رسالة أمي الأخيرة .. على الثلاجة
يقول الدكتور ابراهيم الفقى
في فترة المراهقة كنت أبتعد كثيرا عن البيت و أتأخر في العودة ، و كان ذلك يغضب أمي كثيرا ؛ لأنني لا آكل في البيت ، و لأنني كنت أقضي معظم النهار نائما و لا أعود ليلا إلا متأخرا بعدما تنام أمي ، فماكان منها إلا أن بدأت تترك لي قبل أن تنام رسالة على باب الثلاجة ، وهي عبارة عن إرشادات لمكان الطعام و نوعه و كيفية تجهيزه ، و بمرور الأيام تطورت الرسالة فأصبحت طلبات لوضع الملابس المتسخة في الغسيل و تذكير بالمواعيد المهمة ، و هكذا مرت فترة طويلة من مراهقتي على هذا الحال ، و ذات ليلة ، عدت إلي البيت ، فوجدت الرسالة المعتادة على الثلاجة ، فتكاسلت عن قراءتها ، و خلدت للنوم ، و في الصباح فوجئت بأبي يوقطني و الدموع في عينيه ، لقد ماتت أمي ، كم آلمني الخبر و تماسكت حتى دفناها و تقبلنا العزاء ،و في المساء عدت لبيت و في صدري بقايا قلب من كثرة الأح
زان ،و تمددت على سريري ، و فجأة قمت منتفضا ، لقد تذكرت رسالة أمي التي على الثلاجة ، فأسرعت نحو المطبخ ، و خطفت الورقة ، و قرأتها ، فأصابني حزن شديد هذه المرة لم يكن بالرسالة أوامر و لا تعليمات و لا نصائح ، فقط كان مكتوبا فيها : "ابني الحبيب ، وحشتني كثيرا ، و أتمنى أن نجلس معا فأنا أمك ، أم هل نسيت أن لك أما ، و أنا متأكدة أن في داخلك خير كثير سيظهر يوما ما ، على العموم أسامحك و أحبك ، أمك " ، و من بومها تغير حالي ، وهدأت روحي ، و انتهت مراهقتي ، و بدأ عهد الرجولة ، و عملا بوصية أمي التي كانت تريد الجلوس معي ، فقد أصبحت أزورها في قبرها كثيرا ، و آنس بها و أدعو لها بالرحمة و المغفرة .
قصص حقيقية من كتاب فن صناعة الذكريات مع الأبناء
إنها قصة حقيقية ،، اخترتها لكم من كتاب فن صناعة الذكريات مع الأبناء