ســعادة للبيع تأليف : البرتو مورافيا- ترجمة : وفاء شوكت
نحو منتصف بعد ظهر كل يوم، كان الموظف العجوز، المتقاعد، المدعو ميلون، يخرج من منزله، بصحبة زوجته أرمينيا، وابنته جيوفانا. كانت زوجته بدينة ومتقدِّمة في السن، وابنته هزيلة البنية وقد أصبحت الآن مسنَّة ومثل المخبولة. كان آل ميلون الثلاثة، الذين يسكنون ساحة "ديللا ليبيرتا"، يصعدون ببطء، على خطا أرمينيا السمينة، يمسحون شارع "كولادي ريانزو"، متأمِّلين واجهات المخازن الواحدة تلو الأخرى. وكانوا يغيِّرون الرصيف في ساحة ريزور جيمنتو" ويعودون، وهم يتابعون تأمَّل المحلات بالعناية ذاتها، نحو ساحة "ديللا ليبيرتا". كان هذا الذهاب والإياب يستغرق قرابة ساعتين، الوقت الكافي للتجلُّد حتى تحين ساعة العشاء. ولم يعد أفراد عائلة ميلون الثلاثة، الفقراء جداً، يدخلون إلى قاعة سينما أو مقهىً منذ زمنٍ طويل. كان التنزُّه هو تسلية حياتهم الوحيدة.
وفي يومٍ من الأيام، وبعد أن خرجوا في الساعة المعتادة وصعدوا شارع "كولادي ريانزو" تقريباً حتى ساحة "ريزور جيمنتو"، لفت انتباه أفراد عائلة ميلون الثلاثة مخزن جديد، وكأنه فُتِح بطريقةٍ سحرية، في المكان الذي لم يكن حتى مساء أمس سوى حِباك(1) مغبرّ. وكان صقيل الزجاج يمنعهم عن تمييز البضاعة. فاقتربوا، ثلاثتهم، من المخزن، ودون أن ينبسوا ببنت شفة، شكلوا نصف دائرةٍ على الرصيف وهم يصطفون أمام واجهاته.
كانوا يرون الآن البضاعة بوضوح: السعادة. كان أفراد عائلة ميلون الثلاثة، مثل جميع الناس هنا، قد سمعوا دائماً، الحديث عن هذه السلعة، ولم يروها قط. كانوا يتناقشون حولها هنا وهناك، كأنها شيء نادر جداً، فيصفها البعض بالخيالية، مشككين بوجودها الحقيقي تقريباً. وصحيح أن المجلات كانت تنشر من حينٍ لآخر مقالاتٍ طويلة مصوَّرة، يقولون فيها إن السعادة في الولايات المتحدة إن لم تكن عامة، فهي على الأقل سهلة المنال؛ لكن، كما نعلم، أمريكا بلاد بعيدة، والصحفيون يتخيَّلون أشياء كثيرة. وعلى ما يبدو، كانت توجد وفرة من السعادة في الأزمنة الغابرة، لكن ميلون، مثل كل الذين كانوا طاعنين في السن الآن، لا يتذكَّر أبداً أنه رآها.
وها هو متجر الآن، وكأن الأمر لم يحصل، وأن الموضوع يتعلَّق بالأحذية أو أدوات المائدة، يقدِّم صراحةً هذه البضاعة، لأي شخص يريد شراءها. وهذا ما يفسِّر دهشة أفراد عائلة ميلون الثلاثة المسمَّرين إلى الأرض، الجامدين أمام هذا المتجر الغريب.
ويجب القول إن هذا المتجر كان يُحسِن عرض بضاعته جيداً في واجهاته الكبيرة المؤطَّرة بحجر الترافرتين(2) اللامع، وكانت لافتته من طراز عام 1900، وجميع إكمالاته وزيناته مصنوعة من المعدن المطلي بالنيكل(3) . وفي الداخل أيضاً، كانت طاولاته على الطراز الحديث، وكان بائعان أو ثلاثة من الشبان الحيويين، أنيقي الملبس، يجذبون، بظهورهم فقط، الزبون الأكثر تردداً. وتظهر في الواجهات "السعادات" مثل بيض "عيد الفصح"، وهي معروضة حسب كبرها، وتوافق جميع الميزانيات. فيوجد منها الصغير والوسط
الجمعة أغسطس 09, 2024 11:00 pm من طرف ملاك الطيف
» "حمــال أفقه منك يا حســن
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:54 pm من طرف ملاك الطيف
» المسلسلات لا تمثل قيما الدينة
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:46 pm من طرف ملاك الطيف
» فتفقدوا أحبابكم.
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:20 pm من طرف ملاك الطيف
» اتركوا المنتدى حالا
الأربعاء يوليو 17, 2024 5:06 pm من طرف ملاك الطيف
» اب يرسل ابنته للدعارة !!!
الثلاثاء يوليو 16, 2024 2:57 pm من طرف ملاك الطيف
» | صلـــة الرحـم |
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:48 am من طرف ملاك الطيف
» ما سبب ارتفاع نسب الطلاق
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:40 am من طرف ملاك الطيف
» لســت مجبـــراً أن أفهــم الآخريــن مـن أنـــا..
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:33 am من طرف ملاك الطيف