القصة تقول
منذ فترة دخل شاب بحذائه إلى داخل المسجد يا إمام .. يا إمامكان يوم الجمعة بعد الصلاةماذا في الأمر؟أبي .. أبي ..يحتظر فتعال واقرأعليه القرآن دعاني الإمام و قال إذهب إليه و اقرأ سورة يسقلت: و لكني أخاف .. لم أدخل على إنسان يحتظر من قبل قال لي اذهب و استعن بالله استعنت بالله و دعوت معي صديقي فهو أدرى مني و أعلمدخلنا البيتو إذ بالرجل ملقى على الفراش و لا تكاد تصدق .. جلده على عظمه منذ كم هو هكذا؟قال : خمسة أشهر. يأس الأطباء من شفائه و هو منذ ذلك الحين في غيبوبة. يفيق أحيانا و يعود في غيبوبته. و في هذه المرة لا نظنه إلا أنه سيموت لما نرى من حاله.سبحان الله ..لا يأكل ..لا يشرب ..و جلده على عظمه و يتنفس كأنه من خرم إبره ، فاتحا فاه على أقصاه، مشدود اليدين قابضا يده اليمنى بشدة و يده اليسرى قد استرخت من وزنها فهي الوحيدة المنتفخة في جسمه من أثر السرطان، أعاذنا الله و إياكم منه و من كل بلاء.كانت زوجته طيلة هذه الشهور إذا فاق أحيانا تسرع و تمسح شفتيه بقماش مبلول. لا يأكل و لا يشرب، أحيانا يفيق يفتح عينه يذكر فقط اسم زوجته أو اسم صديقه، لا شئ غير ذلك. و الأن هو على هذه الحال فاغرا فاه يتنفس بشدة من بلعومه وبصعوبة بالغة لا تصدق. شئ مرعب حقابدأت أقرأ عليه سورة يس، و كأنني أنتظر أن يفيق أو أن يتبين موته.أنتهيت من السورة و لا شئنظرت إلى صاحبي، قلت له إذهب يبدو الأمر سيطول و سأبقى أنا عنده. قلت لعل صاحبي عنده بعض المشاغل.فجلس عند رأسه يودعه ليذهبفقال له، بصوت منخفض : اعلم يا أخي أنك مقبل على الدار الآخرةو مغادر الدنيا إلى رب رحيمو تذكر أنك كنت تحب الناس و تفعل الخير، و تحب الصالحين و تفعل المعروف ... كلمات بسيطات تعجبت لها ..- و صاحبي يقول ذلك و نحن لا نعرف عنه أي شئ على الإطلاق و لا ندري أيسمعنا أم لا يسمعنا-فوالله يا أخواني ما هي إلا لحظات و نزلت دمعتان من عينيه اليمنى و اليسرى و بدأ يسيل الدمع على خديه و هو لا يتحرك فاغرا فاه لا يبصرنا أو أنه يبصرنا لا ندري و لا يسمعنا أو أنه يسمعنا لا ندري. و أحلف لو أنك تريد أن تستخرج منه نقطة ماء فلن تستطيع لانه أصبح جثة هامدة كالخشب جلده على عظمه. و لولا أني رأيت ذلك لما صدقت.ثم لما رأت زوجته دمعتاه صرخت بالبكاء و لم تكن تصدق أنه كان يسمعنا و علمت و قتها أنه لا زال حيا يسمعنا و لكن لم نكن ندري...رحمه الله فاضت روحه بعد أقل من لحظات ..علمت وقتها أن الله رحمته واسعة و أرحم مما أعلم .سألنا بعد ذلك من هذا؟قال صديق له جاء بعد حين:كان رئيس اتحاد الطلاب المسلمين، و كنا نجتمع عنده في بيته ثم اختلفنا و صار كل إلى طريقه فلم نعد ندعوا إلى الله و تركنا الدعوة ثم كبر و ابتلاه الله عز وجل زمنا طويلا .. حتى هذه اللحظة و سبحان الله الذي رحمه بدمعتان في يوم الجمعة فالتوبة التوبة أيها الناس"و لا تحقروا من المعروف شيئا و لو أن تلق أخاك بوجه طلق"ا و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنونلحظة الموت شديدة مخيفة مرعبة ...لن أعود لأقرأ على الأمواتو لكني أخاف الموتأن يأتيني في كل لحظة ..و أعوذ بالله من موت الفجأةو أسأل الله الشهادة لأانها أسهل موتة و أشرف موتة و فيها مغفرة الذنوبادع الله لي الشهادة ..في بيت المقدس ..