غيوم فى القلب
ودعته في الصباح وهو ذاهب الى مدرسته ودعته بدعوتها له بالسلامة وبتوصيتها له أن ينتبه لنفسه
فمدرسته تقع قرب احدى المستوطنات مباشرة وهذا يعنى الخوف المستمر والخطر المستمر ووجوب
اخذ الحيطة والحذر فالغدر يسكن كل الأركان ويعشش في كل الزوايا فيرد عليها صغيرها بابتسامة
وكأنه يسخر من كل الأخطار ولا يرى فيها ما يستحق الخوف:-
- ما تخافى ياما .... ابنك رجل ....
ويغادر الى مدرسته يملأه الزهو لأنه قد تواعد مع صديقه على الذهاب الى المستوطنة بعد انتهاء
الدوام المدرسي للاشتراك في المواجهات وظل طوال يومه شارد الفكر يتصور نفسه وهو يلتقط
الحجارة ويقذفها فى وجوه أعداءه ....كم يكرههم .... انه كرهه لهم وحقده عليهم يتضاعف كل يوم
بل كل ساعة ....عندما يشاهدهم على التلفاز ويرى تطائعهم عندما يتذكر أبناء جيرانهم الذين
استشهدوا ....وعندما يرى جارهم العجوز الذى فقد صوابه حين اختطفوا ابنه الوحيد ولم يعيدوه
له ألا بعد دهر من العذاب جثة هامدة ممثل بها كل شئ فى حياته يسكب مزيدا من الحقد على
هؤلاء القوم فى كل ركن من كيانه ينفلت من مقعده كالطير عندما ضرب جرس نهاية الدوام يذهب
راكضا مع صديقه الى موقع المواجهات يقذف أول حجارة فيعاجله رصاص الغاصيبن ليسقط
على الفور شهيدا .....
عندما اعادوه الى أمه شهيد أحست كأن نارا في داخلها كأن حمما تندلع في صدرهاأحرقت دموع
صدمتها احست كأن دنياها قد خلت من الفرح وفقدت كل رونقها فلذة كبدها قد تكسرت وضاعت
أحست كأ، قطعه من قلبها سلبت ولكنها مع كل الأسىالذى يلون أعماقها برايات الحداد تشعر بنور
يتسلسل الى روحها نور من فخر وفرح فابنها:-
شهيد .... شهيد ....
ظلت الأم تتصرف زكأ، ابنها لم يزال حيا تنظف غرفته كل يوم وترتب أشيائه وتعد ما يجب من
الطعام وتواصل حياتها وابنها حيا فى وجدانها وبين كل الأسى والفخر الذى يسكنها تظل صورة
ابنها تشرق فى حنايا الروح .