في مسند الامام أحمد بسند صحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن لله عتقاء في كل يوم وليلة ..) الحديث .
أين ؟ من النار .
متى ؟ الآن في شهر رمضان .
العتق من النار يعني النجاة من النار والفوز بالجنة ، وهذا الأمر الأسمى غاية الفوز ، قال الله تعالى ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) .
ونحن الآن بعد أن مضى جزء من الشهر ومضت أيامه الأولى نسأل أنفسنا : هل مازلنا على ما نحن عليه من النشاط والحيوية في العبادة في أول الشهر ؟!
ينبغي أن يحدو المسلم الأمل فيما عند الله وإن مما يحث المسلم ويعلي همته ويشجع عزيمته أن يتذكر أن رمضان فرصة للعتق من النار ، فيجدد العزم ويقبل على الطاعة ، ويبادر إلى فعل الخيرات ، ويسابق إلى اغتنام الأجور المضاعفة في هذا الشهر الكريم والموسم العظيم .
إن المتأمل في الأحاديث التي بينت أسباب العتق من النار يجد تلك الأسباب تربو على عشرين سبباً - أفردها أحد الأفاضل في رسالة _ لكن لعلي أتوقف عند ثلاثة منها أجد لها علاقة كبيرة برمضان :
أولها / الإخلاص سبب للعتق من النار :
قال صلى الله عليه وسلم :[لن يوافي عبد يوم القيامة يقول : لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرَّم الله عليه النار ] [ رواه البخاري ]
الإخلاص أمره عجيب وهو فيصل مهم في عمل المرئ المسلم ، والمتدبر لأحاديث فضل الصيام والقيام في رمضان يلحظ هذا الملمح المهم ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً ) ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً ) ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ) وهذا له دلالته الواضحة على أن الإخلاص في العمل يقود إلى ( غفر له ماتقدم من ذنبه ) .
ثاني الأسباب ( البكاء من خشية الله ) قال صلى الله عليه وسلم : [لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، و لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم في منخري مسلم أبدا ] [ رواه الترمذي وغيره بسند صحيح ] ، والبكاء من خشية الله كما لايخفى سبب في أن يكون المرء تحت ظل عرش الرحمن يوم لاظل إلا ظله ، فالدمعة لله أشرف الدمعات وأرقها وأرقاها ، إنها الدمعة التي تغسل الخطايا والذنوب ، إنها الدمعة التي فيها رضا الرب جل جلاله ، وهي فرصة ونحن في شهر رمضان شهر القرآن وتدبره ، فنحن نقرأه و نسمعه في المساجد وفي وسائل الإعلام المتنوعة ، حري بالمسلم أن يتدبر كلام الله ، وأن يقف عند الآيات وما فيها من العظات فتتحرك القلوب وتتأثر وتخشع، وهناك ليبشر المسلم بالدمعة الخالصة التي تكون لله ومن خشية الله .
أما ثالث الأسباب ، فهو ماجاء في حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم حين قال :[ما سأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة ، و لا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثا إلا قالت النار : اللهم أجره منِّي ] [ رواه الإمام أحمد بسند صحيح] .
إنه الدعاء ، إنه التضرع إلى الله ، إنه الإلتجاء إلى الله ، إنه الوقوف بين يدي الله ، وتعجب حينما يأتي الله سبحانه بتعالى بآية تتحدث عن الدعاء في معرض حديثه عن آيات الصيام ، ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) ولهذا قال الامام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : (وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء ، متخللة بين أحكام الصيام ، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة ، بل وعند كل فطر )
اللهم أدخلنا الجنة ، اللهم أدخلنا الجنة ، اللهم أدخلنا الجنة ، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار ، اللهم أجرنا من النار .