…..ليس له شريك في الملك ، وما كان معه من إله .الذي لا إله إلا هو ،فلا خالق غيره ولا رب سواه ، المستحق لجميع أنواع العبادة وإذا قضى ألا نعبد إلا إياه ذلك بأن الله هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه الباطل ، وان الله هو العلي الكبير، عالم الغيب والشهادة الذي استوى في علمه ما أسر العبد وما أظهر ، الذي يعلم ما كان وما هوكائن وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف كان سيكون ، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الاول الذي لا … له وهو الصمد الذي لا منازع له ،وهو الغني الذي لا حاجة له ،جبار السماوات والارض ، لاراد لحكمه ولا معقب لقضائه ، إنما قوله لشيء إذا أراده فإنما يقول له كن فيكون ، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا ومعلمنا وقدوتنا محمدا رسول الله .اللهم صل وسلم وبارك عليك ياسيدي يارسول الله صلاة وسلاما يليقان بمقامك يا أمير الانبياء ويا سيد المرسلين .وأشهد لك يا سيدي ويشهد معي الموحدون أنك أديت الامانة وبلغت الرسالة ونصحت الامة وكشف الله بك الغمة ، وعبدت ربك حتى لبيت داعيه وجاهدت في سبيله حتى أجبت مناديه ، وعشت طوال أيامك ولياليك تمشي على شوك الاسى، وتخطو على جمر الكيد والعنت ، تلتمس الطريق لهداية الظالين وإرشاد الحائرين ، حتى علمت الجاهل ياسيدي وقومت المعوج ياسيدي ، وأمنت الخائف ياسيدي ،وطمأنت القلق ياسيدي ، ونثرت أضواء الحق والخير والايمان والتوحيد كما تنثر الشمس ضياءها في رابعة النهار، فصلى اللهم وسلم وبارك عليك يارسول الله ، صلاة وسلاما يليقان بمقامك ، يا أمير الانبياء وياسيد المرسلين .
أما بعد فأيها الاحباب ، أحباب الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ،
تعالوا بنا لنغوص سويا في روضة القرآن الكريم ،ومع اللقاء العاشر على التوالي مازلنا نطوف مع حظراتكم في بستان سورة مريم ونكرر القول بين يدي كل لقاء من لقاآت تفسيرنا لهذه السورة المباركة ونكرره ونقول :
1. بأن عقيدتنا نحن المسلمين هي أننا نوحد الله جل وعلا ونعلنها صريحة في كل زمان ومكان ونقول جميعا لا إله إلا الله. (كلمة التوحيد والإخلاص).
2. أ ما بالنسبة لتفسير الآيات ، فلقد توقفنا في اللقاء الماضي عن آخر مؤهل من مؤهلات النبوة عند يحيى عليه السلام ، على حد تعبير صاحب "ظلال القرآن " الشيخ سيد قطب عليه رحمة الله.
قلنابأن الله قد زود يحيى عليه السلام بمؤهلات لحمل الأمانة الكبرى والمسؤولية العظمى هذه المؤهلات هي
{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاًوَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً}
وانتهينا في اللقاء الماضي عند كلمة "عصيا". شرحنا في اللقاء الماضي كلمة "عصيا" / " لم يكن جبارا عصيا"
وبهذا نكون قد أنهينا اللقاء عن مؤهلات النبوة عند يحيى عليه السلام . وبعد هذه الصفات الغالية التي زود
الله بها يحيى ، يسلم الله عز وجل عليه .فيقول :
{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }
أنظروا يا أحباب ، الله سبحانه وتعالى يسلم عليه ، يسلم عليه في مواطن ثلاثة هي أشد ما تكون على الانسان: يوم أن يولد ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا ليلقى الله الحي الذي لا يموت .
يسلم عليه في هذه الأحوال الثلاثة ،وفي هذه المواقف الثلاثة فيقول : {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }
وذكر الإمام ابن كثير عن قتادة أن الحسن قال :"إلتقى يحيى وعيسى عليهما السلام ( إلتقى عيسى مع يحيى )
فقال عيسى ليحيى :"يا يحيى أدع الله لي ٍ، فإنك أفضل مني " ...هكذا يقول النبي . عيسى يقول ليحيى ادع
الله لي ، فإنك أفضل عند الله مني . فقال يحيى لعيسى :" بل أنت أفضل مني ياعيسى " فقال عيسى :" لا،لا
يا يحيى ،بل أنت أفضل مني ،مع أنني أنا الذي سلمت على نفسي ،فقلت : والسلام علي يوم ولدت ويوم
أموت ويوم أبعث حيا . أما أنت فقد سلم الله عليك. فقال :
{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }
ـالله يسلم عليه في هذه المواطن الثلاثة .وفي هذه الأحوال التي هي أشد الأحوال والأوقات التي يمر بها الإنسان : يوم أن يولد ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا .
لأن في هذه الأحوال الثلاثة ينتقل الإنسان من عالم إلى عالم آخرجديد ، غريب عليه.
فهو ينتقل في المرحلة الأولى من عالم الرحم والأحشاء في بطن أمه ، إلى عالم الدنيا ، ثم بعد ذلك يترك
عالم الدنيا إلى عالم البرزخ ( يترك القصور والدور إلى عالم الدود والقبور).
ثم بعد ذلك يترك عالم البرزخ إلى عالم البعث ، إلى العرض على محكمة الله جل وعلا .فما بين مسرور
ومحبور ، ومحزون ومجبور وما بين جبير وكسير ، فريق في الجنة وفريق في السعير.
أحوال عجيبة ، أحوال شديدة على كل إنسان ؛ : يوم أن يولد ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا.
ففي المرحلة الإولى ، وهي المرحلة التي ينتقل فيها الإنسان من عالم الرحم والأحشاء ، هذا العالم الآني ، الآمن الحصين ، المتين ؛ هذا العالم الذي تكلف الله له فيه برعايته بكل شيء. وما كلفه الله في هذا العالم بأي شيئ.