تعد مشكلة الجفاف العاطفي التي تحدث أحيانًا بين الزوجين من أكبر المشكلات التي تواجه الحياة الزوجية، فحينما تجف العاطفة في حياتنا تصبح مثل النبات الذي لا حياة فيه، الرجال والنساء عادة غير واعين بأن لديهم حاجات عاطفية مختلفة، ونتيجة لذلك فإنهم لا يعرفون فطريًّا كيف يدعم بعضهم بعضًا، فالرجال عادة يعطون في علاقاتهم ما يريد الرجال، بينما النساء يعطين ما تريد النساء، فكل منهما يفترض خطأ أن لدى الآخر نفس الحاجات والرغبات؛ ونتيجة لذلك ينتهي كلاهما إلى عدم الرضا والاستياء.
والرجل والمرأة كلاهما يشعر بأنه يعطي ويعطي ولكن لا يحصل على المقابل، إنهما يشعران بأن حبهما غير معترف به وغير مقدر حق قدره، والحقيقة أن كليهما يعطي الحب ولكن ليس بالأسلوب المرغوب.
فعلى سبيل المثال, تظن المرأة بأنها محبة عندما تسأل كثيرًا من الأسئلة المعبرة عن رعايتها أو اهتمامها، ويمكن أن يكون هذا مزعجًا جدًّا للرجل، فربما يبدأ يشعر بأنه محكوم ويرغب في مساحة، هي تعطي ما تود أن تأخذه, لأنها لو حظيت بمثل هذا النوع من الدعم فإنها ستكون ممتنة.
وبطريقة مشابهة يظن الرجال أنهم محبون, ولكن الطريقة التي يعبرون بها عن حبهم ربما تجعل المرأة تشعر بأن الثقة بها ضعيفة وأنها غير مدعومة،
على سبيل المثال, عندما تتضايق المرأة, يعتقد هو بأنه محب ومساند لها حين يلقي تعليقات تقلل من أهمية مشكلتها، ربما يقول: "لا عليكِ, إن الأمر ليس بتلك الأهمية"، أو ربما يتجاهلها تمامًا، مفترضًا أنه يعطيها "مساحة" كبيرة لتهدأ، إن الذي يظنه دعمًا يجعلها تشعر بأنها قليلة الشأن, وغير محبوبة, ومتجاهلة، فعندما تكون المرأة متضايقة فإنها تحتاج أن تسمع وتفهم، ومن دون هذا الاستبصار في الحاجات المختلفة للذكور والإناث, لا يدرك الرجل لماذا تفشل جهوده في المساعدة0
خطوات نحو الإشباع العاطفي
بعد الكلمات السابقة يتبين أن المطلوب من الزوج أن يعطي زوجته ما تحتاجه المرأة حتى يشبعها عاطفيًّا، والمطلوب من المرأة أن تعطي زوجها ما يحتاجه الرجل، وليس ما تحتاجه المرأة، حتى تشبعه عاطفيًّا، ولكن كيف يكون ذلك؟ تأمل هذا المعنى..
لو أعطيت الأرنب لحمًا، فهل يستسيغه، وهل يحبه؟! ربما تصر أنت أن تعطيه اللحم، فتغيِّر صورته: مسلوقًا، مشويًّا، أو نيِّئًا.. وقد تعجب أنه لا يأكله في كل مرة تقدمه له فيها! هل تعرف السبب؟ إنه ببساطة شديدة لا يحتاجه، ولا يريده، ولا يحبه.. ولكنك إن أعطيته خَسًّا أو جزرًا فسوف تجده من المحبين لك والراضين عنك؛ لأنه يحب ذلك ويريده.
إذًا لابد وأن يعرف الرجل والمرأة أن الحاجات العاطفية لكل منهما تختلف عن الآخر، فلا ينبغي أن يقدم الزوج لزوجته العاطفة التي يفضلها هو، فلكل منهما طريقته الخاصة، ويمكن أن نجمل الحاجات العاطفية التي يحتاجها كل منهما؛ حتى يصلا إلى الإشباع العاطفي المناسب، وهذه الحاجات هي:
الثقة والرعاية:
عندما يبدي الرجل عناية بمشاعر زوجته واهتمامًا من القلب بخيرها، تشعر بأنها محبوبة وتلقى الرعاية، وبذلك ينجح في إشباع حاجتها إلى الرعاية، وعندما تثق الزوجة في زوجها وتظهر له تلك الثقة يصبح أكثر رغبة في رعايتها.
القبول والتفهم:
تحتاج المرأة إلى الشعور بأن زوجها ينصت لها ويتفهم مشاعرها، وحينها تشعر بأنها مسموعة ومفهومة، ويحتاج الزوج إلى الشعور بتقبل زوجته وحبها له دون أن تحاول تغييره، وحينها يشعر بأنه متقبل (هذا لا يعني أن المرأة تعتقد بأنه كامل، ولكن يشير إلى أنها لا تحاول تحسينه، وأنها تثق بقيامه بالتحسينات المتعلقة به، فعندما يشعر الرجل بأنه متقبل يكون من السهل عليه جدًّا أن ينصت وأن يمنحها التفهم الذي تحتاج إليه وتستحقه)
التقدير والاحترام:
تحتاج المرأة أن تشعر أن زوجها يعترف بحقوقها ويعطي أفضلية لرغباتها وحاجاتها، وحينها تشعر بأنها محترمة (وعندما يتصرف آخذًا بعين الاعتبار أفكارها ومشاعرها، ستشعر بكل تأكيد بأنها محترمة، وتعبيرات الاحترام الملموسة والمادية، مثل باقة من زهور وتذكر يوم الزفاف، تعتبر أمورًا جوهرية لإشباع حاجة المرأة إلى الشعور بالاحترام 0
عندما تشعر المرأة بالاحترام يكون من السهل عليها كثيرًا أن تعطي زوجها التقدير الذي يستحقه، فالرجل يحب دائمًا أن يشعر بتقدير زوجته له.
