لوظيفة القلب حيث يقوم القلب ومن خلال الدورة الدموية الصغرى بضخ الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين حيث يتم أخذ الأكسجين من الحويصلات الهوائية وبنفس الوقت طرح ثاني أكسيد الكربون إلى الحويصلات الهوائية بواسطة الشعيرات الدموية الشيريانية في الرئتين ثم يعود الدم غنياً بالأكسجين إلى البطين الأيسر بواسطة الأوردة الرئوية الأربعة حيث يتم ضخ الدم من خلال الدورة الدموية الكبرى إلى أعضاءالجسم المختلفة حاملاً معه المواد الغذائية الذائبة، والتي تم هضم جزء منها في الفم والمعدة وهضم ما تبقى منها في الأمعاء الدقيقة بشكل كامل والتي كذلك تم إمتصاصها في الدم بشكل رئيسي في الأمعاء الدقيقة كما تم إمتصاص بعضها في الفم والمعدة مباشرة وفي الأمعاء الغليظة ومن ثم نقلها إلى الكبد عن طريق الوريد البابي الكبدي حيث تُستخلص المواد الضارة والفائضة من الدم ومن ثم تُنقل إلى القلب من خلال الوريد الكبدي، حيث يتم تزويد الخلايا المنتشرة في الجسد كله عن طريق الأوعية الدموية التي تنتهي بالشعيرات الدموية التي تصل الخلايا، فتزود الخلايا بالمواد الغذائية المذابة والأكسجين الممتص من خلال الشعيرات الدموية الشريانية من أجل أن تقوم الخلايا بأنشطتها الحيوية المختلفة وتوفير المواد اللازمة لبناء خلايا جديدة لازمة لعمليات النمو ولتعويض ما يُتلف من أنسجة الجسم بما يُعرف بعمليات الأيض (البناء والهدم ) وفي المقابل يتم التخلص من الفضلات عن طريق الرئتين حيث يتم التخلص من ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء وكذلك عن طريق الجهاز البولي والجلد وفتحة الشرج حيث يتم التخلص من الماء والأملاح الزائدة وغيرها من الفضلات وهكذا تستمر الدورة الدموية بشقيها الصغرى و الكبرى. فإذا ما حصل أي إضطراب أو خلل في وظيفة القلب ينعكس ذلك سلباً على وظيفة القلب نفسه وعلى وظيفة باقي أعضاء الجسد كله وهذا ما يفيده المقطع ( وإذا فسدت فسد الجسد كله ) فعلى سبيل المثال إرتفاع ضغط الدم يسبب في زيادة ضغط الدم على جدران الشرايين الداخلية مما يؤدي إلى تصلب الشرايين وفقدانها مرونتها وبالتالي يؤدي عادة إلى مضاعفات في القلب مما يؤثر على تغذية القلب وباقي أعضاء الجسد بالغذاء والأكسجين مما قد يؤدي إلى تهديد لحياة الإنسان، كما أن ترسب المواد الدهنية وخاصة الكولسترول على الجدران الداخلية للشرايين يؤدي إلى تصلب الشرايين أو إنسدادها الكلي أو الجزئي مما يسبب أيضا إلى الإضرار بصحة القلب وبالتالي تهديد حياة الإنسان.
