أحداث ومواقف زوجية في بيت النبي صلى الله عليه وسلم
نحن مدعوون جميعا للتعرف على البيت النبوي من الداخل لا أعني بذلك معرفة أثاث البيت وفرشه وإنما أعني معرفة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في عشرة أزواجه ..
*ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل داخل البيت النبوي؟
*كيف كانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم مع أزواجه؟
*كيف كان يدير البيت النبوي؟
*كيف كان يتعامل مع غيرة نسائه وأخطائهن؟
قال ابن كثير ((وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر, يداعب أهله ويتلطف بهم, ويوسعهم نفقته, ويضاحك نساءه .. ويجتمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها, فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان, ثم تنصرف كل واحدة الى منزلها)) تفسير ابن كثير ...
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غاية اللطف والرقة وكيف لايكون كذلك وهو القائل : ((استوصوا بالنساء خيرا )) متفق عليه...
في مهنة أهله
وسئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟
قالت: ((كان في مهنة أهله, فإذا حضرت الصلاة قام الى الصلاة)) رواه البخاري..
وقالت رضي الله عنها: ((كان صلى الله عليه وسلم بشرا من البشر, يخضف نعله, ويخيط ثوبه, ويحلب شاته, ويعمل مايعمل الرجال في بيوتهم))
من أسس بناء الحياة الزوجية النبوية
العدل:
ان العدل هو الاساس الذي بنيت عليه الحياة الزوجية في البيت النبوي، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطبق هذا الاساس تطبيقا صارما حيث كان يقسم بين أزواجه مايقدر على قسمته من مبيت ونفقة وحسن عشرة بالقسط التام سفرا وحضرا.
*فكان صلى الله عليه وسلم يبيت عند كل واحدة ليلة، وينفق على كل واحدة ما في يده بالسوية.
*وبنى لكل واحدة حجرة خاصة هي بيتها .
*وكان اذا سافر أقرع بينهن، وسافر بالتي تخرج لها القرعة.
*وكان من تمام عدله صلى الله عليه وسلم أنه استمر على ذلك حتى في مرض موته، حيث كان يدار به على نسائه كل واحدة في نوبتها، حتى شق عليه ذلك. فلما علم أزواجه أنه يحب أن يستقر في بيت عائشة رضي الله عنهن كلهن أذن له أن يمرض في بيتها، فمكث فيه حتى وافاه الأجل بين سحرها ونحرها رضي الله عنها.
ومع هذا العدل الذي كان يتعامل به النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه كان يعتذر الى الله تعالى ويقول: ((اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)) رواه الترمذي .
يعني بذلك صلى الله عليه وسلم الميل القلبي.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك فقال ((عائشة)) قيل: من الرجال؟ قال ((أبوها)) متفق عليه..
فهذا الميل القلبي انما هو بيد الله وحده، لا يستطيع الانسان التحكم فيه.
2- المودة والرحمة:
ومن أسس بناء الحياة الزوجية في البيت النبوي: شيوع المودة والرحمة بينه صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه.
فأنظر الى هذه اللوحة التي تنطق بالحب والحنان والرقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عائشة فقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "اني لأعرف غضبك ورضاك" قالت كيف تعرف ذلك يارسول الله؟ قال "انك ان كنت راضية قلت: بلى ورب محمد، وان كنت ساخطة قلت: لا ورب ابراهيم" فقالت أجل والله يارسول الله اني لا أهجر الا اسمك " متفق عليه..
أي أن حبك في قلبي راسخ لا يتزعزع وثابت لا يتغير .
فأنظر كيف يسترضي النبي صلى الله عليه وسلم زوجته وبين لها أنه على علم تام بأحوالها من الغضب والرضى فأين نحن من هذا؟
ومن مواقف الرقة النبوية كذلك في التعامل مع الزوجة ، أنه صلى الله عليه وسلم دخل على صفية رضي الله عنها وهي تبكي فقال: " مايبكيك؟" فقالت: قالت لي حفصة: اني بنت يهودي. فقال صلى الله عليه وسلم لصفية: "انك لابنة نبي، وان عمك لنبي، وانك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك" ثم قال صلى الله عليه وسلم لحفصة " اتقي الله يا حفصة" رواه الترمذي ، أي أتركي هذا الكلام الذي هو من عادات الجاهلية.
فانظر كيف حول النبي صلى الله عليه وسلم الاهانة الى تكريم فكون صفية رضي الله عنها يهودية الأصل ليس مدعاة لاحتقارها، لأنها آمنت بالله ورسوله وتزوجت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت أما للمؤمنين، ثم انها تنتمي الى نبيين من أنبياء اسرائيل وهما هارون وموسى عليهما السلام.
ومن صور المودة والرحمة أيضا ماذكرته عائشة رضي الله عنها قالت: " كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في فيشرب وأتعرق العرق وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في" رواه مسلم.
اتعرق العرق : أي آخذ بقايا اللحم التي على العظم بأسناني.
3- تقدير ما جبلت عليه المرأة من غيرة:
فالمرأة بطبيعتها تغار على زوجها، وتزداد غيرتها من ضرائرها والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم ذلك، فكان يعالج المشكلات والأحداث التي تحدث بسبب الغيرة بالرفق واللين والصبر والتحمل أولا، ثم بالعدل والقسطاس والإنصاف.
ومن الأحداث التي وقعت بسبب الغيرة ما روته أم سلمة رضي الله عنها أنها أتت بطعام في صحفة لها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة رضي الله عنها متزرة بكساء، ومعها فهر، ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة، وقال " غارت أمكم، غارت أمكم" ثم أخذ صحفة عائشة فبعث بها الى أم سلمة، وأعطى صحفة أم سلمة عائشة" رواه البخاري..
ماذا لوكان هذا الموقف حدث مع أحدنا أمام الناس أما كانت الدنيا قامت ولم تقعد؟ أما كان الأمر يمكن أن يصل الى غضب وشجار ثم هجر وطلاق؟
تحمل النبي صلى الله عليه وسلم الموقف والتمس عذرا لعائشة رضي الله عنها بقوله: " غارت أمكم " ولكنه مع هذا جعلها تدفع ثمن الغيرة، فبعث صحفتها السليمة الى أم سلمة وجعل لها الصحفة المكسورة