نحن مقبلون على شهر عظيم ألا وهو شهر رمضان وما أدراك ما شهر رمضان
شهر البر و الإحسان .. شهر أوله رحمة .. وأوسطه مغفرة .. وآخره عتق من النيران.
وهو شهر الصبر .. شهر الطاعة .. شهر الإبانة والذكر.
لذالك والله ما ودعه مؤمن إلاّ وقلبه يحترق لفراقه وما إنصرف شهر رمضان عن عبدٍ
صالحٍ قام بحقه وقدره إلاّ وكان لإنصرافه في قلبه حزناً وشوقاً وحنيناً لا يعلمه إلا الله
عز وجل.
كم دخله بعيد من الله فقربه الله؟
كم دخله محروم فأعطاه الله؟
كم دخله مسيء فتاب عليه الله؟
لذالك كان الأخيار من سلف هذه الأمة يتمنون لقائه يدعون الله وصوله وبلوغه.
ولي وإياكم أيها الأحبة (خمس وقفات) قبل حلول هذا الشهر العظيم:
الوقفة الأولى : إذا قدم عليك شهر رمضان فوضعت أول قدم على أعتابه فحري بك أن
تتذكر نعمة من الله أسداها إليك ومنة من الله أولاها إليك هذه النعمة أن بلغك الله شهر
رمضان .. هذه النعمة أن كتب الله لك الحياة إلى بلوغ هذا الشهر .. كم من قلوبٍ حنت
واشتاقت إلى لقاء هذا الشهر .. ولكن انقطع به القدر .. وانقطع بها الأثر فهم تحت الثرى
في القبور .. فإذا بلغت شهر رمضان فتذكر منة الله عليك واحمد الله على الوصول والبلوغ
وقل بلسان الحال والمقال اللهم لك الحمد على أن بلغتني رمضان لا أحصي ثناء عليك ..
إن قلت هذا وتمكنت هذه النعمة من قلبك تأذن الله لك بالمزيد ( لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )
وحري بأن تصاب برحمة الله عز وجل .. والله ما شكر عبد نعمة من نعم الله عز وجل إلاّ
بارك الله له فيها.
وإذا بلغت شهر رمضان تذكر أناس حيل بينها وبين الصيام والقيام .. الآلام والأمراض
والأسقام فهم على الأسرة البيضاء .. إذا تذكرت ذلك .. ورأيت الصحة والعافية في بدنك
فاحمد الله على الوصول والبلوغ ..
وإسأله أن يعينك على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته.
الوقفة الثانية : عقد النية على صلاح القول والعمل .. فلتكن من بداية هذا الشهر عزم بينك
وبين الله على المسير إلى الله والتقرب إليه بطاعة وذكره وحسن عبادته.
وهذا أمر ينبغي أن يتذكر من بداية هذا الشهر أن تعقد النية على صلاح القول والعمل.
كم من أناس أدركوا شهر رمضان وأدركوا يوماً أو يومين .. ولكن إخترمتهم المنية قبل بلوغ
آخره فأعطاهم الله الأجر كامل .. لأنهم كانوا يطمحون ويطمعون في فعل المزيد من الطاعات.
الوقفة الثالثة : وهي وصية نبوية فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن جهل عليه أحد فليقل إني امرؤ صائم ]
لأن الصيام لا يقتصر عند الإمساك عن الطعام
والشراب فحسب ،ولكن هناك صيام عن الإحجام عن الكلام الذي لا يرضي الله عز وجل.
هناك صيام عن الأفعال الذي تسخط الله عز وجل، فالصائم ليس لائق به أن يرتكب لقط
الكلام ورفثه .. فاحفظ لسانك ولا تتفوه إلا بما يرضي الله عز وجل.
الوقفة الرابعة : هذا الشهر هو شهر التوبة الإنابة والمغفرة.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
[ إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ،ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء
الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ]
والله ذنوب العام كل العام تمحى لمن صدق مع الله في هذا الشهر.
قال تعالى في حديث قدسي:
[ يا ابن آدم ! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم!
لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم ! لو أنك أتيتني
بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ]
أيها الأحبة : من لم يتب إلى الله عز وجل في رمضان فمتى يتوب؟
ومن لم يعد إلى الله عز وجل في رمضان فمتى يعود؟
فالبدار البدار بالتوبة قبل حلول الآجال.
الوقفة الخامسة : من الأمور المهمة التي ينبغي الشخص أن يفعلها قبل حلول رمضان أن
يتفقه في أحكام الصيام وما يتعلق بشروطه وآدابه وسننه وما يجب وما لا يجب إلى غير ذلك،
حتى يهيء نفسه لإستقبال شهر رمضان. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال:[ من يرد الله به خيرا يفقه في الدين وإنما أنا قاسم والله عز وجل يعطي ]
فمن لا يسأل عن أمور دينه ولا يتفقه في أحكام الصيام ما أراد الله به خير.
وأخيرا : هذه بعض الأمور التي نستقبل بها هذا الشهر .. فاغتنم أيام هذا الشهر .. ولياليه ..
وساعاته .. في الإستزادة من الخير والإقبال على الله عز وجل .. فإن العاقل والله لا يفرط
في هذه الأيام.