أمابالنسبة للجانب الإيماني الروحاني، فسوف أقوم بتوضيح معنى (فساد الجسد) من منظورإيماني وذلك كالاتي: إن فساد أعضاء الجسد ( الجوارح ) من منظور إيماني يكون بإرتكابها وإقترافها المعاصي و الذنوب وذلك يكون بسبب فساد الروح التي تأمرالجوارح بإرتكاب المعاصي، قال تعالى ( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) فالآية الكريمة تُشير بوضوح إلى أن الروح المتصلة بالبدن ، أي النفس ، هي التي تأمر الجسد بإرتكاب المعاصي وإقترافها. وكذلك قوله تعالى (ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دساها) فهذه الآيات الكريمة تشير بوضوح بأن النفس هي التي تفجر فترتكب المعاصي والآثام وكذلك هي التي تتقي فتؤدي الطاعات و الحسنات. فيبدو واضحاً وجلياً، بالإستناد إلى هذه الآيات الكريمة أن فساد الجسد بإرتكابه المعاصي هو مرده وسببه فساد الروح المتصلة بالبدن، أي النفس ، التي تأمره بذلك، مع الإشارة إلى أن فساد الروح قد يكون جزئياً بإرتكاب المعاصي مع بقائها على توحيد الله عزوجل وعلى الإيمان بكتبه ورسله وعلى رأسهم الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام ( إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نقطة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع وأستغفر صقل منها وإن زاد زادت حتى يغلف بها قلبه ).أو يكون فساداً كلياً ( والعياذ بالله ) عندما يصبح الإنسان كافراً لقوله تعالى (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم )، فهذه الآية الكريمة تشير إلى أن الله عزوجل طبع وختم على قلوب الكفارالذين لم يشاء الله أن يهديهم لعدم رغبتهم في الهداية فأصبحوا لا يفقهون ولا يعقلون كلام الله عزوجل وبالتالي لا يبصرون نور الهداية من الله الملك العظيم الهادي الكريم. مما يعني أنه ما يمكن إستنباطه وإستنتاجه من هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بأن فساد الجسد بإرتكابه المعاصي والآثام يكون سببه ومرده إلى فساد الروح المتصلة بالبدن ، أي النفس ، التي تأمره بالقيام بذلك. فإذا ما قمنا بمقارنة هذا الإستنتاج مع المقطع (وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ومحاولة الربط بينهما فيفيد هذا أنه إذا ما فسدت الروح التي هي في القلب فسد الجسد كله بإرتكاب المعاصي وهذا يُشير بوضوح وبدقة إلى أن مستقر ومستودع الروح المتصلة بالبدن هو القلب، وكذلك إذا ما قورن نفس الإستنتاج ورُبط مع المقطع ( إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نقطة سوداء في قلبه ) فهذا يفيد المعنى الآتي وهو أنه عندما يقوم الجسد بإرتكاب المعاصي فعندها تُصاب الروح التي هي في القلب بنقطة سوداء دلالة على إصابتها بالفساد وهذا يُشير بوضوح وبدقة أيضاً إلى أن مستقر ومستودع الروح المتصلة بالبدن هو القلب، وكذلك إذا ما قورن نفس الإستنتاج مع المقطع ( ختم الله على قلوبهم ) في قوله تعالى ورُبِط معه فهذا يفيد المعنى الآتي وهو أنه عندما تُصاب الروح التي هي في القلب بالفساد الكلي فتكفر بالله عزوجل فعندئذ يختم ويطبع الله سبحانه وتعالى على هذه الأرواح فتغطيها غشاوة تجعلها لا تنتفع بكلام الله عزوجل وبالتالي لا تبصر نور الهداية وهذا يُشير بوضوح وبدقة أيضاً إلى أن مستقر ومستودع الروح المتصلة بالبدن هو القلب.
