-وبعد ان فرغت من انجاز المهام التي أوكلت إلي في اوروبا قررت ان استقر في
الولايات المتحده بصفه دائمه لأكون على كثب من خالي وابنة خالي وزوجها ،
ولكن ، وا أسفاه !! ماكدت اصل إلى أمريكا حتى مات خالي في حادث سياره ثم
ماتت إلزا ابنة خالي ، اما توماس بيترتون زوج ابنة خالي فرحل إلى انجلترا
وتزوج للمرة الثانيه ، وعدت أنا كما كنت من قبل بغير اسرة ارتبط بها ،
وعندئذ قرأت في الصحف نبأ اختفاء العالم الشهير توماس بيترتون ، فحضرت إلى
انجلترا لأرى مايمكن عمله .
وتراخى الميجور غلايدر في مقعده وقال متسائلا:
-مستر جيسوب ، لماذا اختفى بيترتون؟
فقال جيسوب:
-تمنيت لو اني عرفت .
-ولكنك تشتبه في شيء ما على الأقل ؟!
فقال جيسوب في حذر :
-هذا جائز فاختفاء بيترتون ليس الأول من نوعه .
-هذا صحيح فقد قرأت عن الكثير من حوادث الاختفاء.
واخذ الزائر يشير في كلمات سريعه إلى عدد من حوادث الاختفاء التي وقعت في العهد الأخير
ثم عقب بقوله :
-وكلهم من العلماء ، أليس هذا غريبا؟
لبث جيسوب صامتا .
فاستطرد الميجور جلايدر:
-اتراهم ذهبوا إلى ماوراء الستار الحديدي؟
-هذا احد الاحتمالات ولكنه ليس احتمالا قاطعا ، فمن المستحيل انهم انضموا إلى إحدى الجماعات السريه الفاشستيه او انهم ضاقوا بعملهم .
-ولكنهم طبعا ذهبوا طواعيه واختيارا؟
فقال جيسوب:
-حتى هذا السؤال من الصعب الإجابة عليه.
ثم اردف :
-ولكن ماهو سر اهتمامك ببيترتون، وهو بالنسبة إليك ليس إلا مجرد نسيب عن طريق الزواج؟ بل إنك لم تقابله ابدا في حياتك .
-هذا صحيح ولكن الأسره عندنا معشر البولنديين من الروابط الوثيقة وهي تفرض علينا التزامات لانملك ان نتحلل منها .
ونهض جلايدر واقفا واحنى رأسه تحية في جفاء وقال:
-يؤسفني ان شغلت من وقتك اكثر مما ينبغي ، شكرا على انك قابلتني
نهض جيسوب واقفا وهو يقول :
-يؤسفني انني لم استطع ان اساعدك ولكني احب ان اؤكد لك اننا لا نعرف شيئا
على وجه اليقين، ولكن إذا بلغني اي نبأ فأين يمكن ان اتصل بك ؟
-طرف السفارة الأمريكيه ، واكرر لك الشكر.
وللمرة الثانيه انحنى تحية واستدار منصرفا.
ورفع جيسوب سماعة التليفون يدعو الكولونيل هوارتون إلى مكتبه .
وابتدره جيسوب قائلا:
-اخيرا بدأت الأمور تتحرك .
-حقا وكيف حدث هذا ؟!
-مسز بيترتون تريد ان تسافر إلى الخارج.
-أتراها تنوي ان تلحق بزوجها ؟
-هذا ما ارجوه ، لقد جاءتني مزوده بتقرير طبي ينصحها بالسفر طلبا للراحه والاستجمام.
-تدبير محكم منها.
فقال محذرا:
-ومع ذلك فقد تكون حقا مقبله على انهيار عصبي .
تساءل هوارتون:
-هل استطعت ان تنتزع منها شيئا؟
-مجرد بادره ضعيفه، بيترتون كتم عن زوجته انه تناول الغداء في فندق دورسيت مع هذه المرأه المدعوه سبيدر.
فغمغم هوارتون قائلا:
-اتعتقد ان لهذا صلة باختفائه؟
-ربما فقد سبق ان استجوبت كارول سبيدر، امام لجنة فحص النشاط المعماري لأمريكا / وإن كاننت قد استطاعت ان تثبت براءتها.
-وهل اتصلت مسز بيترتون بإحد فأصدر إليها تعليماته بالسفر إلى الخارج ؟!
-لم يزرها احد في بيتها وان كانت قد تلقت بالأمس خطابا من رجل بولندي هو
ابن خالة بيترتون الأولى وقد كان هنا في مكتبي منذ قليل يستفسر عما لدي من
أنباء.
-أيكون هو الذي حرضها على السفر؟
-هذا محتمل وإن كنت لا ادري الحقيقه
-وهل تنوي ان تضعه تحت المراقبه ؟
-----------------------------
فأجاب جيسوب :
-بل وضعته فعلا ، فقد دققت الجرس السري مرتين بمجرد خروحه من مكتبي ..
فضحك هوارتون قائلا :
-يالها من رموز سريه تفيد في حالات الاستعجال .
وعاد هوارتون يتساءل :
-وإلى أية جهة تنوي بيترتون أن تسافر ؟ إلى سويسرا؟
-بل إلى مراكش او اسبانيا
وقلب جيسوب بطرف اصبعه التقارير المكدسة امامه وقال:
-هذان هما البلدان الوحيدان اللذان لم يرد إلينا منهما أي تقرير عن بيترتون.
