تردد ، وراحت تردد لنفسها احدى الاغنيات وهي تعد العشاء الخاص الذي سيتناولانه الليلة في مناسبة اول يوم يقضيانه في مسكنهما الخاص.
وعثرت اخيرا على مفكرة ارقام الهاتف، وما ان امسكت بها حتى فوجئت بصورة تسقط منها ، انها صورة استيللا الجميلة التي تشبه روبين نفسها الى حد يدعو الى الدهشة الشديدة، كما لو كانت توأما ها.وعندما شاركها آدم الليل تلك الليلة لم تشعر لاول مرة بأي طعم للسعادة ، بل اخذت تداهمها حتى سيطرت عليها فكرة غريبة وهي ان آدم تزوجها لانه وجد فيها صورة من ستيللا التي يحبها الحب الاصيل
--------------------------------------------------------------------------------
الفصل الخادي عشر
المجد والماضي
ومنذ ذاك الوقت اصبح لستيللا وجود حي في حياة روبين التي اخذت تذيل بل ، واحساسها بالوحدة يزيدها مرارة، وكان آدم يبتعد عنها لفترات طويلة يوميا بعدما تحدد يوم السابع من سبتمير / ايلول، أي بعد ثلاثة اسابيع ،موعدا لعودته الى احياء الحفلات الموسيقية ، واصبحت اعصابه متوترة خلال فترة التدريب المكثف ، وراح يثور في وجه كل من يقاطعه حتى روبين نفسها .
ولم تجد روبين امامها سوى الانصراف لشوؤنهاالمنزلية ، الى ان عثرت في احد الايام على معطف واق من المطر في خزانة بالبيت ، وعندما استفسرت من آدم عن هذا المعطف ابلغها بأنه معطف ستيللا ، التي كانت تحضر الى هذا المكان في مارس / آذار الماضي، ويبدو انها نسيته.
وجاءت جولي ذات يوم لزيارة شقيقتها الصغرى روبين ، وبعد تبادل التحية بحرارة سألتهاعن آدم فابلغتها بأنه يتمرن على العزف وجلسا سويا لتناول الشاي، وسألتها جولي عن امر الرسالة التي وصلتها من المحامين، فقالت انها تتعلق بالفيللا التي اشتراها والدهما في جزيرة ايغينا في اليونان وانها مازالت ملكا لهما . فدهشت جولي لانها كانت تعتقد ان اباها باع الفيللا بعد وفاة امهما . فقالت لها روبين انه لم يبعها وانما سجلها باسمها، اي باسم روبين ، بدون ان يبلغها او يبلغ احد بذلك، وأجرها لاسرة المانية تركتها بعد فترة وبعد ايداع قيمة الايجار في البنك باسم روبين ، واشارت جولي الى ان الاب اراد بذلك ان يؤمن لروبين مصدرا للعيش، لانه كان يعلم ان حياة جولي مؤمنة لانها متزوجة، واقترحت عليها ان تحتفظ بالفيللا كمكان لقضاء العطلات والاستجمام ، فوافقتها.
وحضر هارفي الى البيت قبل موعد الحفل الموسيقي بيومين، حينما كان آدم منهمكا تماما في الاستعداد للحفل ، وقدم له عشر تذاكر وطلب آدم من روبين توزيع ثمان منها على من تعرفهم، لكنه احتفظ بالتذكرتين الاخريين، مماجعل الهواجس والشكوك تملا نفس روبين التي توقعت ان يهدي التذكرتين لستيللا ، ولكنها طمأنت نفسها انه ربما اراد ان يثبت لستيللا بذلك انه صفح عنها وهو في لحظة الانتصار التي يسترد فيها مجده، ولكن كان اجدر به ان يبلغها بذلك بدلا من ترك الامر محاطا بالاسرار.
وحاولت روبين ان تسري عنه وتقنعه بالخروج في نزهة بالسيارة حتى يستريح ، او ان يمضي وقتا مريحا هذه الليلة لانه سيكون مشغولا غدا ، لكنه استشاط غضبا وقال لها :
" يجب ان اكرس كل لحظة للاستعداد لهذا الحفل الذي يتوقف عليه مستقبلي كله، فسوف يحضره كل النقاد الموسقيين اللذين سيجلسون كالصقور."
"لن يكون الامر هكذا، فهم يعرفون ظروف الحادث الذي تعرضت له ، اليست عندك اي ثقة بالطبيعة لبشرية؟"
"اتعتقدين انهم سيترافقون بي بسبب ظروفي ايتها الحمقاء الصغيرة؟ وهل سأقبل العطف منهم؟ ان العطف هو اكثر شيء يثيرني."