الإعجاب والتفاني:
يحتاج الرجل إلى الشعور بأن زوجته معجبة به (والإعجاب بالرجل هو أن تنظر إليه بإكبار، وابتهاج، واستحسان، والرجل يشعر بأنها معجبة به عندما تكون مذهولة بسرور من خصائصه الفريدة أو مواهبه، والتي يمكن أن تتضمن الفكاهة، القوة، والإصرار، والاستقامة، والأمانة، والغرام، واللطف، والحب، والتفهم، وغيرها)
أما المرأة فتحتاج للشعور بتفاني زوجها لها وتضحيته من أجلها، وإشعارها بأنها أكثر أهمية لدى زوجها من اهتماماته الأخرى مثل العمل والدراسة والتسلية.
التشجيع والطمأنة:
يحتاج الرجل دائمًا إلى أن يشعر بالتشجيع من قبل زوجته والثقة في قدراته، فهذا يمنحه الأمل والشجاعة، بينما تحتاج المرأة للشعور بالطمأنة من قبل زوجها، ويكون ذلك بإظهار رعايته وتفهمه واحترامه لها، وإقراراه لمشاعرها وتفانيه في حبها ورعايتها.
ورقة عمل:
وكي تمتلئ حياة الزوجين بالجدية والحب والعاطفة، لابد وأن يقدم كل منهما دلائل رغبته في استمرار تلك الرابطة المقدسة التي جمعت بينهما، وتتمثل تلك الدلائل في جزئين:
الجزء الأول:
ويشمل المفاتيح الخمس التي بدونها لا يكون للحياة الزوجية لون:
1. الصبر
2. الصراحة
3. القبول
4. الحاجة إلى الطمأنة
5. المساواة
الجزء الثاني:
ويشمل خطوات عملية ينبغي أن نأخذها بقوة ونطبقها بجدية، حتى تحل المشكلات بين الزوجين بيسر وتستمر الحياة بينهما برحمة ولطف، وتلك الخطوات هي:
(الخطوة الأولى: الاحترام المتبادل:
فالموضوع ليس مهمًّا بقدر أهمية موقف كل واحد من الزوجين تجاهه وفي ظل الاحترام المتبادل، نجد أن كل زوج يحترم وجهة نظر الآخر ..
الخطوة الثانية: التركيز في الموضوع الحقيقي:
غالبية الأزواج يجدون صعوبة في التعرف على الموضوع الحقيقي المسبب للخلاف، فكيفية توزيع الأعمال في المنزل، وما كمية المبالغ التي تصرف؟ وغيرها كلها مواضيع تحتاج إلى حلول ولكنها لا تشكل صلب الموضوع الحقيقي للخلاف، ما يحاول الزوجان الوصول إليه هو الموضوع المسبب للخلاف، وعندما يتم التعرف على الموضوع الحقيقي محور الخلاف: مثل من يسيطر ومن يرفض السيطرة، ومن يشعر بأنه مفتقر للاحترام، يصبح من السهل حل الخلافات السطحية، والوصول إلى اتفاق.
الخطوة الثالثة: ابحثا عن مجالات الاتفاق:
عليك أن تتذكر في موقف الخلاف أن أكثر الأساليب فعالية هي أن تسأل نفسك: ماذا أستطيع أن أعمل لأحسن من علاقتنا؟؟ فالتركيز على ما تستطيع أنت القيام به دون الضغط على الآخر يوجِد جوًّا يسهم في الوصول إلى اتفاق.
وبالاتفاق على التعاون بدلاً من المجادلة، يبدأ الزوجان في وضع الأسس لاكتشاف ماذا يستطيع كلاهما أن يقدم للوصلول إلى حل للخلاف.
الخطوة الرابعة: اتخاذ القرارارت بالاشتراك معًا:
حين يبدأ الزوجان في التعمل مع المشكلة ومحاولة توضيحها، يمكن لأحد الزوجين أن يقدم حلاًّ مؤقتًا، وعلى الآخر أن يستجيب إما بالقبول أو بتعديل الحل أو باقتراح حل آخر، فالمناخ الذي يتسم بالأخذ والعطاء والتبادل هو المناخ الصحي الفاعل.
فإذا وصل الزوجان إلى اتفاق، فيجب أن يحاولا توضيح دور كل منهاما في تنفيذ القرار.
تشير بعض الأبحاث إلى أن أغلب الصراعات الزوجية إنما تنشأ بسبب أربعة عوامل هي: المال، والأولاد، طريقة التعامل، والعلاقة الجنسية، ولكن يبدو في الحقيقة أن هذه الأمور الأربعة إنما هي مجرد أعذار أو مبررات رغم أهميتها وأن سبب المشكلات حقيقة أعمق من ذلك، وإنما هي بسبب معانٍ وقيم خفية أكثر عمقًا، كأن يشعر أحدهما بأن الآخر لا يحبني ولا يرعاني أو أنها تحاول السيطرة عليَّ، أو أنه لا يساعدني أبدًا، ويمكن لهذه المعاني العميقة أن تظهر إلى السطح عند أقل مشكلة صغيرة، ويبدو أن الرجل بشكل عام يقدر مسألة الاستقلال، بينما المرأة جانب المودة . فعلينا أن نتبع الخطوات السابقة حتى نصل إلى أصل المشكلة ونشرع في حلها بسرعة؛ حتى يعم السلام والحب بيوتنا ونجني ثمار الاستقرار والرغبة في الاستمرار دائمًا وأبدًا.