90 قناع من الخداع
الفصل الخامس
قال ليسنزو بضيق : " لا تحملي نفسك اكثر من قدرتك . "
كان يبدو عليه التوتر مثلها تماماً ، فاعصابه مشدودة
كالأسلاك . مصدومة جداً ، لا قدرة لها على الكلام من شدة
الغضب ، مدت بيدها المرتجفة المغلف اليه ، وبتعابير قريبة
من الشفقة امسك به . ساد صمت طويل وهو يقرأ . رفع رأسه
بعد ان عمل على اخفاء كل انفعالاته .
بدأ بالقول : " ميرديث ... "
قالت بصوت اجش : " لا تتكلم معي ! " وبقوة ضربت يده ،
لتسقط الاوراق التي تعلن عن تغير اسم ابيها . همست : " والدي
كان ايطالياً . "
صحح لها بحزن : " بل فينيسي . "
شعرت بغضب مجنون : " وما الفرق ؟ "
قال بنعومة : " بالنسبة لشخص من فينيسيا ، هناك فرق
كبير . "
قالت بمرارة : " انت تتلاعب بالاسماء ، ولقد اكتشفت للتو ان
اسم والدي كان انطونيو كورزيني ! كورزيني ! " بدأ الكلام
يضج في رأسها ، قالت بضعف : " الابتزاز ، اه ، لا استطيع تحمل
ذلك ! "
" ليس لديك اي خيار . لقد جلبت هذا لنفسك . "
غطت وجهها بيديها ، بعد سمعها لملاحظته الخالية من اي
احساس بالرأفة ، فلقد ارادت ابعاد عينيها عن نظراته الحاقدة .
قناع من الخداع 91
ترقرقت الدموع في عينيها ، ولم تقم بشيء لمنعهم من
التساقط على خديها عبر اصابعها . لوالدها ماضي عمل
كثيرا كي يخفيه . ربما ماض سيء ... والا لما قام على
التهرب منه ؟ فكرت بيأس ، كما انه كذب عليها . لقد كذبوا
جميعا عليها .
قالت وهي تتنهد : " حياتي كلها ... بنيت على كذبة . " لا عجب
انها لم تشاهد له يوماً صوراً عن ماضيه . لا عجب انه كان
يتهرب دوماً عندما كانت تسأله اي سؤال عن طفولته . قالت
بصوت يرتجف من العاطفة : " كيف يمكنه ان يفعل كل ذلك
بي ؟ "
قال بخشونة : " ربما اراد ان يحميك . "
سألت : " مما ؟ " وسالت دموعها بغرازة : " ماذا ايضاً لم
يخبروني به ؟ "
بكت بمرارة في ذلك المستودع البارد . لم يحاول ليسنزو
ان يخفف عنها . كان وكأنه قد تحول الى لوح من الثلج . سيطر
عليها حزن قوي ، فجلست على الارض تبكي وضعها البائس
بينما وقف ليسنزو يراقبها بدون اي تأثير . كان بارداً
كالحجر الذي تجلس عليه . هذا ما فكرت به بحزن . فأي رجل
عادي كان سيحاول التهدئة والتخفيف عن كل من يمر
بوضعها .
فجأة ، وبدون سابق انذار تحول حزنها الى غضب عارم ،
فعدم اهتمام ليسنزو جعلها تصرخ : " والدي ! كنت تعرف كل
ذلك الوقت ، اليس كذلك ، انه كان من فينيسيا ؟ "
" نعم . "
كان جوابه القاسي كحمام من الماء المثلج . " كيف يمكنك
92 قناع من الخداع
ان تكون بكل هذه القسوة ؟ كان عليك ان تخبرني بالحقيقة .
لدي الحق في ان اعرف ، الحق بمعرفة الحقيقة ! "
في ثورة غضبها ، نهضت واخذت تضرب بقوة صدره .
كانت الدموع الحارة تتساقط على وجهها . بعد فترة ادركت
انها تضربه بقوة كافية لتسبب له الألم ومع ذلك لم يرفع
يده ليمنعها . شعرت بالخجل من فقدانها السيطرة على
نفسها تماماً ، مررت يدها فوق عينيها ونظرت اليه .