أماالإجابة على السؤال الثاني وهو ما هي ماهية وكيفية إنتشار الروح في جسد الإنسان؟ فهي كالآتي: قال الرسول صلى الله عليه و سلم ( وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد،يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت، إلا ما شاء الله ". فقيل: ما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟قال: "التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام ). فهذا الحديث الشريف يُمكن تفسيره من جانبين، الجانب الأول وهو الشرح الخارجي الشامل وهو أنه عندما تحبس السماء مطرها كله وكذلك عندما تحبس الأرض نباتها كله فعندئذ تنقطع مصادر الطعام والماء وبالتالي يستعين المسلمون بالغذاء الروحاني من تهليل وتكبير وتسبيح وتحميد بدلا من الغذاء والطعام الغير متوفرمن أجل تزويد أجسادهم بالطاقة التي يحتاجونها للقيام بنشاطاتهم الحيوية، برحمة ونعمة من الله الملك العظيم الرؤوف الرحيم. أما بالنسبة للجانب الثاني وهو الشرح الداخلي التفصيلي وهو أن العبارة ( مجرى الطعام ) تشير إلى أن الطعام الصلب يجري ويتدفق كجريان الماء أو الدم، وهنا يظهر تساؤل مهم جدا وهو كيف يمكن للطعام الصلب أن يجري كجريان السوائل. والجواب هنا بسيط وهو يتمثل في الحقيقة العلمية التي تفيد بأن الطعام الصلب يتم هضمه في الأمعاء الدقيقة بشكل كامل كما يتم هضم جزء منه في الفم والمعدة وبعد ذلك يتم إمتصاصه وذوبانه في الدم من الأمعاء الدقيقة بشكل رئيسي كما يتم إمتصاص وذوبان جزء منه من الفم والمعدة مباشرة ومن الأمعاء الغليظة فعندئذ سوف يجري الطعام المذاب في الدم في أنحاء الجسد المختلفة من خلال الدورة الدموية كجريان السوائل. إضافة لذلك العبارة ( ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام ) تشير إلى حقيقة مهمة جدا ومفادها أن الروح المتصلة بالبدن، أي النفس عندما تتزود بزاد الروح وهو التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد فإنها سوف تجري في أعضاء الجسد المختلفة في نفس مجرى الدم أي في مجرى الدورة الدموية مضفية ومكسبة جميع خلايا الجسد في أنحائه المختلفة آثار ومظاهر الحياة من الحس و الحركة والإرادة وكذلك مزودة هذه الخلايا بالطاقة التي تحتاجها الخلايا للقيام بالنشاطات الحيوية المختلفة بدلا من الطعام والغذاء لأنه غير متوفر، برحمة ونعمة من الله الملك العظيم الرؤوف الرحيم. ويتم ذلك من خلال إنتشار الروح بشكل متزامن ومُصاحب لسريان الدم في أنحاء الجسد المختلفة من خلال الدورة الدموية وهذا الشرح يقود إلى نتيجة وإستنتاج مهم مفاده أن إنتشار الروح وسريان الدم في جميع أنحاء الجسد يتم بشكل متلازم ومتزامن حيث يعتبر الدم بما يحمله من غذاء وأكسجين هو السبب الظاهري والمادي المحسوس والملموس في إضفاء مظاهر الحياة على أعضاء الجسد كله من خلال قيام هذه الأعضاء بنشاطاتها الحيوية، بينما تعتبر الروح هي السبب المخفي الغيبي والغيرمحسوس أو ملموس في إضفاء آثار ومظاهر الحياة من الحس و الحركة و الإرادة على أعضاءالجسد كله.
أما الآن فتبقى نقطة مهمة جدا وهي أنه كيف تكون ماهية تلازم إنتشار الروح وسريان الدم في جسد الإنسان؟ في الواقع الجواب هو أن الله الملك العظيم الخالق البارئ وحده لاشريك له هو من يعلم هذه الماهية لأنه ببساطة الروح هي جسم غيبي ومخفي وغير محسوس فلا يمكن إدراكه أو رؤيته. ففي الواقع هنالك صور مختلفة لماهية تلازم إنتشار الروح وسريان الدم، فعلى سبيل المثال قد تنتشرالروح بشكل متلازم مع سريان الدم داخل الأوعية الدموية مع إمكانية نفاذية الروح إلى داخل الخلايا عبر الغشاء البلازمي لهذه الخلايا أو قد تنتشر الروح خارج الأوعية الدموية بشكل متلازم مع سريان الدم في داخل الأوعية الدموية مع إمكانية نفاذية الروح إلى داخل الخلايا عبر الغشاء البلازمي لهذه الخلايا، فكل هذه تخمينات وظنون وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وكل ذلك علمه عند الله الملك العظيم العليم الخبير. ولكن يُمكن إعطاء صورة تقريبية مادية محسوسة من أجل تقريب صورة ملازمة إنتشار الروح لسريان الدم في جسد الإنسان وهي ملازمة التيارات الهوائية المتحركة والغير مرئية لسطح الماء في نهر جاري حيث أن الهواء يبقى ملامس لسطح الماء ومصاحب لسريان الماء في النهر الجاري.
