لقمان الحكيم
اسمه: لقمان بن باعوراء ، ولقمان اسم أعجمي .
وكان عبدا أسود حبشيا من سودان مصر ، عظيم الشفتين والمنخرين ، قصيرا أفطس مشقق القدمين ،
وليس يضره ذلك عند الله عز وجل ؛ لأنه شرفه بالحكمة بقوله تعالى :
( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) .
وقيل : خير السودان أربعة رجال : لقمان بن باعوراء .
وبلال بن رباح المؤذن : الذي عذب في الله ما لم يعذبه أحد ، وهو يقول : أحد أحد .
والنجاشي : ملك الحبشة .
ومهجع : مولى عمر يقال أنه من أهل اليمن ، وهو من المهاجرين الأولين وهو أول من استشهد يوم بدر ..
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لقمان كان عبداً كثير التفكر،
حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة. نودي بالخلافة قبل داود ،
فقيل له يا لقمان، هل لك ان يجعلك الله خليفة
تحكم بين الناس بالحق؟
قال لقمان: إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت،
فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني،
وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء،
فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ؟
قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان،
فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو،
وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً،
ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة
من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها"
لمشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا .
وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي
هو أحب الخلق إليه وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به
أن قال يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فنهاه عنه وحذره منه .
حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
قال لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق
ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول لقمان
يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. متفق عليه .
صفاته واخلاقه
كان لقمان عبداً أسود غليظ الشفتين مجدع الأنف مشقق القدمين قصير القامة ..
وروى انه قيل له: ما أقبح وجهك يالقمان
فقال: أتعيب بهذا على النقش أم على النقاش .
لقد عوضه الله تعالى ما فاته من جمال الخلق وآتاه الحكمة وشرفه بالذكر في كتابه العزيز.
وعن جابر قال: ان الله رفع لقمان الحكيم بحكمته فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك،
فقال: الست عبد بني فلان الذي كنت ترى بالامس؟
قال: بلى، قال: فما بلغ منك ما أرى؟
قال: قدر الله واداء الامانة، وصدق الحديث، وتركي ما لا يعنيني.
وذكر أبو الدرداء يوماً لقمان الحكيم
فقال: ما اوتي من اهل ولا مال ولا حسب ولا خصال.
ولكنه كان رجلاً مسكيناً طويل التفكير عميق النظر لم ينم نهاراً قط ولم يره أحد قط يبزق
ولا يتنخع ولا يبول ولا يتغوط ولا يتغسل ولا يعبث ولا يضمك وكان
لا يعيد منطقاً نطقه الا ان يقول حكمة .
وكان قد تزوج وولد اولاد فماتوا، فلم يبك عليهم
وكان يغشى السلطان ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر فبذلك أوتي ما أوتي .
قبر لقمان
في معجم البلدان: بطبرية من المزارات في شرق بحيرتها قبل سليمان بن داود عليهما السلام،
والمشهور انه في بيت لحم في المغارة التي فيها مولد عيسى عليه السلام وفي شرق بحيرة طبرية
قبر لقمان الحكيم وابنه، وله باليمن قبر والله اعلم بالصحيح منها ويقال أنه عمر طويلا .
حكمة لقمان
ان حكمة لقمان مأثورة وكثيرة
قال وهب بن منبه: قرأت في حكمة لقمان أكثر من عشرة آلاف باب قال الله عز وجل:
{ولقد اتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد ٭
وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ٭
ووصينا الإنسان بوالديهحملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك
إلي المصير ٭ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في
الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ٭
يابني انها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها
الله إن الله لطيف خبير ٭ يابني أقم الصلاة، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما
أصابك إن ذلك من عزم الأمور ٭ ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله
لا يحب كل مختال فخور ٭ واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } .
الوصايا المتفرقة
1ــ يا بني : لا يأكل طعامك إلا الأتقياء ، و شاور في أمرك العلماء .
