((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))
يقول العلماء:
إن كل عمل ابن آدم له أي يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف،
إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم فإنه لا ينحصر في هذه المضاعفة، بل يضاعفه
الله أضعافاً كثيرة، فلا يدخل تحت الحصر، و ذلك لكونه طاعة خفية بين العبد
و بين ربه، و لأن فيه صبراً عن شهوات النفس، و مجاهدة لها و إرغاماً لها على
طاعة الله. و لهذا سمي هذا الشهر: "شهر الصبر"
(كما في حديث سلمان الطويل الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم (1887).
و انظر الدر المنثور (1/184). و إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد،
قال أحمد بن حنبل: ليس بالقوي، و قال ابن معين: ضعيف)،
و الصبر ثوابه الجنة، قال الله تعالى:
((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))(سورة الزمر:10).
فيضاعف أجرهم إلى غير عدد، إلى أضعاف لا يعلمها إلا الله.
و الصبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- صبر على طاعة الله.
2- صبر عن معاصي الله.
3- صبر على أقدار الله.
و كلها تجتمع في الصوم.
أما الصبر على طاعة الله:
فالصائم يصبر عن تناول الشهوات، و هذا صبر على أوامر الله، صبر على طاعة الله.
أما الصبر عن معاصي الله:
فإن المسلم إذا علم أنه إذا اقترف المعصية، فإن هذا سيجلب عليه سخط الله فإنه يتجنبها.
أما الصبر على أقدار الله:
فإن المسلم يصبر على ما يصيبه، و ما يؤلمه من جوع و عطش، و كل ذلك دليل على
أنه من الصابرين: و (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) [الزمر:10].
و لا شك أن هذا إنما يكون في الصوم الحقيقي، في الصوم المفيد، في الصوم الشرعي
المبني على كتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، لأن الصوم إنما يكون
صوماً إذا ظهرت آثاره على الصائمين، و ذلك لأن صاحب هذا الصوم هو الذي يتأثر و
ينتفع بصيامه.
و كذلك فإن صاحب هذا الصوم الشرعي الحقيقي هو الذي ينتفع بشفاعة الصيام له يوم
القيامة، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
"الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أيّ ربِّ منعتُه الطعام و
الشهوة، فشفعني فيه، و يقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال:
فيُشَفَّعَان"
(أخرجه أحمد في المسند (2/174) و رواه الحاكم في المستدرك (1/554).
و الهيثمي في مجمع الزوائد: (3/181). قال أحمد شاكر (6627) إسناده صحيح).