بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
كل مايلقى العبد في الدنيا، مايوافق هواه اولايوافقه،بل يكرهه،وهو في كل منهما محتاج الى الصبر،اذ مايوافق هواه كالصحة الجسمية،واتساع الاسباب الدنيوية ونيل الجاه والمال،وكثرة الاولاد
والاتباع،لولم يصبر عليه ولم يضبط نفسه عن الانهماك فيه والاغترار به،ادركه الطغيان والبطر{ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى}وقال بعض العرفاء :
(الصبرعلى العافية أشد من الصبر على البلاءولذا لما توسعت الدنيا على الصحابة وزال عنهم ضيق المعاش،قالوا:ابتلينا بفتنة الضراء فصبرنا،وابتلينا وفتنة السراء فلا نقدر على الصبر عليها)
ومن هناك قال الله تعالى{يأيها الذين امنوا لاتلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله}
وقال{إن من ازواجكم واولادكم عدوا لكم}
ومعنى الصبر على متاع الدنيا:ألا يركن اليه،ويعلم انه مستودع عنده،وعن قريب يسترجع منه،فلا يتهمك في التنعم والتلذذ،ولايتفاخر به على فاقده من اخوانه المؤمنين،ويرعى حقوق الله في ماله بالنفاق
،وفي ببدنه ببذل المعونة للخلق،وفي منصبه بإعانة المظلومين،وكذلك في سائر ماانعم الله به عليه.
والسر في كون الصبر على السراء اشد من الصبر على البلاء:انه ليس مجبوراً على ترك نلاذ الدنيا،بل له القدرة والتمكن على على التمتع بها،بخلاف البلاء،فانه مجبور عليه،ولايقدر على دفعه،فالصبر عليه اسهل
،ولذا ترى ان الجائع اذا لم بقدر على الطعام أقدر على الصبر منه اذا قدر عليه.ثم ان المعصية ان كانت مما يسهل فعلها،كان الصبر عنها اشد،كمعاصي اللسان من الغيبة والكذب،ولوكانت مع ذلك مشتملة
على تمام ماتقتضيه جبلة النفس من الاستعلاء والربوبية،كالكلمات التي توجب نفي الغير والقدح فيه،والثناء على ذاتها تصريحاً او تعريضاً،كان الصبر عليها اشد،وقد ثبت ان اكثر ماشاع وذاع من المعاصي انما يصدر
من اللسان.فعلى الانسان كما انه يصبر على البلاء كذلك يصبر على السراءفهل الانسان باستطاعته ترويض نفسه على الصبر في السراء والضراء فيكون حينئذٍ قد حصّلَ رضا ربه وفاز وسعد في الدارين
فهنيئاً لذلك الانسان العظيم لرضاه بما يعطيه الله تعالى ويكون صابراً على السراء والضراء
فينبغي لكل احد ان يجتهد في حفظ لسانه بتقديم التروي على كلام يريد ان يتكلم به،فإن لم يكون معصية تكلم به،والاتركه،ولزلم يقدر على ذلك،وكان لسانه خارجاً عن اطاعته في الكلام وجب عليه العزلة والانفراد وترك التكلم
مع الناس،حتى تحصل له ملكة الاقدار على حفظ لسانه.
في الختام اسأل الله تعالى ان يعننا على انفسنا وان يجعلنا ممن يصبر على السراء والضراء و
وان ينبهنا من نومة الغافلين
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد واله الطاهرين.