وتراخى جيسوب في مقعده وأسند رأسه على ظهر المقعد وهو يقول:
-إنني لم اقم بعطلة منذ شهور ولعل مما يفيد صحتي ان أسافر إلى الخارج هذه الأيام ..
فضحك هوارتون وقال :
-طبعا إلى مراكش او اسبانيا، وفي اعقاب مسز بيترتون .
والتقت نظراتهما في تفهم كامل .
------------------------
" انتبهوا .. انتبهوا .. شركة إيرفرانس .. الرحلة رقم 108 إلى باريس.. "
نهض الجالسون في قاعة الانتظار في مطار هيثرو وتقاطروا متحهين إلى الباب ينشدون الطائره التي ستقلهم إلى باريس.
وتناولت هيلاري كرافن حقيبه سفرها الصغيره الحجم وانضمت إلى موكب المسافرين .
كان الجو باردا لاذعا في ساحة المطار وشدت هيلاري معطفها الفراء حول عنقها
تقي نفسها لسعات البرد وهي تتبع المسافرين إلى حيث تستقر الطائره.
إذن فقد انتهى الأمر ، هاهي ذي منطلقة هاربه بعيدا عن الاكتئاب والبرد
والبؤس المميت . هاربه إلى الشمس المشرقة والسماء الزرقاء الصافيه، إلى
حياة دافقه .. وستطرح وراءها كل الهموم والأثقال، هذه الهموم المتسمه
بالبؤس والقلق.
وتابعت طريقها إلى ممر الطائره واستقرت على المقعد الذي أرشدتها إليه المضيفه .
ولأول مره منذ شهور خالجها شعور بالراحة من العذاب الذي أمضّها بقسوة حتى لقد احست منه بما يشبه الألم الجسماني .
تمتمت تحدث نفسها في امل ورجاء :
- سأهرب ، سأبتعد ، نعم سأبتعد !
وانتزعها من خواطرها هدير الطائرة الصاخب ولكنها مالبثت ان عادت تردد في نفسها :
- الآن سأذهب وابتعد .
وبدأت الطائره تنزلق على ارض الممر ، وقد شد المسافرون احزمة الوقاية على
بطونهم . ودارت الطائره نصف دورة في ساحة المطار ثم توقفت تنتظر إشارة
الرحيل.
وخطر لها:
- مايدريني لعل الطائرة قد تتحطم ، وعندها قد تكون تلك النهاية ، الحل الموفق لكل شيء.
وخيل إليها انهم انتظروا في ساحة المطار وقتا طويلا لا ينتهي مترقبين إشاره الرحيل إلى الحريه.
وهمست تخاطب نفسها :
- يبدو أنني لن اسافر أبدا وسأظل هنا حبيسة لا استطيع الفرار.
واخيرا هدرت المحركات من جديد وبدأت الطائره تجري على الممر الممهد المرصوف .. أسرع ثم اسرع .
- ولكن من يدري .. ربما لن تعلو في الجو .. أتكون هذه إذن هي النهايه؟!
ولكن الطائره اخذت تعلو في الجو وبدأوا يبتعدون عن سطح الأرض .. وبدا كل
شيء صغيرا ضئيلا حتى الهموم تضاءلت وانكمشت وحتى القلق تبدد وتوارى وبدت
الأبنية والسيارات وكأنها لعب اطفال .
والآن كانوا فوق السحب البيضاء ، المشوبه بمسحه رماديه .. لا بد انهم الآن فوق القنال الانجليزي.
وارخت هيلاري جفونها واطبقت عينيها ، واسندت رأسها إلى ظهر المقعد.
الهرب، الهرب .. فها هي ذي قد غادرت إنجلترا إلى غير رجعه ، هاهي ذي قد
تركت خلفها نايجل وتركت خلفها تلك البقعه الحزينه المقبضه التي هي قبر
بريندا .
كل ذلك تركته خلفها ، بعيدا ، بعيدا.
وفتحت هيلاري عينيها ثم عادت تطبقهما مره اخرى ثم مالبث النعاس ان طغى عليها واستغرقت في النوم .
******
الجمعة أغسطس 09, 2024 11:00 pm من طرف ملاك الطيف
» "حمــال أفقه منك يا حســن
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:54 pm من طرف ملاك الطيف
» المسلسلات لا تمثل قيما الدينة
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:46 pm من طرف ملاك الطيف
» فتفقدوا أحبابكم.
الجمعة أغسطس 09, 2024 10:20 pm من طرف ملاك الطيف
» اتركوا المنتدى حالا
الأربعاء يوليو 17, 2024 5:06 pm من طرف ملاك الطيف
» اب يرسل ابنته للدعارة !!!
الثلاثاء يوليو 16, 2024 2:57 pm من طرف ملاك الطيف
» | صلـــة الرحـم |
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:48 am من طرف ملاك الطيف
» ما سبب ارتفاع نسب الطلاق
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:40 am من طرف ملاك الطيف
» لســت مجبـــراً أن أفهــم الآخريــن مـن أنـــا..
الثلاثاء يوليو 16, 2024 12:33 am من طرف ملاك الطيف