وخرج آدم من الغرفة وادركت روبين بعد فوات الوقت انها ماكان يجب ان تفتح هذه المناقشة ، حاول هارفي ان يهدئ من روعها في حين اخذت دموعها تنهمر وهي تقول انها لم تكن تقصد اطلاقا المعنى الذي فهمه آدم ، فطلب منها هارفي ان تتحلى بمزيد من الصبر، وان تكون اكثر تفهما له ، فهذا هو واجب الزوجات في تعاملهن مع مثل هذا النوع من الرجال الفانين ، وطمأنها ان آدم سيعود الى طبيعته بعد انتهاء الحفل الموسيقي... ولكن هل سيعود حقا الى طبيعته؟"
وفي يوم لمنتظر فضلت السيدة غرانت الا تحضر الى الفيللا وان تقابل آدم في قاعة الحفل الموسيقي، وهو مابعث في نفس روبين الشعور بالارتياح لانها ارادت الانفراد بآدم في تلك الفترة القصيرة المتبقية قبل بدء الحفل لكي تبثه كلمات الحب والتشجيع وتمنياتها له بالنجاح...
كان آدم غاية في الجدية والصرامة وهو يغادر غرفة النوم ، ووقفت روبين تنتظره خارج الغرفة وقد تملكها احساس بأن الرجل الذي احبته في الزينا ضاع منها... ذلك الرجل الذي كان يسبح ويمرح معها على سجيته ويداعب فرخ الطير ويعني به ويطعمه .. انه الان فاند بشعره الاسود الذي تم صقله وتصفيفه، ويديه القلقتين وعينيه السوداوين اللتين تحترقان بسطوة القوة التي يدخرها ليطلقها من عقالها في اللحظة المناسبة بعد قليل... وحتى قبلته كانت باردة، ولم تستطع ان تبدد مخاوفها وقلقها الشديد.
كانت القاعة مزدحمة بالاف الاشخاص وتتلألأ فيها المجوهرات الثمينة
وتفوح منها روائح مختلف انواع العطور وكانت بين روبين تتخذ مقعدها
بجوار السيدة غرانت التي سألتها اذا كان آدم قد بعث بتذكرة الى ستيلا فأجابتها روبين بأنها تعتقد ذلك واضافت السيدة غرانت قولها:
"انك تدركين ان هذا موقف محرج لآدم وسوف تعترفين آخر الامر بوجود ستيللا خاصة وانها عادت الى الوطن من جديد و..."
ولاذت السيدة غرانت بالصمت عندما نبهها احدهم الى ان الحفل على وشك ان يبدأ وفي تلك اللحظة بدأت روبين تشعر بالكراهية نحو ام آدم فما الذي دفعها الى ذكر اسم ستيللا في هذه المناسبة الخاصة اليست ستيللا هي
السبب فيما اصاب آدم ومالذي كان يحدث لو لم تحصل ستيللا على تذكرة لم تكن ستيللا هي التي اعادت آدم الى حياته الموسيقية ومجده ولكنها هي التي اعادته وعندما ظهر آدم على المسرح قوبل بعاصفه من التصفيق والترحيب فرد على تحية الحاضرين ثم بدأيعزف الحانا لشويان وشومان واخذ يتطرق الى القطع الموسيقية فيؤديها بكفاءة واقتدار العازفين العظام المتمكنين من فنهم.
ولم تتمالك روبين نفسها فاغرورقت بالدموع وراحت تشق طريقها بصعوبة الى خلف الكواليس المسرح لكي ترى آدم وفي اللحظة التي وصلت اليه فيها ظهرت السيدة غرانت وبصحبتها سير جوزيف وفتاة ترتدي زيا" متألقا" زاهيا" واندفعت تلك الفتاة نحو آدم لتدفن رأسها في صدره فضمها اليه وصحبها الى غرفته وانهارت روبين وراحت تهذي وهي ترى ستيللا
قد عادت وآدم مازال يحبها ولم يعد امامها الان سوى ان تهرب من الناس
والانظارمعا" وتبحث لها عن مكان اخر حيث ... واصيبت بإغماء ولم يعد بمقدورها حضور حفل الاستقبال الرائع الذي اقيم تكريما لآدم بعد انتهائه
من احياء الحفل الموسيقي وصحبتها السيدة غرانت في برود وفتور الى سيارة المرسيدس التي انطلقت بهما وبرفقتهما جاني في طريق العوده
الى منزل السيدة غرانت ورغم ان الشوارع كانت ساطعه بأنوارها
فان روبين اصرت على عدم استدعاء اي طبيب وقالت انها ستصبح على مايرام وان ماحدث كان بسبب عدم تناولها اي طعام طوال اليوم وبسبب الحر الشديد داخل القاعة.
