ألا تجدون فى قلوبكم حنين لهذا الشهـر،وندم على مامضى من رمضان وقد ضيعتموه فى اللهو وفى اشياء لا تقربكم الى رب
العالمين،الا تسيرون فى الشوارع وتسمعون ان فلان قد مات فى يوم 29 شعبان بعد ان كان قد أعد كل العدة لرمضان والذهاب الى
عمـرة،هل ياتُرى سنكون ممن يحضرون رمضان لهذا العام فكم انسان كان يصلى معنا فى العام الماضى صلاة القيام واليوم لايوجد
معنا،رمضان شهر الخير والبركات شهر تكون أيامه ولياليه مليئة بالنفحات والرحمات،فلماذا نضيعـه،يامن تضيع ليل رمضان فى
مشاهدة المسلسلات والبرامج الغير هادفة أما سمعت نداء الرحمن،هل من تائب،هل من مستغفر،هل من طالب حاجة،هل من
سائل،ويامن تضيع نهار رمضان فى النوم وعلى شواطئ البحار المليئة بالمناظر المحرمة أما استحييت أن تغفل وأن تضيع
الصلوات فى الجماعة،وتضيع أيام رمضـان فى اللهو والبعد عن الرحمن والانقياد للشهوات أين تذهب ألك رب سوى
الرحمن،أضمنت مكر الله،أم ضمنت الجنة،أم اطمئننت أن يكون الله قد غفر لك كل ذنوبك،
إني صائم،
تلك الكلمة يذكّر الصائم بها نفسه وغيره فيحفظ بها صيامه وطاعته لربه،فلا يجهل على أحد فضلاً عن أن يتعدى ويظلم،وقد قطعت حظ
الشيطان عني بصيامي وضيقت عليه مسالكه وطرقه،فصومي سداً منيعاً لهوى نفسي وحظوظها وغوايتها،فقد تركت ما اعتدت عليه
من الحلال من طعام وشراب وغيرهما تقرباً إلى الله وطاعةً له عز وجل،فأنا ساكن النفس، مستقر البال،طيب القلب،نظيف الصدر،
نشيطاً مبتسماً لا أعبس في وجه أحد، يظهر أثر صيامي على جوارحي وطريقة كلامي وهدي،ورائحة فمي أطيب عند الله سبحانه
من ريح المسك،أقسم نبينا صلى الله عليه وسلم على ذلك(والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اللَه تعالى من ريح المسك)
صحيح البخاري،ومسلم،فلا أغير تلك الرائحة الزكية بالغيبة والنميمة وغيرها وأصون لساني عن ذلك فضلاً عن أن أسب أو
أشتم فصيامي يحول بيني وبين ذلك،لا أترك الرد على الإساءة إلا مرضاةً لربي كما أني لا أصوم إلا لأجله سبحانه(يَتْرُكُ طَعَامَهُ
وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)فصومي وقاية لي من الفضول وتفاهات الأمور وضياع
الوقت في القيل والقال،فعند فطري أفرح بذلك الفطر،لأني قد أديت فريضة ربي،وأداء باقي الفروض والأركان وهذه فرحتي الكبرى
عند لقاء ربي،لا أقول ذلك على سبيل الرياء والسمعة أو العُجب وإنما تطبيقاً لأمر نبينا،صلى الله عليه وسلم،في حديث أبي
هريرة،رضي اللَّه عنه،أَن رسول اللَّه،صلى اللَه عليه وسلم،قال(الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين)رواه البخاري،
وكذلك المرأة مثل الرجل يشملها قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلتقل،إني صائمة،
فلا أشغل نفسي بالقيل والقال أو ذهبت فلانة وأتت فلانة من الأمور التي هي تمهيد أو إفضاء إلى الغيبة والنميمة،فأجهز الطعام وأنا
أسبح وأؤدي عمل البيت وأنا أسمع القرآن،فلا أقضي وقتي في المحلات أو الأسواق التجارية لا ليلاً ولا نهاراً فوقت رمضان علي
عزيز فأحرص على اغتنامه،فأكون مربية لأولادي بالقدوة فعندما يرون تسبيحي وقراءتي وصلاتي يقلدونني،وكم من ابن أو بنت
رأت أمها ساجدةً فسجدت بجوارها ورددت ما تردد ورفعت يديها بالدعاء كما ترفع،
إن كمال الصيام وتمامه هو كف الجوارح عن الآثام وهي،
أولاً،غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره،
ثانياً،حفظ اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمِراء، وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان،
ثالثاً،كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه،وآكل السحت فقال تعالى(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)المائدة،وكف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره،
رابعاً،أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلىء جوفه فما من وعاء أبغض إلى الله،عز وجل،من بطن مليء من حلال،عن مقدام بن معدي كرب قال،سمعت رسول اللَّه،صلى اللَّه عليه وسلم،يقول(ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن،بحسب ابن آدم
أكلات يقمن صلبه،فإن كان لا محالة،فثلث لطعامه،وثلث لشرابه، وثلث لنفسه)رواه الإمام أحمد والترمذي،والنسائي وابن
ماجه،وقال الترمذي،حديث حسن،استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة
أشهر،ومقصود الصوم الخواء وكسر الهوى،لتقوى النفس على التقوى،وعن الأحنف بن قيس،أنه قيل له،إنك شيخ كبير وإن
الصيام يضعفك، فقال،إني أعده لسفر طويل والصبر على طاعة الله سبحانه،أهون من الصبر على عذابه،
اللهم احفظ علينا ديننا وطاعتك وبلغنا رضوانك وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.