أماالإجابة على السؤال الثالث وهو كيف تستطيع الروح أن تتحكم في الجسد؟ فهي كالآتي: قال تعالى ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) فالمقطع ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) يشير إلى أنه ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيرة،فعندما تعمى القلوب تصبح لا تعقل ولا تدرك ولا يوجد لديها حذق ومهارة في الفهم ولانظر نافذ إلى خفايا الأشياء، فكما هو معلوم فإن الدماغ هو العضو في الجسد الذي يعقل ويفكر ويدرك فوظائف الدماغ بشكل مختصر تشتمل على تنظيم جميع أعمالنا والتحكم بحركاتنا الإرادية كتحريك عضلات الأطراف كاليد والرجل وغيرها والتحكم بحركاتنا اللاإرادية كالدورة الدموية للقلب والتنفس للرئتين والتحكم في العواطف و التحكم في الإحساسات كالرؤية والسمع والبصر والتحكم في التفكير وغيرها من الوظائف. فعند ربط هذه الحقيقة والحقيقة المُثبتة سابقا، والتي مفادها أن القلب هو مستودع ومستقرالروح، يكون معنى ذلك المقطع هو أن الأرواح التي هي في القلوب عندما يصيبها عمى البصيرة فإنها تُصبح لا تعقل و لا تدرك من خلال الدماغ الذي في الجسد وكذلك تفقدالحذق والمهارة في الفهم وينعدم عندها النظر النافذ إلى خفايا الأشياء بالرغم من إستخدامها الدماغ الذي في الجسد ولكن دون بصيرة. وكذلك قوله تعالى ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) فالمقطع ( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ) يشير إلى أن الأرواح التي هي في قلوب الكفار فسدت فضلت طريقها في ظلمات الكفر فبالتالي هذهالأرواح لم تفقه ولم تفهم ولم تستخدم الدماغ الذي يتحكم في السمع والبصر بالشكل الصحيح أي في الهداية ولكن إستخدمته للأسف في الضلال فصارت هذه الأرواح لا تُبصرنور الهداية ولا تسمع صوت الحق مما يجعلها في غفلة عن إتباع الهداية و الحق وهو دين الإسلام العظيم، فعند تدبر هذا المقطع نجد أن الواو وهو حرف عطف يعطف الخاص على العام كما في قوله تعالى ( وإذأخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) وذلك لأن رؤية العين وسماع الأذن يعتبركلاهما حالة خاصة من الحالة العامة وهي إدراك الدماغ فالبصر والسمع لا يحدثان إلامن خلال إدراك الدماغ وهذا ما أثبته العلم الحديث.
وبناءاًعلى ذلك، فإن خلاصة علاقة الروح مع العقل والقلب في الجسد هي أن القلب هو مركز الحياة في جسد الإنسان فمنه تنطلق وتنتشر الروح في أنحاء الجسد كله لِتُكسب أعضاؤه مظاهر وآثار الحياة من نفس جنس وظيفة هذه الأعضاء فمثلا الروح تُكسب العين مظاهر وآثار الحياة من الرؤية والبصر وتُكسب الرِجل مظاهر وآثار الحياة من المشي والركض وتُكسب اللسان مظاهر وآثار الحياة من الكلام والغناء وهكذا. فالقلب هو مركزالحياة للبدن كما هي الجذور مركز الحياة للشجرة فالجذور تُكسب الشجرة مظاهر وآثارالحياة من حملها للأغصان والأوراق والثمار من خلال نقلها الماء والأملاح من التربة إلى الساق و منه إلى الأغصان ومنها إلى الأوراق. بينما العقل هو مركز التحكم بالجسد فمن خلاله الروح تتحكم بالبدن وتأمره بالقيام بما تريده الروح وترغب فيه، قال ابن عباس عن علاقة الروح مع البدن( : لا تزال الخصومة يوم القيامة بين الخلق حتى تختصم الروح والبدن، فتقول الروح للبدن أنت عملت السيئات، فيقول البدن للروح، أنت أمرتني، فيبعث الله ملكا يقضي بينهما، فيقول: إنما مثلكما كمثل مقعد وأعمى دخل بستانا، فرأى المقعد فيه ثمرا معلقا، فقال للأعمى : إني أرى ثمرا ولكن لا أستطيع النهوض إليه، وقال الأعمى: لكني أستطيع النهوض إليه، ولكني لاأراه، فقال المقعد: تعال فاحملني حتى أقطفه، فحمله وجعل يأمره فيسيربه إلى حيث يشاء فقطع الثمرة، قال الملك: فعلى أيهما العقوبة؟ قالا: عليهما جميعا،قال: فكذلك أنتما )، فيبدو واضحاً كيف أن هذه الصورة التشبيهية الرائعة لابن عباس ( رضي الله عنه ) تفيد بأن الأعمى يُمثل البدن فهولا يُبصر وبالتالي فهو عاجز عن قيادة نفسه بنفسه ومن أجل ذلك هو يحتاج المقعد الذي يُمثل الروح كي يوجهه ويقوده، فالمقعد يستعين بالأعمى من أجل أن يحمله إلى حيث يشاء تماما كما تستعين الروح بالبدن من أجل أن تُنفذ ما تأمره الروح به، فالروح تتحكم بالبدن وتقوده من خلال العقل أو الدماغ .
