المقصود بهذا الطرح بيان حال الصائم المرجو في رمضان، واختير الكلام عن قلبه؛ لأن مدار الأمر على قلب العبد، فمتى صحّ قلبه صحّ عمله، ومتى فسد قلبه فسد عمله.
ولذلك قال الله عزّ وجلّ في كتابه لما أخبرنا عن الصيام: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183] فكان هذا هو أهم الأغراض وأعلاها، أن يجد الإنسان قلبه حال صومه، فإذا صام وهو فاقد لقبه فقد المراد، فلم يكن له من صيامه إلا السهر والتعب!
لذلك كانت العناية بالقلب من أوجب واجبات الصائم، بل من أوجب واجبات العبد في كل حياته، أن يكون معتني بقلبه.
فكم نستهين بذنوب قلوبنا بل وأحيانًا بذنوب جوارحنا!
وكم تمرّ علينا مواعظ تمنعنا من ارتكاب الذنوب!
وكم يغلق الله علينا أبواب من أجل أن لا نسقط فيما لا يرضيه ، ومع ذلك نجد في نفوسنا بما في قلوبنا من قسوة إلى الذنب متجهين،
وللقيام به متعمدين!
ولا تفسير لذلك إلا أن قلوبنا ما سلمت!
لا تفسير إلى أن يوعظنا واعظ وقت الذنب ويمنع الله طرق الذنب ونصرّ ونتحيّن فرص للوقوع في الذنب!
ما يحصل هذا كله إلا والقلوب قد قست، فما ينفعها واعظ ولا يزجرها زاجر!
لذلك كان من المأمول به أن نصلح قلوبنا من أجل أن تصلح أعمالنا.
لابد أن نعلم من هو الموفق للانتفاع بهذا الشهر المبارك.
الموفق للانتفاع بهذا الشهر المبارك هو من أصلح قلبه؛ لأنّ صلاح القلب سبب لصلاح العمل.
وكم تكرر علينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) [رواه البخاري].
فالصوم ليس الإمساك عن الطعام والشراب فقط بل للصوم معنى أكبر من ذلك بكثير أرجوا أن يستوعبه الجميع