وقدمت لها جاني كوبا" من اللبن وبعض البسكويت وقرصا" مهدئا" ليساعدها على النوم وظلت قلقة تتوقع حضوره ليبدد مابها من هواجس ولكنه لم يحضر ومع اول خيط للنهار نهضت من سريرها تبحث عنه
وهي تتصور انه حضر اثناء نومها ولم يشأ ازعاجها ولكنها تيقنت انه
لم يحضر فانهارت باكية وادركت انه لم يعبأ بها رغم انها ستضع له طفلا"
وقامت جاني بتهدئتها واعدت لها فنجانا" من الشاي وقدمت لها صحف
الصباح وكلها تتحدث في اعجاب عن حفل امس وتقول في عناوينها الرئيسية ان اداء آدم بالأمس كان اروع من ذي قبل وهو ماجعل روبين
تشعر بالفخر وابلغتها جاني بأن آدم اتصل هاتفيا" وسوف يحضر في وقت متأخر اليوم كما عرفتها بأن العروض بدأت ترد لآدم من الخارج لكي يقوم بجولة في الولايات الماحدة ويعزف في مهرجان شريان في وارمو في اكتوبر / تشرين الاول المقبل
ونهضت لتغسل وجهها وهي تتذكر ماقاله لها آدم عندما عرض عليها الزواج:
"انك في حاجة الى شخص يرعاك.... الى ان نعود الى انكلترا وبعد ذلك .... سنبحث هذا الامر عندما يحين وقته.."
وتمتلكها حالة من القنوط الشديد وهي تقول لنفسها : لقد حانت تلك اللحظة
وخرجت الى القاعة تتصل بشقيقتها جولي وتبثها احزانها ففوجئت بالمعطف الواقي من المطر الذي وجدته من قبل في الفيلا ملقى بإهمال فوق احد المقاعد وسمعت السيده غرانت تتحدث مع شخص آخر في غرفة الجلوس وتقول:
"لماذا فعلت ياعزيزتي اعلم انه غير سعيد وانا واثقة لو انك كنت ... لما كان قد تزوج بها اتعرفين من هي ؟ ابنة روبرت وابن رجل الاعمال الذي تخلص من حياته لم اعرف كل تفاصيل هذا الزواج ولكنني فهمت انه انقذها من ورطه وقعت فيها مع جيرالد كارلنغ وهو رجل كريه جدا وكلما رأيتها او سمعت حديثا" عنها كلما زدت اقتناعا" بأنها ليست سوى مغامرة صغيرة رخيصة.."
وتراجعت روبين في ذعر بعدما ادركت مدى ماتنطوي عليه نفس ام آدم من شر لم تكن تظن انها تخفيه وراء مظهرها البارد المتعجرف ولم تنتظر لتسمع المزيد من حديثها واسرعت عائده الى غرفتها وجمعت اشياءها القليلة وانطلقت خارج البيت تستقل سيارة اتوبيس اتجهت بها الى منزل جوني التي حاولت تهدئتها وقالت لها بأنها ستحاول الاتصال بآدم ليحضر ويأخذها وتنتهي الأزمة ولكن روبين ابلغتها بأن الوقت قد فات لأنها تركت رسالة تبلغه فيها بأنها ابتعدت عنه بعض الوقت لتتدبر الامر وان عليه الايقلق.
"الكلمات التي سمعتها من أم آدم لم يقلها لك آدم نفسه وانت لم تتزوجي امه التي تنتمي الى القرن الماضي انك حامل وهذا يجعلك حساسة وعاطفية جدا
"نعم واهذا فأنني يجب ان ابتعد عن آدم لئلا اسبب له قلقا" وحتى يتفرغ للبيت وللجولات في الخارج واحياء الحفلات الموسيقية انه ليس في حاجة
الي او لأي شخص اخر الأن واخر شيء يريده هو طفل يبكي و....و...."
وقاومت دموعها التي كادت تنهمر واضافت وهي في غمرة الأنفعال:
"لايمكنني البقاء في مكان اكون فيه غير مرغوبة او غير محبوبة"
واتصلت جولي هاتفيا" بالمطار لتستفسر عما اذا كانت رحلة الطائرة المتجهة الى اثينا ليلا" قد الغيت وبعد ذلك اتجهت جولي وزوجها ليري وروبين الى المطار حيث استقلوا جميعا" الطائرة الى اثينا ولادت روبين
بالصمت اهو حلم مفزع هذا الذي يحدث اهي حقا" متجهة الى اليونان تاركة آدم وراءها في لندن اخفت عن آدم انها حامل وقررت الاحتفاظ بالسر الى مابعد الانتهاء من اقامة الحفل الموسيقي فعندئذ تكون تأكدت فعلا" من حملها.... ولكن هل هذا هو السبب الحقيقي وراء اخفائها لهذا السر ام ان السبب هو خوفها دون مبرر من ان يستاء آدم ويحس بأن الطفل عبء لم يكن يريده؟ وكانت ستيللا قد عادت في ذلك الوقت...
ولم تتم روبين الا قليلا" في الفندق الصغير في اثينا قبل انتقالهم الى الفيلا التي تملكها روبين الان في جزيرة ايفينا واثناء الرحلة الى الجزيره اخذت روبين وجولي تتبادلان الحديث عن ذكرياتهما الحلوة في تلك الجزيرة
وفي اليوم الخامس وبعد تناول طعام العشاء خرجوا للتنزه في حديقة الفيلا
ودار حوار عنيف بين روبين وجولي التي كانت تحاول جعل روبين تتراجع عن اصرارها على البقاء في الجزيرة فلا يمكنها ان تتركها هنا وحدها وقالت لها:
"لابد ان يحاول احد الناس ارجاعك الى الصواب "