أما بالنسبة لحالة الموت، فعندما يحين وقت الموت أو الوفاة وذلك عندما يأمر الله الملك العظيم مالك الملك بخروج الروح من الجسد لقوله تعالى ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )، فعندئذ تنتهي مظاهر وآثار الحياة من الحس والحركة والإرادة على أعضاء الجسد كله وفي ذلك دليل قاطع على أن الروح هي السبب المخفي الغيبي والغير محسوس أو ملموس في إضفاء آثار ومظاهر الحياة من الحس والحركة و الإرادة على أعضاء الجسد كله وليس الدم، بما يحمله من غذاء وأكسجين، حيث أن الدم هو فقط السبب الظاهري والمادي المحسوس والملموس في إضفاء مظاهر الحياة على أعضاء الجسد كله من خلال قيام هذه الأعضاء بنشاطاتها الحيوية طالما الروح مرتبطة بجسد الإنسان، فإذا فارقت الروح البدن فعندئذ تتوقف الدورة الدموية على تزويد الجسد بالغذاء والأكسجين لأنها تصبح غير قادرة على تشغيل نفسها بشكل ذاتي بواسطة الدماغ الذي يتحكم بها ومن خلال القلب الذي يضخ الدم وذلك لأن الروح هو السبب والمحرك الفعلي للدماغ الذي يتحكم بالدورة الدموية وبالأنشطة الحيوية في جسدالإنسان. ولكن هنا يجب الإشارة إلى حقائق علمية أثبتت علميا وطبيا بأنه عندما تتوقف الدورة الدموية والتنفس بالكامل فعندئذ يموت الدماغ بعد ذلك بحوالي ( أربعدقائق ) موت دائم وعندها يُقال أن جسد الإنسان مات موتة لا رجعة فيه وذلك لأنه عندما يموت الدماغ موت دائم فهذا يعني أن الدورة الدموية والتنفس لا يمكن أن يرجعا إلى الحياة بعد توقفهما لأن الدماغ هو العضو الذي يتحكم وينظم ويعطي الأوامر للدورة الدموية وللتنفس بالعمل وبالتالي بقاء الدورة الدموية والتنفس متوقفتين عن العمل بشكل دائم مما يعني أن النشاطات الحيوية التي تقوم بها خلايا الجسم تتوقف للأبد لإنقطاع تزويدها بالغذاء والأكسجين عن طريق الدم كما أنه من يتحكم وينظم هذه النشاطات الحيوية في خلايا الجسد كله هو الدماغ وبالتالي إذا ما مات الدماغ سوف تتوقف هذه النشاطات الحيوية تلقائيا حتى ولو إفترضنا أن خلايا الجسد كله يتم تزويدها بالغذاء والأكسجين اللازم لها من أجل القيام بنشاطاتها الحيوية. ومن أجل توضيح الصورة أكثر، فلو إفترضنا أنه تم إيقاف عمل القلب والرئتين كما يحدث في عمليات القلب المفتوح وتم الإستعانة بمنفسة تقوم يتزويد الدورة الدموية بالأكسجين بدلا من الرئتين وبمضخة تقوم بضخ الدم في الدورة الدموية بدلا من القلب، مع بقاء الدماغ يعمل بكل طاقته بسبب التروية الدموية للدماغ التي تزوده بالغذاء والأكسجين بشكل مستمر وغير منقطع ولو لثانية واحدة، فعندئذ يطلق على الجسد بأنه حي بالرغم من أن القلب و التنفس متوقفان لا يعملان. وفي المقابل، إذا ما تم موت الدماغ على سبيل المثال بسبب تهشم جذع الدماغ ،المسؤول عن التحكم في الدورة الدموية والتنفس وفي الوعي واليقظة والنوم وغيرها من العمليات الحيوية، وتم الإبقاء على عمل الدورة الدموية وعلى التنفس من خلال مضخة للدم ومنفسة للتنفس كما في عمليات القلب المفتوح فإن ذلك يُعتبر عديم الفائدة ولا جدوى منه ويُعتبر الجسد ميت بلا رجعة لأن الدماغ الذي يتحكم بالعمليات والنشاطات الحيوية في جميع خلايا الجسد