2ـ لا ترغب في ود الجاهل فيرى أنك ترضى عمله ، و لا تهاون بمقت الحكيم فيزهد فيك .
3 ــ كن عبداً للأخيار و لا تكن خليلاً للأشرار .
4 ــ اعتزل عدوك ، و احذر صديقك ، و لا تتعرض لما لا يعنيك .
5 ــ من كتم سره كان الخيار بيده .
6 ـ يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، فإن الله تبارك و تعالى
ليحي القلوب بنور الحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل السماء .
7 ـ يا بني للحاسد ثلاث علامات : يغتاب صاحبه إن غاب ، ويتملق إذا شهد ويشمت بالمصيبة .
8 ــ كن غنياً تكن أميناً
9 ــ لا تضع برك إلا عند راعيه .
10 ــ إن الدنيا معبرة فا عبرها ولا تعمرها .
11ـ إنك قد استدبرت الدنيا من يوم نزلتها واستقبلت الآخرة ، فأنت إلى دار تقرب منها أقرب من دار تتباعد عنها .
12 ــ إذا أردت أن توخي رجلاً فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه و إلا فاحذره .
13 ــ لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطاً تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء .
14ــ أنزل الناس من صاحبك منزلة من لا حاجة له بك ولا بد لك منه .
15ــ كن كمن لا يبتغي محمدة الناس و لا يكسب ذمهم ، فنفسه منه في عناء والناس منه في راحة .
16- امتنع بما يخرج من فيك فإنك ما سكتَّ سالم ، وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك ، إلى غير ذلك مما لا يحصى .
17- اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة .
18- يا بني : اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر .
19- ألا أن يد الله على أفواه الحكماء لا يتكلم أحدهم إلا ماهيأ الله له.
20- اعتزل الشر يعتز لك فإن الشر للشر خلق .
21- إياك وشدة الغضب فإن شدة الغضب ممحقة لفؤاد الحكيم .
22- لا تكن أعجز من هذا الديك ، الذي يصوت بالأسحار ، وأنت نائم في الأسحار .
23- عليك بمجالسة العلماء ، و استمع كلام الحكماء ، فإن الله تعالى يحي القلب الميت بنور الحكمة ،
كما يحي الأرض بوابل المطر ، فإن من كذب ذهب ماء وجهه ، ومن ساء خلقه كثر غمه ،
ونقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم .
24- يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حليم وفي رواية (عين حكيم ) .
25- عود لسانك أن يقول : اللهم اغفر لي ، فإن لله ساعات لا ترد .
26- من يحب المراء يشتم ، ومن يدخل مداخل السوء يتهم ، ومن يصاحب قرين السوء لا يسلم ،
ومن لا يملك لسانه يندم .
27- لا تضيع مالك وتصلح مال غيرك ، فإن مالك ما قدمت ومال غيرك ما تركت .
28- ليس من شيء أطيب من اللسان والقلب إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا .
29- إن الله رضيني لك فلم يوصيني بك ولم يرضك لي فأوصاك بي .
30- بابني من كان له من نفسه واعظ ، كان له من الله عز وجل حافظ .
31- لا تأكل شبعاً على شبع ، فإن إلقاءك إياه للكلب خير من أن تأكله .
32- ليكن أول ما تفيد من الدنيا بعد خليل صالح امرأة صالحة .
33- ليس غنى كصحة ولا نعمة كطيب نفس .
34- لا تجالس الفجار و لا تماشهم ، اتق أن ينزل عليهم عذاب من السماء فيصيبك معهم .
35- جالس العلماء و ماشهم عسى أن تنزل عليهم رحمة فتصيبك معهم .
36- حملت الجندل و الحديد و كل شيء ثقيل ، فلم أحمل شيئاً هو أثقل من جار السوء ،
وذقت المرار فلم أذق شيئاً هو أمر من الفقر .
37- لا ترسل رسولك جاهلاً ، فإن لم تجد حكيماً فكن رسول نفسك .