قال بصوت اجش : " استمري . اضربيني ان كنت تشعرين
بالحاجة لذلك . لا تهتمي لما اشعر به . "
صرخت : " اه ! ايها المتوحش ! انك تسخر مني . انت عديم
الاحساس والشعور ! كيف يمكنك ان تبقى بارد الاعصاب
بينما حياتي تتمزق امام عيني ؟ كان بامكانك ان تحضرني
لهذا ... "
قاطعها قائلاً : " لا ، قد أكون شككت بالامر ، لكن فقط حاملي
مفتاح الامانات يعلمون ما في داخل صناديقهم . "
قالت ميرديث : " كورزيني لا يعلم ايضاً ؟ " هز رأسه نافيا .
" لكنك كنت تدرك انه وابي على علاقة ما ، أليس كذلك ؟ "
" نعم . "
ارتجفت ميرديث من اعترافه ، وظهر ألم قوي على وجهها .
قالت ببطء : " الان فهمت ! هذا ما كانت تحاول غران اخباري
اياه ، جدتي الغالية . لا عجب انها اصيبت بالرعب ! كانت تريد
اخباري عن ابي . " تأوهت بحزن واخذت رأسها . لابد ان الامر
كان مخيفاً لها ، ان تشرح العلاقة بينه وبين بلاده الاصلية .
قال ليسنزو بلهجة قاسية كالفولاذ : " ميرديث ، لا ترفضي
ما يحدث . قد يغير ذلك كل حياتك . "
قناع من الخداع 93
رفعت رأسها بغضب وبسرعة قصوى جعلت شعرها
الاحمر يتطاير على كتفيها . بحثت عيناها بقلق عن اي
عاطفة في وجه ليسنزو . ولم تجد اي اثر لذلك . " لقد غيرت
حياتي بالفعل ! فأنا لم اعد ذات الفتاة التي حضرت الى هنا .
اولاً ، انا الان نصف ايطالية . وانتمي الى عائلة لا اعرف شيئاً
عنها كما وانني لم اعد اشعر بالامان والثقة . " تابعت وهي
تسأل بضيق : " ماذا تريد ان تخبرني ؟ هل هناك جماجم في
خزانتي ؟ هل هناك في عائلة كورزيني ما يخجل به ؟ "
صرخ بقسوة : " لا ! "
" حسناً ، هناك شيء ما يثير عاطفتك . "
لمع وجهه بنور غريب من الغضب ، لكنه تمتم : " اعتبري ان
شيئاً لم يحدث . احتفظي بالذكريات الجميلة . "
صرخت بحرارة : " لا ، لقد تبعثرت الان . الا ترى ذلك ؟ اية
فكرة في التراجع الان اصبحت مستحيلة . ساعدني ! هذا اهم
شيء جدث معي طوال عمري ... "
قال بسرعة : " اه ، طبعا ، فكري في المال الذي قد تحصلين
عليه ! هذا ما تفكرين به الان ، اليس كذلك ؟ " تابع بخشونة : " لقد
اخذت جدتك الكثير من المال من كورزيني لمدة عشر سنوات .
قد يكون عملها مثيراً للشك ، لكن المال الان اصب حلك . يمكنك
الاحتفاظ بكل هذه الاموال لتحقيق طموحك الصغير ... "
قالت بغضب ، وهي متفاجئة من قوة غضبها : " توقف عن
ذلك ! " تعلم ان لديها احساس قوي بالعاطفة ، لكنها فجأة
اخذت تفكر بحياتها . لقد قيل لها ان هذا طبع اهل ويلاش .
لكنها ايضاً ايطالية . من فينيس بالتحديد . نظرت بقوة الى
ليسنزو . انها من ذات البلد . الرغبة في معرفة كل شيء
الجمعة أغسطس 09, 2024 11:00 pm من طرف ملاك الطيف
» "حمــال أفقه منك يا حســن
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:54 pm من طرف ملاك الطيف
» المسلسلات لا تمثل قيما الدينة
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:46 pm من طرف ملاك الطيف
» فتفقدوا أحبابكم.
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:20 pm من طرف ملاك الطيف
» اتركوا المنتدى حالا
الأربعاء يوليو 17, 2024 5:06 pm من طرف ملاك الطيف
» اب يرسل ابنته للدعارة !!!
الثلاثاء يوليو 16, 2024 2:57 pm من طرف ملاك الطيف
» | صلـــة الرحـم |
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:48 am من طرف ملاك الطيف
» ما سبب ارتفاع نسب الطلاق
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:40 am من طرف ملاك الطيف
» لســت مجبـــراً أن أفهــم الآخريــن مـن أنـــا..
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:33 am من طرف ملاك الطيف