هو ميت لأن جميع النشاطات والعمليات الحيوية في جسم الإنسان تتوقف وتتعطل عندما يموت الدماغ. فيبدو واضحاً كيف أن حياة الدماغ أو موته هو المعيار الأساس في تشخيص الجسد إذا هوميت أو حي تماما كما أن صحة الدماغ هي المعيار الأساس في التكليف في الإسلام،فالمسلم المُكلف بعبادة الله عزوجل هو المسلم العاقل أما المسلم المجنون الذي ذهب عقله فيسقط عنه التكليف. وقد أُثبت علميا بأن القلب يبقى يضخ الدم في فترة ما بين (10-15 ) دقيقة بعد موت الدماغ أي موت الجسد، وذلك من المحتمل تفسيره (والله أعلم) على أنه عندما تفارق الروح الجسد وتخرج منه فإنه يبقى للروح أثر أو تأثير في جسدالإنسان لمدة محدودة وذلك منطقي لأنه على وجه العموم إذا ما قُمنا بتسليط مُؤثر معين على متأثر مُحدد في وسط أو بيئة حاضنة، فعند زوال هذا المؤثر فإن تأثيره على المُتأثر لا يزول لحظيا أي مباشرة وإنما يبقى التأثير لمدة محدودة تعتمد على طبيعة النظام كله والذي يشمل ( المؤثر والمتأثر والبيئة الحاضنة ). فعلى سبيل المثال عندما نقوم بتحريك فنجان من القهوة بواسطة ملعقة صغيرة فإن ذلك يُحدث زوبعة في الكوب فإذا ما قُمنا بالتوقف عن التحريك فإن الزوبعة لا تتلاشى مباشرة وإنما تستغرق ثوان معدودة حتى تتلاشى.
أما في نهاية هذا المقال، فنسأل ونرجوا ونتوسل إلى الله الملك العظيم الهادي الكريم أن ينفعنا في تعلم وفقه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كي نعظم الله الملك العظيم العزيز الحكيم خالق الكون و خالق الإنسان، وأيضا من أجل معرفة المكانة العظيمة والكريمة للحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند الله عزوجل كونه السبب المباشر في إيصال نور الإسلام للبشرية جمعاء. فيكفي الرسول صلى الله عليه و سلم أن الله خلقه وجبله على أنقى روح بشرية مخلوقة وعقل بشري عبقري عظيم لأنه على وجه العموم فهم شريعة وأحكام الله عزوجل يحتاج بالدرجة الأولى إلى روح نقية تُبصر نورالهداية فبالتالي تُعرض عن ظلام الكفر، ثم بالدرجة الثانية إلى قدرات عقلية وفكرية كافية للإنتفاع بدين الله عزوجل وفهمه. فالرسول صلى الله عليه وسلم هو يمتلك عقل بشري عبقري لأنه إستطاع أن يستوعب ويفهم دين الإسلام العظيم عن طريق الوحي بما يحتوي على عقيدة وأحكام وإيمان وتشريع و حقائق علمية في خلق الله عزوجل، فهنا سوف أعطي صورة تقريبية من أجل توضيح هذه الفكرة وهي أنه عندما تقوم المدرسة أو الجامعة بإختيار مدرس يقوم بمهمة تدريس مبحث ما كمادة التربية الإسلامية وبالتالي إعطاؤه الكتاب المُقرر من أجل شرحه للطلاب فعندئذ هل يستطيع هذا المعلم أن يشرح الكتاب ويُفَهمه لطلابه لولا أنه على علم ومعرفة ودراية كاملة للمحتوى العلمي في هذا الكتاب؟.الجواب، بالتأكيد هو نعم لأنه ببساطة لو كان هذا المعلم غير كفؤ للتدريس لكان عندئذ إختيار المدرسة أو الجامعة له هو إختيار خاطئ و حاشى لله الملك العظيم العليم الخبير أن يختار و يصطفى رسول ، من رسله عليهم الصلاة والسلام جميعا، غيرقادر على فهم وإدراك الرسالة السماوية ،التي أنزلها الله عزوجل عليه بالوحي،والإنتفاع بها من أجل أن يُبلغها للبشرية.
أمابالنسبة لإجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا وحي فيه والذي هو ثمرة لإعماله لعقله وقدراته وملكاته البشرية فقد كان يصيب الصواب والأولى في معظم الأحيان وكان يخطئ ولا يصيب الأولى في قليل من الأحيان. وهذا طبيعي ومنطقي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو معصوم في التبليغ عن الله عزوجل بواسطة الوحي، أما بالنسبة في ما لاوحي فيه فإنه من الطبيعي أن يُخطئ الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيه لأنه هنا هو يجتهد بالإعتماد على قدراته البشرية والعقلية إعتمادا كاملا ومن دون معلم يُعلمه ويُفهمه ويُرشده بينما في الوحي فالمعلم هو الله الملك العظيم الهادي الرشيد، فبالتالي من الطبيعي أن يُخطئ الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان فحتى عباقرة المنطق والفلسفة والعلوم الدنيوية كالرياضيات والطب وغيرها كانوا يعتمدون على المشاهدة العلمية ثم التجربة والتحليل العلمي والمنطقي من أجل تفسير هذه المشاهدات العلمية لتصبح فيما بعد أُسس وقواعد يُبنى عليها الأفكار والتحليلات فينتج عن ذلك علوم كاملة يُنتفع بها وفي خلال ذلك كان هؤلاء العباقرة يصيبون في أحيان ويخطئون في أحيان وذلك لأنهم بشر ناقصون والكمال لله عزوجل وحده لا شريك له. فمن عبقرية الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن حقائق علمية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تتعلق بالكون أو بالإنسان بواسطة الوحي بكلمات مختصرة وقليلة وشاملة حيث أن جميع الشروح العلمية سواء الخارجية الشاملة أو الداخلية التفصيلية لهذه الحقائق العلمية لا تتعارض بل تتوافق جميعها سواء التفصيلية أو الشاملة مع وصف القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لهذه الحقائق، فعلى سبيل المثال لو تدبرنا قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي ) نجد أن جميع الشروح العلمية الخارجية الشاملة أوالداخلية التفصيلية تؤكد أن كل نظام حي سواء أكبر من الخلية الحية أو أصغر من ذلك يحتاج إلى الماء من أجل أن تظهر عليه آثار ومظاهر الحياة من نشاطات حيوية وبالمحصلة تكون كل هذه الشروح العلمية متوافقة ومؤيدة للآية الكريمة مع الإشارة إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما اللذان يشهدان على العلم ويؤكدان صحته وليس العكس. ولكن يظهر تساؤل مهم جدا وهو قد يقول قائل إن القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف أخبروا عن حقائق علمية في جسم الإنسان وفي الكون إكتشفها العلم الحديث في وقتنا المعاصر وأثبت صحتها. فهل يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم كان على معرفة ودراية في تفاصيل هذه الحقائق العلمية من علم الأحياء وعلم الكيمياء وعلم الجيولوجيا وغيرها ؟. فالجواب هنا هو طبعا نعم لسببين أولهما: هو كما أشرت سابقا أنه لا يُمكن لمعلم أن يُدرس أو يُعلم كتاب لتلاميذه دون أن يكون على دراية ومعرفة كاملة ومحيطة وشاملة وتفصيلية للمحتوى العلمي للكتاب. ثانيا: إن التفاصيل العلمية من علم الأحياء وعلم الكيمياء وعلم البيولوجيا وغيرها هي عبارة عن أدوات وهذه الأدوات تختلف طبيعتها بإختلاف ثقافة وحضارة الجهة التي تستخدم هذه الأدوات في شرح الحقائق العلمية فعلى سبيل المثال عندما كانت الحضارة العربية والإسلامية هي الرائدة في الحضارة العلمية الإنسانية كانت الأدوات العلمية تختلف عن مثيلتها في العصر الحديث لأنه في وقتنا الحالي الحضارة الغربية هي الرائدة في الحضارة العلمية الإنسانية، ولكن الحقائق العلمية تبقى ثابتة بغض النظر عن من قام بإكتشاف الحقائق العلمية وبغض النظر عن الأدوات المستعملة. فالأرض تبقى كروية، ومراحل تكوين الجنين في رحم أمه، وذاتية الإضاءة للشمس، وإنارة ضياء الشمس للقمر وغيرها من الحقائق العلمية تبقى ثابتة بالرغم من إختلاف الأدوات العلمية التي أُستخدمت قديما وحديثا في شرح الحقائق العلمية. وبناءاً على ذلك يبدو واضحا كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بشرح الحقائق العلمية التي ذُكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بكلمات شاملة وتجنب ذكر التفاصيل العلمية لأن المسلمون في ذلك الوقت ليست لديهم دراية وإحاطة ومعرفة بهذه العلوم والحقائق العلمية لقوله عليه الصلاة والسلام (نحن معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم ) وكذلك قال ابن مسعود (رضي الله عنه ) ( ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعض )، والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
المراجع:
1) القيامة الصغرى وأشراط القيامة الكبرى، تأليف د.عمر الأشقر